ads
ads

خرج من بين ألسنة اللهب يردد الحمد لله.. القصة الكاملة لرحيل صالح البانوبي على يد من ربّاه

حريق
حريق

في عزبة مرقص الصغيرة التابعة لمركز الرحمانية بمحافظة البحيرة، يعرف الجميع بيت المهندس صالح حسن أحمد البانوبي، بيت مفتوح للجميع، ورجل يقابل الكبير والصغير بابتسامة دافئة وكلمة طيبة، طيلة سنوات، لم يعرف عنه أهل القرية إلا كرمه الشديد وحرصه على مساعدة الآخرين، حتى أولئك الذين أساءوا إليه.

منذ أكثر من 12 عامًا، احتضن صالح حفيده 'ابن ابنته ' بعد انفصالها عن زوجها، وربّاه كما يربّي الأب ابنه، تكفل بمصاريفه، طعامه، تعليمه، وكسوته، ولم يطلب من والده 'طليق ابنته' جنيهًا واحدًا طوال هذه المدة، لم يتوقف الأمر عند ذلك، بل إن صالح كان هو نفسه من ساعد هذا الشاب 'أحمد حامد البانوبي' في بداية حياته الزوجية، فموّل له مشروعًا من ماله الخاص، ووقف بجواره عندما تعرض لحادث، وتكفل بعلاجه حتى تعافى، لكن الأقدار كانت تخبئ ما لم يتصوره عقل.

يوم الجريمة

كان نهارًا عاديًا، وصالح يستريح في سريره في الطابق الثاني من منزله، زوجته في الخارج تقوم بأعمال المنزل، والهدوء يخيّم على البيت.

فجأة، دوى صوت فتح باب الدور الأول بعنف، ودخل شخص لم تراه منذ أكثر من 12 عامًا، طليق ابنتها، أحمد.

من طيبة قلبها، لم يخطر ببالها أنه جاء ليؤذيهم، ظنت أنه زائر يسأل عن عمه المريض، خصوصًا أنه من العائلة. لكن الحقيقة كانت أبعد ما يكون عن الزيارة.

أخرج من كيس أسود زجاجة مليئة بالبنزين، ورش منها على الزوجة، مهددًا: 'لو اتحركتي أو صرختي، هقتلك'.

ثم بدأ يكب البنزين في أرجاء البيت، متجهًا إلى غرفة النوم حيث يرقد صالح. فتح الباب، وألقى البنزين على جسده وعلى الفراش والجدران، ثم أشعل النار وأغلق الباب خلفه.

في ثوانٍ، تحولت الغرفة إلى جحيم. ألسنة اللهب تتصاعد، والدخان يملأ المكان.

الهروب والاستغاثة

الزوجة، وقد أدركت حجم الخطر، ركضت نحو باب آخر للشقة، ونزلت مسرعة إلى الشارع تصرخ وتطلب النجدة، في الخارج، كان في انتظار المتهم والدته وعمه، ليأخذوه ويفروا به من المكان.

المعجزة التي أذهلت الجميع

في مشهد سيظل محفورًا في ذاكرة كل من رآه، فُتح باب الغرفة المشتعلة، وخرج صالح بنفسه، يمشي على قدميه، رافضًا أن يساعده أحد. كان يسير بخطوات ثابتة نحو السلم، نازلًا إلى الشارع، ثم إلى سيارة الإسعاف التي وصلت على الفور.

الأطباء أكدوا لاحقًا أن 80% من جسده كان مصابا بحروق من الدرجة الثالثة، وأن جهازه التنفسي وأحباله الصوتية تأثرا من استنشاق البنزين، ما يجعل الكلام شبه مستحيل. ومع ذلك، كان صوته قويًا وهو يردد: 'الحمد لله… لا إله إلا الله'.

كان يطمئن زوجته وأولاده واحدًا تلو الآخر، وكأنه يودعهم دون أن يشعروا. لم ينطق بكلمة 'آه' واحدة، ولم يشتكِ من ألم، وعندما سُئل عن من أحرقه، قال بهدوء: 'الله يسامحه'.

الرحيل ووصية الشهيد

بعد أيام قليلة، رحل صالح متأثرًا بإصاباته، وسط حزن عميق من أهل القرية الذين نعوه بعبارات مليئة بالحب والاحترام، أسرته تصفه اليوم بـ'الشهيد'، ليس فقط لأنه مات حرقًا، بل لأنه ظل حتى آخر لحظة في حياته قويًا، شاكرًا، مسامحًا.

ابنته فاطمة تقول إنها أخذت عهدًا على نفسها أن تنفذ وصية والدها وتحفظ الأمانة، لكنها لن تتوقف حتى يتم القصاص العادل من القاتل الذي خطط لجريمته بدقة، وجاء لينزع الرحمة من قلبه، ويقتل من كان سببًا في وقوفه على قدميه من جديد.

غضب ودعوات للقصاص

أهالي القرية اليوم لا يتحدثون فقط عن مأساة أسرة البانوبي، بل عن ضرورة ردع كل من يفكر في ارتكاب جريمة مشابهة.

بالنسبة لهم، صالح لم يكن مجرد جار أو قريب، بل كان مثالًا للرجل الطيب الذي لا يرد السائل، ولا يتأخر عن خدمة أحد.

WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً