الأمريكيون في انتظار توفير الوظائف وحمايتهم من كورونا.. والعرب يأملون في تخفيف الدعم لإسرائيل
يحتاج الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن إلى ترتيب أولوياته بعد الأحداث الصعبة التي مرت بها الولايات المتحدة الأمريكية واقتحام مبنى الكابيتول من المئات من أنصار الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب بهدف منع أعضاء الكونجرس من التصديق على نتائج الانتخابات الرئاسية.
فبايدن بات الآن مضطرًا لتنظيم البيت الأمريكي من الداخل للتخلص من المعوقات التي قد تشكل له خطرًا مستقبليا أثناء إدارته للبلاد، والتي تسببت فيها سياسات ترامب.
وترامب يغادر الآن السلطة وهناك 300 ألف مواطن أمريكي توفوا بسبب إهماله في مواجهة فيروس كورونا، بخلاف 4 ملايين مصاب معرضين للموت في أي لحظة، بخلاف أدائه الكارثي في إدارة السياسة الخارجية للبلاد، والذي تسبب في مضاعفة أعداء الولايات المتحدة.
فلأول مرة يجد رئيس أمريكي نفسه مضطرًا لحكم شعبين بسبب حالة الانقسام والاستقطاب الحاد الذي تسبب فيه ترامب، مما يشكل عبئًا قويًا على بايدن في إعادة ثقة المواطن الأمريكي في النظام السياسي.
أولى هذه الأزمات التي يقع على عاتق بايدن وضع حلول لها، هي وباء كورونا الذي عصف بأرواح آلاف الأمريكيين والذي يتطلب تشريع حازم لمواجهته، ووضع مجموعة من الحلول الاقتصادية لحل أزمة الركود الاقتصادي التي هددت اقتصاد الولايات المتحدة بفعل وباء كورونا، وتعهد بايدن بوضع مشروع قانون سيتم إعداده من الكونجرس يحدد جميع الموارد التي يحتاجها القطاع الصحي لمواجهة كورونا.
وفي ذات الإطار سيحاول بايدن إصلاح علاقة الولايات المتحدة بعد انسحاب دونالد ترامب من المنظمة بعد حملة عنيفة شنها ضدها خلال العام الماضي، والتي شملت اتهامات لها بعد الكفاءة والتواطؤ مع الصين فيما يتعلق بأسباب انتشار كورونا في العالم.
وسيحاول بايدن التصدي لعدد من التخفيضات الضريبية التي منحها ترامب للشركات الأمريكية، بخلاف توجيهه لمضاعفة الجهود لوضع حد للبطالة التي باتت تهدد الملايين من الأمريكيين بعد إلغاء 10 ملايين وظيفة بفعل تداعيات الجائحة.
وفيما يتعلق بعلاقات الولايات المتحدة خارجيًا سيحاول بايدن العودة سريعًا لاتفاق باريس للمناخ أحد أهم نجاحات الرئيس السابق أوباما والذي كان بايدن نائبًا له.
الرئيس الأمريكي يواجه إيران بـ «حلف عربي سني».. وإسرائيل تستغل الفرصة لتقليم أظافر طهران
كما سيحاول بايدن العودة إلى الاتفاق النووي الذي لعب دورًا حاسمًا في حسمه عندما كان نائبًا لأوباما، حيث يعتبر الرئيس الأمريكي الجديد أن الملف الإيراني هو أكثر الملفات الدولية تعقيدًا ولابد من حسمه وحل الأزمة التي تسبب فيها سلفه ترامب بعد انسحابه من الاتفاق النووي عام 2018.
وبعيدًا عن الأصوات التي تنادي بشن حرب كبرى ضد طهران، فصوت العقل يشير إلى أن بايدن لن يختلف كثيرًا عن ترامب في هذا الشأن حيث التزم بمبدأ الضغط على طهران واكفتى بعملية نوعية تمثلت في اغتيال قاسم سليماني، متلافيًا رد انتقامي من الأذرع المليشاوية لإيران.
وقد تتوسع إسرائيل خلال فترة بايدن في ضرباتها الموسعة ضد الوجود الإيراني في سوريا، طمعًا في تقليم أظافر إيران في المنطقة والحد من انتشار مليشياتها التي باتت تهدد مصالح أمريكا وإسرائيل معًا.
وبعيدًا عن الاتفاق النووي الذي تعارضه إسرائيل، سيعمل بايدن على دعم تكوين حلف سني معتدل في مواجهة إيران، ولعل اتفاق العلا يؤكد نية بايدن في ترسيخ المحور المعادي لإيران في منطقة الشرق الأوسط والذي يشمل دول عربية سنية بجوار إسرائيل.
