قال الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم: إن بيت رسول الله كان بيتًا عاديًا أشبه بحياة أهل الريف، فكانت حياة هانئة بسيطة غير متكلفة يملؤها الدفء والمحبة، حياة فيها ذِكر وشكر لله.
وخلال لقائه الرمضاني اليومي في برنامج "مكارم الأخلاق في بيت النبوة" مع الإعلامي حمدي رزق، الذي عُرض على فضائية صدى البلد، اليوم، أكد علام أن منظومة القيم الأسرية رسمها الشرع الشريف وهي ظاهرة وواضحة في القرآن والسنَّة النبوية المطهرة بكل أبعادها، وطبَّقها النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم تطبيقًا عمليًّا يجب أن نسير عليه، خاصة وأن النموذج النبوي وما تعلَّمه منه الصحابة الكرام فيما يتعلَّق بالأسرة والتربية وتعامل الأزواج مع بعضهم هو النموذج الأمثل في التعامل مع الأبناء، فقد كان صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله يعيش زوجًا وأبًا مثاليًّا، فيشارك في أعمال البيت مشاركة كاملة، وكان كثير الرفق بأمهات المؤمنين ولم يكن فظًّا غليظًا معهن أبدًا.
ولفت المفتي النظر إلى أن السيدة فاطمة رضي الله عنها كانت شديدة التعلُّق بأبيها والحب له، وكانت على علاقة طيبة بالسيدة عائشة تقوم على الاحترام المتبادل والود والمحبة، وللسيدة فاطمة مكانة عظيمة في قلب أبيها صلى الله عليه وآله وسلم، فعن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: "مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَشْبَهَ سَمْتًا وَدَلًّا وَهَدْيًا بِرَسُولِ اللَّهِ فِي قِيَامِهَا وَقُعُودِهَا مِنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"، قَالَتْ: "وَكَانَتْ إِذَا دَخَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ إِلَيْهَا فَقَبَّلَهَا وَأَجْلَسَهَا فِي مَجْلِسِهِ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ عَلَيْهَا قَامَتْ مِنْ مَجْلِسِهَا فَقَبَّلَتْهُ وَأَجْلَسَتْهُ فِي مَجْلِسِهَا، فَلَمَّا مَرِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَتْ فَاطِمَةُ فَأَكَبَّتْ عَلَيْهِ فَقَبَّلَتْهُ ثُمَّ رَفَعَتْ رَأْسَهَا فَبَكَتْ، ثُمَّ أَكَبَّتْ عَلَيْهِ ثُمَّ رَفَعَتْ رَأْسَهَا فَضَحِكَتْ"، فَقُلْتُ: "إِنْ كُنْتُ لَأَظُنُّ أَنَّ هَذِهِ مِنْ أَعْقَلِ نِسَائِنَا فَإِذَا هِيَ مِنَ النِّسَاءِ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ لَهَا: أَرَأَيْتِ حِينَ أَكْبَبْتِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَفَعْتِ رَأْسَكِ فَبَكَيْتِ ثُمَّ أَكْبَبْتِ عَلَيْهِ فَرَفَعْتِ رَأْسَكِ فَضَحِكْتِ، مَا حَمَلَكِ عَلَى ذَلِكَ؟" قَالَتْ: "إِنِّي إِذن لَبَذِرَةٌ، أَخْبَرَنِي أَنَّهُ مَيِّتٌ مِنْ وَجَعِهِ هَذَا فَبَكَيْتُ، ثُمَّ أَخْبَرَنِي أَنِّي أَسْرَعُ أَهْلِهِ لُحُوقًا بِهِ فَذَاكَ حِينَ ضَحِكْتُ" رواه الترمذي.
وأكد المفتي أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يدقق كثيرًا في اختيار أزواج بناته فاختار أفضل الرجال لهن، وعن معيار اختيار أحد الطرفين للآخر قال فضيلة مفتي الجمهورية: "ففي جانب المرأة أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببواعث الناس عادة على الإقدام على الزواج، محفزًا المقبلين على هذا الأمر إلى أن يكون الدين -بمعنى الأخلاق والتربية الحسنة- مطمح أمرهم فيما يأخذون ويتركون؛ إذ الزواج شأن يدوم أمره وتزداد أهميته، وذلك في قوله: "تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين، تربت يداك" (متفقٌ عليه)، و"تربت يداك" كلمة جارية على ألسنة العرب يقصدون بها التحفيز وإثارة الكوامن نحو فعل الصالح للإنسان".
وأردف قائلًا: وفي هذا إشارة قوية لضرورة وجود صفات الأصالة والقيم والمبادئ المعبَّر عنها بالدين، ولا مانع من امتزاجها بغيرها، ولكن لا يمكن بحال الاستغناء عن الدين والقيم.