فتح حادث انتحار موظف شركة تيلي بيرفورمانس، المتخصصة في تقديم خدمات إدارة خدمة العملاء للمؤسسات والشركات، النار على تدني مستوى بيئة العمل في الشركات العاملة بمجال التوظيف وخدمات التعهيد، حيث ألقى 'نور.أ' 42 عاماً بنفسه من الطابق الثالث بفرع الشركة بمنطقة التجمع.
مؤشر كيرني: المصريون الأقل أجراً بخدمات الكول سنتر
وطبقاً لمؤسسة الأبحاث “IDC” هناك نحو 240 ألف مواطن يعملون فى مصر بمجال خدمات التعهيد وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات العابرة للحدود، وهناك 100 دولة تقدم مصر لها خدمات التعهيد ومراكز الاتصال بـ20 لغة مختلفة، وتصل نسبة استحواذ مصر الحالية على صناعة خدمات التعهيد عالميًّا إلى 17%، وتحتل مصر مركز الأول إقليميًّا وقاريًّا، والـ15 عالميًّا في مؤشر كيرني لـ”مواقع الخدمات العالمية”.
ويأتي ذلك اعتمادًا على عدة عوامل تنافسية تكمن في الكوادر البشرية المدرَّبة والموقع الجغرافي المميز وانخفاض المقابل المالي، مقارنة بغيرها من الدول الأخرى، حيث سعت الدولة إلى زيادة العائدات من هذه الصناعة عبر التوسع فى إنشاء المدن التكنولوجية فى المحافظات وتوفير التدريب وفرص العمل.
مدير توظيف: الرفد لمن يعترض
وقال مدير توظيف سابق بإحدى شركات الكول سنتر إن الأمر يعتمد على الإدارة قبل أي شيء لأن المؤسسة التي تهتم بحقوق عامليها لا يمكن أن تؤثر سلباً على حياتهم مشدداً على أهمية وجود بيئة عمل مناسبة مضيفاً أن أبرز مساوئ شركات التعهيد هو الاهتمام الرئيسي بتحقيق التارجت بغض النظر عن حياة الموظف وجعل حياته رهن لتنفيذ ذلك مشبهاً إياه بنظام السخرة قديماً.
وأضاف أن التحاقه بعمله تعرض خلاله للعديد من المعوقات والتي تعترض أسلوب حياته بشكل مباشر من تغيير مواعيد العمل بصورة تؤثر على صحته والتي تشمل وقت النوم والغذاء بجانب التزامه الأسري بما يخل من مسؤولياته متابعاً أن كثرة تعديل مهام الوظيفة فضلاً عن زيادة المسئوليات وذلك من خلال زيادة وقت العمل دون أجر إضافي.
ونوه المصدر الذي رفض ذكر اسمه بأن بيئة العمل في شركات التعهيد قاسية للغاية، مثل عدم السماح بالإجازات المرضية والجلوس ساعات طويلة أمام الشاشات وعدم دفع مقابل الوقت الإضافي واقتطاع البونص دون ذكر أسباب، وعدم مناسبة الراتب لمهام الوظيفة وغيرها من الظواهر التي تدفع لاستياء العاملين وتركهم للعمل بسبب انعدام الاحترافية في التعامل الوظيفي.
وأشار إلى أن مجال خدمة العملاء لا يضمن الارتقاء الوظيفي لأن الفرص الشاغرة لا توجد بسهولة حيث إن المناصب لا يتركها سوى قليلين، بالإضافة الى معدل تحول الموظفين العالي من ذوي الدرجات الصغيرة 'مما يعتبر تحديا أمام قسم الموارد البشرية' لكن المناصب الادارية تبقى وقتا أطول لان لهم هدف محدد. اما موظف خدمة العملاء يجب ان يحافظ على 'أرقامه' وعلى مستوى الالتزام حتى يضمن الارتقاء الوظيفي و في أحيان أخرى ان يتقي شر الرفد.
من جانبها، اكتفت شركة تيلي بيرفورمانس مصر بنعي الموظف المنتحر وقالت: خسارة مأساوية لفقد أحد الزملاء والتي حدثت يوم الثلاثاء 21 ديسمبر وأوضحت أنه على الفور تم استدعاء الإسعاف بينما هرع الطبيب الداخلي لمساعدته. وصل المسعفون إلى مكان الحادث في الدقائق التالية ونقلوه إلى أقرب مستشفى ولكن لسوء الحظ لم يستطع الأطباء إنقاذ حياته. وقد تواصلنا مع عائلته على الفور لتقديم أكبر قدر ممكن من المساعدة والدعم، وسنواصل القيام بذلك.
وصرح المدير التنفيذي للشركة, مصطفى فهمي: ما حدث لزميلنا كان بمثابة صدمة لنا جميعا وندعو له بالرحمة، ولعائلته وزملائه بالصبر والسلوان، إن زميلنا عضو عزيز في فريقنا وسيظل في ذاكرتنا دائما. إن سلامة موظفينا هي أولويتنا القصوى، وسنوفر الدعم النفسي والمشورة لزملائه خلال هذا الوقت العصيب. ونتعاون حالياً بشكل كامل مع السلطات المحلية ونجري أيضاً تحقيقاً داخلياً لفهم الظروف التي أدت إلى هذه المأساة. كما نحترم رغبة الأسرة في الخصوصية ولن نقدم أي تفاصيل أخرى للجمهور.
كورونا ضاعفت الاقبال على مراكز الاتصالات في مصر
وقال أشرف التنبولي رئيس إحدى الشركات العاملة في مجال التعهيد إن أزمة كورونا أحد العوامل التي أدت لزيادة الاعتماد على خدمات العملاء والكول سنتر حيث اتجهت كثير من الشركات للتعاقد مع مقدمي خدمات التعهيد سواء مراكز الاتصالات أو شات بوت بهدف مواجهة الضغط المتزايد مع التحول إلى تنفيذ عدد كبير من الأعمال عن بعد أونلاين والعمل من المنزل.
من جانبه أكد تامر الزناتي خبير التطوير المؤسسي أن انخفاض المقابل المادي لأجور العاملين بمجال التعهيد سلاح ذو حدين لأنه إذا كان عامل تنافسي لجذ الشركات العالمية للسوق المصري لكنه يعد ذو تأثير سلبي على بيئة عمل المؤسسة حيث تعتمد الشركات على تغيير الموظفين نظرا لقلة المقابل.