صدام منتظر مع الاحتلال بسبب القضية الفلسطينية.. وبايدن يكبح جماح التوسع الاستيطاني
وستعمل إسرائيل جاهدة في إقناع إدارة بايدن بضرورة التواجد الأمريكي في الشرق الأوسط حتى لو تم تفعيل المحور السني، خوفًا من انسحاب أمريكي من مواقع في العراق وسوريا يقابله تمدد إيراني يشكل خطرًا على تل أبيب.
وبالحديث عن العلاقات الأمريكية الإسرائيلية نجد أن أكثر الدول التي شعرت بالصدمة لرحيل ترامب هي إسرائيل، حيث نالت في عهده دعم مطلق وغير محدود، وتبرز المخاوف في اعتقاد المؤسسة العسكرية الإسرائيلية أن القضية الفلسطينية تمثل الملف اللذي من المتوقع أن يكون محل خلاف كبير من إدارة بايدن، والتي ورغم أنه من غير المتوقع أن تدير العجلة إلى الوراء وتلغي نقل السفارة الأمريكية من واشنطن أو اعتراف الأخيرة بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان فإنها، ستفتح مجددا مسألة حل الدولتين وانسحاب إسرائيل إلى خطوط عام 67.
وتتوقع إسرائيل أن إدارة بايدن لن تخفي معارضتها للمخططات الاستيطانية الإسرائيلية والتي توسعت بشكل كبير في تنفيذها خلال ترامب، ولعل حديث رئيس الحكومة الفلسطيني محمد اشتية، عن أمله في أن يتدخل الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن وإدارته والمجتمع الدولي للجم الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة وحماية "حل الدولتين"، يشير إلى توقع الجميع حدوث أزمة بين بايدن وإسرائيلي في الملف الفلسطيني.
وبات واضحًا أن الحكومة الإسرائيلية ستواجه صعوبة كبيرة في التكيف مع إدارة جو بايدن الجديدة، أولها لأن سياسة الخارجية تختلف كليًّا عن إدارة ترامب؛ وثانيها لأنه يُنظر إلى الحكومة الإسرائيلية في الولايات المتحدة أنها من معسكر ترامب، ولأن نتنياهو لديه تاريخ من المواجهات المتضاربة مع إدارة أوباما الديمقراطية، التي كان بايدن إبانها نائبًا له.
ومن المتوقع حدوث مواجهات في الحكومة الإسرائيلية مع الإدارة الأمريكية القادمة بشأن مزيد من القضايا الخلافية، ومنها الوضع في الضفة الغربية، واحتمال تنفيذ عملية عسكرية كبيرة في قطاع غزة، مع أن الجدل في القضايا المذكورة لن ينشأ على الفور، إذ ستنتظر الإدارة الجديدة في واشنطن بضعة أشهر قبل الشروع بجدية في محاولة حل الصراع مع إيران، أو الخوض في القضية الفلسطينية.
ترويض التنين.. بوادر تعاون تجاري بين الصين وأمريكا لتخفيف حدة التوتر
وثمة توقع كبير بين كثير من خصوم واشنطن بأن تنصيب بايدن سيؤدي إلى تبني الرئيس الجديد لهجة أقل تصادمية مع العالم الخارجي مقارنة بسلفه ترمب.
ويأمل حكام الصين، على سبيل المثال، في «انخراط بايدن في نوع من الصفقات التجارية التي لا معنى لها والمحبوبة للغاية من جانب سلفه الديمقراطي باراك أوباما»، وفق التحليل.
وهذه هي الصفقات التجارية التي توافق فيها واشنطن على تحسين العلاقات التجارية مع بكين على أساس أن الصين تعالج العلاقة التجارية غير العادلة بين البلدين، «مع علمها جيداً بأن الحكام الشيوعيين في الصين ليست لديهم أي نية على الإطلاق للوفاء بالغاية من المساومة.
وألمح بالفعل الرئيس المنتخب جو بايدن، سابقا إلى أنه قد يستمر في السياسة المتبعة حيال الصين، في حين تراود الجمهوريين والديمقراطيين المخاوف نفسها بشأن الأمن القومي.
وفي أوائل ديسمبر، أكد جو بايدن نيته اعتماد موقف حازم حيال الصين من خلال تشكيل جبهة موحدة مع الحلفاء التاريخيين للولايات المتحدة، مثل الاتحاد الأوروبي، في تغيير في الإستراتيجية، وليس في السياسة، ما يشير إلى إيمان بايدن بضرورة تخفيف التوتر مع الصين دون إغفال التهديد الذي تشكله على مستقبل الولايات المتحدة كقوى عظمي في العالم.