صواريخ القسام تدُك تل أبيب في أول أيام 2024.. رعب في إسرائيل واحتفاء عربي
خبراء: جيش الاحتلال اعترف بشكل عملي بأنه لم يعد بمقدوره مواصلة القتال في غزة
لا ينكر عاقل أن جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي قرر خوض حرب شاملة ضد الفصائل الفلسطينية والمدنيين منذ السابع أكتوبر الماضي، قد سقط بالفعل في وحل غزة ويسعى حاليا لإيجاد مخرج للخروج الآمن من القطاع، وإقناع شعبه بانتصار وهمي، بعد أن تكشفت حقائق الخسائر التي تكبدها منذ بدء هجومه الهمجي وإصراره على استهداف المدنيين العزل.
ويسود الرأي العام العالمي فكرة أن النصر الوحيد الذى حققه جيش الاحتلال، هو تحقيق المزيد من القتل وارتكاب المجازر وتوسيع دائرة الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين العزل، فى كل يوم يمر على هذه الحرب الانتقامية الضارية وسط صمت دولي، ولم ينجح جيش الاحتلال في تحقيق أي أهداف داخل غزة، غير تحويل القطاع إلى أنقاض، بسبب استهدافه الممنهج للبنى التحتية.
في المقابل، نجحت حركة حماس في تنفيذ عملية طوفان الأقصى، التي تصنف واحدة من أهم وأقوى العمليات التي تم تنفيذها ضد الاحتلال الإسرائيلي طوال تاريخ الصراع، وتمكنت حركة حماس من تحقيق عدة أهداف استراتيجية واضحة، يأتي على رأسها إحراج جيش الاحتلال وزلزلة أركانه الكيان وأحدثت هزات ضخمة داخله، ونتج عن كل ذلك تحطيم صورة الجيش الذي لا يقهر، وبالتالي فقد مكانته الاستراتيجية إقليميا ودوليا، وكذلك فقد ثقة المجتمع الإسرائيلي بقدرة ذلك الجيش على حمايته.
كما نجحت حماس في لفت العالم من جديد نحو القضية الفلسطينية وحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم، إضافة إلى لم شمل الفلسطينيين في الداخل والخارج حول حماس والمقاومة، وباتت حماس أكثر شعبية في الداخل الفلسطيني، وارتفعت ثقة الفلسطينيين بالمقاومة ومطالبها، وأصبح الجميع يدرك الآن أن المقاومة هي القادرة على تحقيق اهداف الشعب الفلسطيني وليس مسار التسوية المذل.
وبعد عناد طويل من الاحتلال وإصراره الوهمي على تحقيق جميع أهدافه التي أعلنها قبل بدء الحرب على قطاع غزة، تمكنت المقاومة من إجبار الاحتلال على وقف عدوانه والالتزام بهدنة مؤقته بعدما ظل يرفض لأكثر من 40 يوما. وبذلك نجحت المقاومة الفلسطينية في تحرير العشرات من الأسرى النساء والأطفال من داخل سجون الاحتلال، وتحول مشهد تحريرهم في الضفة الغربية إلى نصر مؤزر للمقاومة.
وفي نهاية عام 2023 وبعد 85 يوميًا من الحرب، والخسائر الفادحة في صفوف الأفراد والمعدات، التي تلقاها جيش الاحتلال، اعترف رئيس أركان جيش الاحتلال الاسرائيلي السابق دان حالوتس بأن "إسرائيل خسرت الحرب ضد "حماس"، وأن صورة النصر الوحيدة التي ستتحقق هي الإطاحة برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو".
وقال حالوتس، "إنه لن تكون هناك صورة نصر، 1300 قتيل، و240 اسيرا، منهم من أعيدوا، و200 ألف لاجئ. وستكون صورة النصر عندما يتنحى نتنياهو".
وحذر رئيس الأركان السابق من حرب داخلية قائلا: "سيكون صراعا صعبا، وإذا نجحنا، فقد تراق الدماء في الشوارع لأن كتائب بن غفير مسلحة بالفعل، لكننا لا نستطيع أن نستسلم بسبب هذه الحقائق".
