يتحرج بعض الرجال وبعض النساء من الاغتسال من الجنابة في البرد الشديد، فهل يمكن للمحتلم الرجل أو للسيدة التي عليها جنابة أن تتطهر بغير اغتسال؟ وما هى شروط ذلك ؟ وكيف يكون التطهر من الجنابة بدون اغتسال بالماء ؟ حول هذه الأسئلة ذهب جمهور العلماء إلى أنه من الواجب على من أصابته جنابة وأراد الصلاة أن يغتسل بالماء ؛ لقوله تعالى : ( وإن كنتم جنبا فاطهروا ) ، فإن عجز عن استعمال الماء لكونه غير موجود ، أو وجده وكان في استعماله ضرر لمرضه ، أو لشدة البرد - وليس عنده ما يسخنه به فإنه يعدل عن الاغتسال بالماء إلى التيمم بالتراب ؛ لقوله تعالى : ( وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا ) .
وعلى ذلك فقد ذهب جمهور العلماء إلى أنه في الآية دليل على أن المريض الذي يضره استعمال الماء كأن يؤدي الاغتسال إلى الموت أو زيادة المرض أو تأخير شفائه أنه يتيمم , وقد بين الله تعالى كيفية التيمم فقال : ( فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه ) وبين حكمة هذا التشريع فقال : ( ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون ) كما جاء عن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال : احتلمت في ليلة باردة في غزوة " ذات السلاسل " فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك ، فتيممت ، ثم صليت بأصحابي الصبح ، فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب ؟ فأخبرته بالذي منعني من الاغتسال وقلت : إني سمعت الله يقول : ( ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما ) ، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل شيئا .
التسخين أو غيرهما من الطرق التي تمكنك من الوضوء الشرعي بالماء ، فإن عجزت وكان البرد شديدا ، وفيه خطر عليك ، ولا حيلة لك بتسخينه ولا شراء شيء من الماء الساخن ممن حولك : فأنت معذور ، ويكفيك التيمم ؛ لقول الله تعالى : ( فاتقوا الله ما استطعتم ) وقوله سبحانه : ( فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه ) .