في حياة كل منا حكاية يرويها غيره، وتصبح الحقيقة مبهمة لا يرويها من يسمعها مثل من عاشها.. وحكاية رضا عبده سيدة بورسعيدية ثلاثينية، التي أنهت حياتها، وألقت بنفسها من الطابق التاسع بالأمس من البرج رقم '1' بنك الإسكان والتعمير، بمنطقة الجولف بمحافظة بورسعيد، اختلفت رواية الكثيرين على صفحات التواصل الاجتماعي 'فيسبوك' عن أسباب تخلصها من نفسها، منهم من قال بأنها كانت تتواصل مع إحدى الجمعيات الأهلية للحصول على مساعدات إنسانية ولما ضاق بها الحال ألقت بنفسها من الطابق التاسع، وأجمع الكثير على أنها تمر بحالة نفسية بعد وفاة زوجها منذ ثلاثة أشهر.
'أهل مصر' تسرد القصة كاملة للسيدة التي هانت عليها روحها، ودون وعي قررت أن تلتقي بزوجها فألقت بنفسها من الطابق التاسع.
زوجها عامل دليفرى وأصيب بالكانسر
عاشت رضا في شقة بالحي الإماراتي جنوب بورسعيد حياة سعيدة مع زوجها 'محمود سليم، 37 عامًا'، الرجل الذي يعمل 'دليفري' ويشقى يوميًا من أجل لقمة العيش، وأنجبت طفلين، سليم بالصف الثاني الابتدائي، ويوسف عمره 5 سنوات، لكن فجأة يداهم المرض زوجها، ويصبح طريح الفراش، مصابًا بالكانسر، فقامت الزوجة الوفية بخدمة زوجها سنوات طويلة، تبكي تارة عليه، وتارة أخرى على حالها وحال أولادها، ومع ذلك لم تشتك، ولم تمد يديها للآخرين.
"رضا" لها نصيب من اسمها
وحسب رواية جيرانها بأنها سيدة عفيفة النفس، فمنذ ثلاثة أشهر، وبعد معاناة 3 سنوات مع المرض توفي زوجها مريض الكانسر، وكانت وصيته لها 'يا اسم على مسمى خدي بالك من سليم ويوسف يا اللي كلك رضا'.
عاشت رضا وهي لها نصيب من اسمها، راضية بما قسمه الله لها، لا تتأفف من المسؤولية، فقد أهلها الله سبحانه وتعالى لها منذ سنوات، وأصبحت الأم والأب للصغيرين.
أصيبت بالاكتئاب وحاولت التخلص من نفسها
أصيبت رضا بحالة من الاكتئاب، فأنفاس زوجها في البيت كانت تحميها، وتقويها، وتساعدها على تحمل المزيد من التعب والمسؤولية، وبمجرد أن شعرت بأن روحه ما عادت موجودة بجوارها، ذهبت إلى المطبخ، وقامت بفتح أنبوبة الغاز محاولة منها لإنهاء حياتها، لكن شعر الجيران بتسريب الغاز وأنقذوها من الموت.تنظيف مكان الحادث
طرق باب شقتها أصحاب القلوب الرحيمة لمساعدتها في هذه الأيام الفضيلة، وبالأمس ذهبت رضا لتحصل على مساعدة 'كرتونة' من إحدى الجمعيات الخيرية بالطابق الأول بالبرج رقم '1' بمنطقة الجولف والمكون من 9 طوابق، واصطحبت طفليها في يديها، صعدت إلى الطابق الأول، وجدت طوابير كثيرة، وازدحام كبير في المكان، لم تمر دقائق إلا وصعدت للطابق التاسع وألقت بنفسها من ناحية المناور، وكأنها كانت تحمل الكرتونة التي لم تحصل عليها وألقت بها، لم تشعر المسكينة بأنها تنهي حياتها، وحياة طفليها معها، تركتهما، ولم تعي بأنه لم يكن هناك من يحتويهما، ويحبهما مثلها، تركت طفليها لمصير مجهول، ولو كانت في وعيها ما فعلت ذلك، وربما كانت على ميعاد للقاء زوجها في ذاكرة اللاوعي التي عاشتها بعد وفاته.
سمعنا صوت هبدة
وقال أحمد عبد الله يعمل حارسًا بالبرج الذي ألقت منه رضا بنفسها من الطابق التاسع، أنه لم يشعر بها أثناء صعودها على السلالم لتلقي المساعدة من الجمعية الموجودة بالطابق الأول، ولكنه هو وزوجته شعروا بسقوط شيء من المنور بعد سماع 'هبدة' وتوقعوا سقوط شباك من إحدى الوحدات السكنية بالبرج نتيجة الرياح الشديدة والطقس السيئ، فتوجهوا إلى المنور بسرعة، فوجدوا جثة لسيدة ثلاثينية، فقاموا بسترها بغطاء 'لحاف' وهي لم تكن من سكان البرج، فاتصلوا بالإسعاف، والشرطة على الفور، وحصلوا على روشتة بها أدوية اكتئاب كانت تعاني منها السيدة، كما اتصل رجال الأمن بأشقائها لاستلام الجثة، واستلام أطفالها، المتواجدين بمكان الحادث.
واستقبلت مشرحة مستشفى النصر إحدى مستشفيات هيئة الرعاية الصحية بمحافظة بورسعيد جثة لسيدة تبلغ من العمر 34 عامًا، توفيت إثر سقوطها من الطابق التاسع بمنطقة الجولف.
وتلقى اللواء تامر السمري مدير أمن بورسعيد بلاغًا بالحادث، وجاري تحقيقات النيابة للوقوف على ملابسات الحادث، ووضعت الجثة بالمشرحة لحين عرضها على الطب الشرعي واستخراج تصريح بالدفن.