ويأتي اعتراف حالوتس، في ظل الاعترافات الرسمية المتوالية من جيش الاحتلال، بسقوط ضباطه وجنوده، خلال المعارك العنيفة مع المقاومة قطاع غزة، وذلك رغم مواصلة الاحتلال الإسرائيلي شن الغارات العنيفة التي يستخدم فيها الأسلحة المحرمة دوليًا، ضد المقاومة الفلسطينية والمدنيين في غزة، بمساندة أمريكية وأوروبية، حيث تستهدف طائراته محيط المستشفيات والبنايات والأبراج ومنازل المدنيين الفلسطينيين وتدمرها فوق رؤوس ساكنيها، ويمنع دخول الماء والغذاء والدواء والوقود أيضًا.
وترى صحيفة هآرتس الإسرائيلية، أن إسرائيل وضعت نفسها في "مأزق استراتيجي" بسبب الحرب التي قررت خوضها في السابع من أكتوبر الماضي ضد حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة، مشيرة إلى أن تكلفة تلك الحرب تجاوزت 18 مليار دولار حتى الآن، في الوقت الذي تجددت فيه صراعات إسرائيل معحزب الله إلى الساحة الإقليمية من جديد.
ويقول الكاتب عاموس هاريل، إن إسرائيل مهددة بأن تواجه حرب استنزاف داخل قطاع غزة، مشيرًا إلى أن أن الجيش الإسرائيلي يعتمد على تحقيق إنجاز تراكمي وتدريجي بطيء، وذلك من خلال استهداف المزيد من الآبار والأنفاق وتفجيرها، واستهداف عناصر المقاومة الفلسطينية، وتدمير ذخيرتهم القتالية، بهدف القضاء على قدرات حماس العسكرية، ولكن ضمن هذه المعادلة فإن للرأي العام الإسرائيلي أهمية وثقلا، إذ أن بعضهم يتأثر سلباً بتزايد الخسائر الإسرائيلية ويشعر بأن الإنجازات أقل.
وترى وسائل إعلام الاحتلال، أن الجيش الصهيوني أصبح محاصر داخل قطاع غزة، معتبرة أنه مر ما يقرب من 3 أشهر على بداية الحرب داخل القطاع، إلا أن الوضع الحالي في غزة متوتر. وأينما توجهت ترى أن إسرائيل عالقة، ومن المرجح أن يزداد الوضع سوءا.
وترى صحيفة "آفتاب يزد"، أن جنود جيش الاحتلال يحققون "انتصارات تكتيكية" فقط، مثل اكتشاف الأنفاق وجمع الأسلحة، مشيرة إلى أنه مع افتراض أن هذه الحرب ضد جماعة فدائية، إلا أن "هذه الانتصارات الإسرائيلية لا تضمن هزيمة حماس".
ولفتت الصحيفة إلى أن الخسائر اليومية في صفوف جيش الاحتلال، بالإضافة إلى حوادث مثل إطلاق النار على الرهائن الإسرائيليين عن طريق الخطأ، قد خلق ضغوطا لن تتمكن إسرائيل من الصمود أمامها على المدى البعيد.
من جانبه أكد المفكر الأمريكي تيلر كوين أستاذ قسم الاقتصاد بجامعة جورج ماسون أن الدرس الأبرز في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، هو أن القدرة على الردع لم تعد بنفس القوة التي كنا نتصورها، وأن الإصرار مع إيمان المرء بقضيته وتشبثه بالدفاع عنها يمكن أن يتفوق على القوة العسكرية الكاسحة للخصم.
وأضاف كوين أن الجيش الإسرائيلي أقوى كثيراً من حركة حماس وهو ما يظهر حالياً على الأرض، ومع ذلك لم تمنع قوة هذا الجيش، حماس من مواصلة ضرباتها داخل إسرائيل، في الوقت نفسه.
