خرج المهندس حماده أحمد محمود حموده من القاهرة يوم الاثنين الماضي متجهاً إلى دمياط لحضور فرح أحد أقاربه بمدينة كفر البطيخ.. لكنه لم يعد.
كان على تواصل دائم مع زوجته ووالدته طوال الطريق، يطمئنهما بين الحين والآخر، إلى أن جاءت المكالمة الأخيرة في تمام الثامنة وثلاث وثلاثين دقيقة مساءً من مدينة بورسعيد.
قال لوالدته: 'متقلقيش يا أمي.. خلال نص ساعة هكون عندكم في الفرح.'، لكن النص ساعة مرت، ثم ساعة، ثم ثلاث ساعات.. ولم يصل 'حمادة'.
خبر يقطع الانفاس الاخيرة
بدأ القلق يتسلل إلى قلوب الجميع، أشقاؤه انطلقوا للبحث عنه في كل مكان، المستشفيات، أقسام الشرطة، الطرق السريعة.. لا أثر له، وكأن الأرض انشقت وابتلعته.
ثلاثة أيام كاملة من القلق والعذاب والانتظار، حتى جاء الخبر الذي قطع أنفاس الأسرة، اتصال أمن بورسعيد، يخبرهم بالعثور على سيارة بدون لوحات، وطلب الحضور للتعرف عليها ، ذهب شقيقه، متشبثًا بخيط أمل، لكن ما رآه هناك أنهى الأمل تمامًا.
توقيع عقد مشروع جديد
في منطقة بحر البقر، وتحديدًا تحت الرمال، عُثر على جثمان مجهول الهوية، مدفونًا بعناية ومغطى بالقش، لم يكن هناك ما يدل على صاحب الجثمان، إلا حذاء، وملابس، ودبلة منقوش عليها اسم زوجته.
كانت النهاية الفاجعة، إنه هو حمادة أحمد محمود، شاب خُلق من الطيبة، لم يعرف طريق العداء، عُرف بعمله الدؤوب في مجاله الهندسي، وكان في حوزته قبل اختفائه مبلغ من المال بعد توقيع عقد مشروع جديد، إضافة إلى سيارته الخاصة وجهاز الحاسب المحمول.
هاتف المحمول السر
تم العثور على الجثمان مطعونًا بعدة طعنات متفرقة، ترك خلفه زوجة مكلومة وثلاث بنات في عمر الزهور، ووالدة لم تعد تملك سوى الدعاء والدموع.
كل المؤشرات تثير الشكوك، هل كان الهدف السرقة فقط؟، ظهر هاتفه المفقود بين المسروقات، فلم يكد القاتل يلتقط أنفاسه بعد جريمته حتى باع الهاتف، ظنًا منه أنه سيذيب أثر الجريمة كأنما يمسح لوحة على الجدار، لكن تحريات المباحث، الدقيقة والصارمة، أنجزت ما لم يره القاتل في حساباته، أثر الهاتف قاد إلى مشتري، والمشتري بدوره دلّ على بائع، لتصل المباحث إلى الجاني.
الشهامة وراء ارتكاب الجريمة
حيث بدأت خيوط الجريمة تتضح، حيث أثناء توجه المهندس حماده لحضور حفل زفاف أحد أقاربه، وخلال وسيره بسيارته على طريق محور 30 يونيو، توقف لتزويد سيارته بالوقود في إحدى محطات البنزين، اقترب منه أحد الأشخاص، عامل، وطلب منه أن يوصله إلى محافظة بورسعيد، فاستجاب المهندس لطلبه، وبعد دقائق من انطلاق الرحلة، استل الراكب سكينًا وطالب المهندس بترك السيارة وتسليمه ما معه من متعلقات، لكن المجني عليه حاول مقاومته، فقام الجاني بتسديد عدة طعنات نافذة في الصدر، ليسقط المهندس غارقًا في دمائه داخل السيارة، ثم أوقفها في طريق فرعي على محور 30 يونيو، وألقى الجثة خارجها، قبل أن يدهس رأس الضحية بالإطارات للتأكد من وفاته.
استولى القاتل على سيارة الضحية وهاتفه المحمول وجهاز اللاب توب ومبلغ مالي وجميع متعلقاته، ولاذ بالفرار.
ونجحت الأجهزة الأمنية بمحافظة بورسعيد من حل لغز مقتل المهندس حمادة، وقاموا بمداهمة مكان اختباء المتهم وضبطه، كما تمكنت من استعادة السيارة المسروقة وكافة المتعلقات الشخصية الخاصة بالمجني عليه.
اعترف المتهم تفصيليًا أمام رجال المباحث بارتكابه الواقعة، وتم تحرير المحضر اللازم بالواقعة، وأُحيل المتهم إلى جهات التحقيق التي تباشر استجوابه، تمهيدًا لإحالته إلى محكمة الجنايات.