




عندما تترجل وسط شوارع قرية المراشدة شمال محافظة قنا، تجد العم إبراهيم أحمد عمر، الشهير بـ“إبراهيم أبو الطبل”، صاحب الثمانين عامًا، يجلس وراء قدر الفول النابت الذي رافقه لأكثر من نصف قرن، ليصنع منه وجبة الفقراء والمساكين، التي يصفها دائمًا بأنها “لحمة الغلابة اللي بتخلي المريض يصحى ويفوق”.
يبدأ “أبو الطبل” يومه بعد صلاة الفجر، يحمل أدواته البسيطة ويتجه إلى كوبري المراشدة أو إلى سوق الخميس، ليبدأ رحلة العمل التي تمتد حتى ساعات العصر، في مساحة لا تتعدى مترًا في متر، لكنها تضم بين جنباتها عبق السنين ورائحة الخير.
يتوافد عليه المزارعون والسائقون والأطفال، يتشاركون طبق الفول النابت الممزوج بـ“القرقوش” والتدبيلة المميزة، في مشهد يعكس دفء القرية وروح البساطة في فصل الشتاء.
يقول العم إبراهيم، زبائني من كل مكان، في ناس بتيجي من بعيد مخصوص عشان طبق النابت والسيرة الحلوة اللي بتدور حواليه.
بدأ “أبو الطبل” رحلته مع المهنة قبل 55 عامًا، ليساعد أسرته في أعباء المعيشة، ويتذكر أول طبق باعه في أواخر الستينيات حين كان السعر “تعريفة” فقط، ثم ارتفع إلى قرشين في السبعينيات، قبل أن تتبدل الأحوال وتزداد الأسعار.
ورغم معاناته مع إرتفاع تكاليف البقوليات و التوابل، لا يزال متمسكًا بمهنته التي يراها سر سعادته ومصدر رزقه الحلال.
وعن سر المذاق المميز، 'يروي بفخر' بنقع الفول 8 ساعات في الصيف و12 في الشتاء لحد ما ينبت، وبعدين أضيف له الثوم والملح.. هو ده سر النكهة اللي خلت الناس تحبه.
يختم “أبو الطبل” حديثه بابتسامة راضية،الحمد لله على مهنة رزقتني وساعدتني أربي أولادي، الفول النابت مش مجرد أكلة، دي حكاية كفاح وذاكرة ناس بسيطة.