وفي أول أيام يناير 2024، سُمع دوي صفارات الإنذار فجر الاثنين في محيط مدينة تل أبيب وسط إسرائيل وغلاف غزة، بعد رشقة صاروخية مفاجأة أُطلقت من قطاع غزة.
ودعت الجبهة الداخلية التابعة للجيش الإسرائيلي المواطنين الإسرائيليين إلى البقاء في أماكن آمنة.
ونقلت إذاعة الاحتلال عن مصادر عسكرية قولها إن الرشقة الصاروخية اشتملت على 25 صاروخا على الأقل أطلقت باتجاه قرى غلاف غزة ووسط إسرائيل. فيما لم تعلن أي مصادر عن وقوع ضحايا أو التسبب بأضرار.
وكانت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، قد أعلنت مسؤوليتها عن إطلاق الرشقة الصاروخية باتجاه منطقة تل أبيب والساحل، مضيفة أن "غزة أطلقت صواريخ العام الجديد".
وأشارت حماس إلى أنها أطلقت أكثر من 20 صاروخا نحو تل أبيب وسط إسرائيل، من بينها صواريخ طويلة المدى من طراز M-90 يصل مداها 90 كيلومترا بحسب حماس.
وأعلنت سلطة الإسعاف الإسرائيلية أنها لم تبلغ عن وجود أي إصابات.
وفي ذات السياق، أكد الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء فايز الدويري أن قرار جيش الاحتلال بالانسحاب من مناطق ذات أهمية استراتيجية في قطاع غزة، لايعني غير أنه يريد الهروب من حرب خاسرة وفاشلة، مشيرًا إلى أن مصطلح الانسحاب لم يكن ضمن الخطة الإسرائيلية المعلنة منذ بداية الحرب على غزة بعد عملية طوفان الأقصى، لأن كل الحديث كان عن القضاء على حماس وتحرير الأسرى احتلال القطاع وتهجير سكانه.
وتوقع الدويري، أن يضطر جيش الاحتلال إلى الانسحاب من مناطق جديدة في قطاع غزة خلال الأيام المقبلة بعد الخسائر التي تكبدها هناك.
كما تحدث الدويري عن خطة جيش الاحتلال التي تقضي بالانكفاء والانسحاب من المناطق والأحياء التي تشهد قتالا عنيفا في القطاع، مثل مناطق الشيخ رضوان وجبل الريس والتفاح والدرج، مشيرًا إلى نتائج الاشتباكات في تلك المناطق هي نفس نتائج القتال في مخيم جباليا والشجاعية، والتي تكبد فيها العدو خسائر فادحة في الأفراد والمعدات.
وقرر جيش الاحتلال "الإسرائيلي" تسريح 5 ألوية قتالية من غزة، وتوقعت تقارير إعلامية إسرائيلية أنه وفقا لتطورات الاشتباكات الدائرة في غزة، فمن المتوقع تسريح قوات إضافية خلال الأسبوع المقبل.
وكان جيش الاحتلال قد قرر سحب لواء "جولاني"، من قطاع غزة في 21 ديسمبرالماضي، ليلتقط أنفاسه بعد تكبده خسائر فادحة، وصلت إلى ربع قواته تقريبًا.
ويرى محللون أن هذه القرارات، تُمثل اعترافًا عمليًا من جيش الاحتلال، بأنه لم يعد بمقدوره أن يواصل القتال ضد المقاومة الفلسطينية بنفس الزخم السابق، بعد عجزه عن تحقيق أي هدف من أهداف حربه في القطاع، رغم كل الدعم الذي يتلقاه من الغرب وأمريكا، على مدى 3 أشهر متوالية.
وبحسب خبراء عسكريين، فإن الجيوش النظامية عادة لا تتخذ قرار سحب ألويتها وكتائبها إلا بعد تكبدها خسائر أكثر من 40% من تشكيلها، بينما قالت صحف الاحتلال إن الانسحاب جاء لما أسمته "إعادة تنظيم الصفوف وإنعاش القوات".