تأثير العنف التربوي على دماغ الأطفال

العنف الأسري
العنف الأسري

تبين الدراسات الحديثة كيف يؤثر العنف التربوي علي دماغ الطفل ونموه واستقراره، وقد يصل هذا التأثير إلي مستوي تدمير الدماغ وشل القدرة العقلية لدى الأطفال وهو ما يتوقف علي درجة العنف التي يتعرضون لها.

يتميز الطفل بعجز فطري منذ ولادته مباشرة ولا يمكنه الاستمرار في الوجود بدون الرعاية والعناية التي يوفروهما لهما الكبار غير احتياجاته إلي زمن طويل من التربية، والتغذية، والاهتمام، ليتمكن في النهاية من امتلاك القدرة علي التكيف في ادني مستوياته.

يبدأ الطفل في تمييز الوجوه المحيطة به بداية من وجه الأم وصورتها إلي وجوه باقي أفراد الأسرة الذين يحيطون به وهذا الاتصال بواسطة الأسر يعتبر عامل أساسي في تكوينه الذهني، وهو ما يتزامن مع النمو المذهل لحجم دماغ الطفل والتي يتضاعف نموها إلي ٥٠% من حجمها في الشهور الستة الأولى وتصل إلي ٩٥ % من حجمها في السنة السادسة من عمره.

وكشف علي أسعد وطفة أستاذ علم الاجتماع التربوي بجامعة دمشق والكويت عدد من النتائج الكارثية علي دماغ الطفل بسبب العنف التربوي:

١_تعطيل النمو الذهني والدماغي

يكشف عالم الأعصاب أنطونيو دامسيو أن بعض الصدمات الخفيفة قد تؤدى إلي تعطيل النمو الذهني والدماغي عند الطفل وتؤدي إلى اضطرابات كبيرة وخطيرة في مستوي الحياة الذهنية عند الطفل وهو ما يؤيده جوزيف لودو عالم الأعصاب الدماغية الذي بين ان أي تغيرات مهما تكن بسيطة في ترابطات الخلايا الدماغية أو تغيرات طفيفة جدا في التحولات الكهرومغناطيسية في العصبيات الدماغية تؤدي لاختلاف كبير في سلوك الكائن الإنساني.

وتطرق العلماء بشكل خاص للأطفال مبينيين ان العدد الكبير للأحداث المؤلمة تلعب دور كبير في تشكيل حياة الاطفال، فالأطفال الذين عاشوا في وسط تربوي لاباء متسلطين أو تربية عنيفة يظل تأثير هذه التربية في حياتهم وهم لا يدركون التأثير لتلك الآلام في تكوينهم الذهني والعضوي.

٢-عندما يتعرض الطفل للعدوان من مصادر آمنة

عندما يتعرض الطفل للعنف من مصادر خارجية يكون آثارها ضئيلة بالمقارنة من تعرضه للعنف علي يدي والديه أو إحداهما لان هذا يعني بالنسبة له أنه فقد آخر معتقلا الوجودية وأثار القمع والتسلط الداخلي من الوالدين يقتل الطفل نفسيا وتؤدي إلى تدميره أخلاقيا وذهبنا في مراحل لاحقة من حياته

يمتلك الطفل شعور مؤلم بأنه أصبح وحيدا في مواجهة العالم ، لأن العلاقة العاطفية التي تربط الطفل بأبويه تمثل عامل حيوي ووجودي في تكوينه وقدرته علي الاستمرار.

وتنقسم الأضرار التي تقع علي الطفل من جراء العنف المفرط للأبوين إلى بيولوجي ونفسي، أما البيولوجيى العصبي أي في الحالة التي يتعرض فيها الطفل لعدوانية الأبوين، فإن الطفل يعاني فرط افرازات هرمونية مضطربة تؤثر مباشرة في النسق الوظيفي لعمل المخ ونموه وتضع الجسم كله في حالة استنفار كامل لمواجهة الخطر الوجودي ولأن الجسد أو العضوية بكاملها في حالة خطر فإن ردود الفعل تكون في الدفاع أو في الهرب وذلك من أجل تحقيق التوازن والعودة إلي مستويات الاستقرار الطبيعي للنفس والجسد، ولكن في الحالة التي لا يستطيع فيها الطفل دفاعا أو هروبا من تحدي العدوان الداخلي (تسلط الوالدين) فإن التكوين السيكوبوجي القطري يضعه في حالة التوتر والاكتئاب وبالتالي فإن هرمونات الاكتئاب والصدمة تتحول الي قوة تفتك بالجسد فتهجم علي النظام العصبي لديه وتلحق به أشد الضرر ويفقد النظام المناعي تواصله الفعال مع الدماغ، فالطفل عندما يضرب من أبويه يشعر بالعجز ويرغب في الهرب إلي أي مكان آخر غير المنزل الذي يحتضنه، فهو لا يستطيع الدفاع عن نفسه لضعفه وعجزه، وعندما يعتاد للابوين علي ضرب الطفل فإن هذه العقوبات تكون في الوقت الذي ينمو فيه دماغه ويتشكل، ولذلك يعاني الطفل من المرض المستمر في مرحلة الطفولة.

يعتقد الوالدين ان صفعة خفيفة للطفل أو ضربة متواضعة علي قفاه توجه سلوكه ولكنها تترك تأثيرات مدمرة فالعنف يعلم الأطفال مالا نتمناه فهو يعلمهم أنه عندما لا يوافق شخص ما في الرأي فلك الحق ان تصفعه حتي لوكنت تحبه، عندما تصبح كبيرا وقويا لك الحق ان تضرب الصغار والضعفاء، عندما يضرب شخص آخر ويصفعك يجب أن تخضع له، والعنف شر ولكن في نفس الوقت أمر جيد لان من مصلحة الطفل أن تضربه.

٤_ الغيرة ومحبة الآخر

يتأصل في الإنسان قانون فطري للتعاطف مع الآخر ومحبته،، ولكن الطفل الذي يعاني من تسلط والديه يتعين عليه ان يتبدل ويفقد مشاعره كي يستطيع الاستمرار في الحياة وهذا يعني أنه يدمر معظم احاسيسه الطبيعية لا سيما محبة الآخر والشعور بالآلام والتعاطف مع قضاياه.

يمهل بعض الآباء والأمهات ما يقوله اولادهم وأفكارهم، ولكن بعض أفكار هؤلاء الأفكار تكون افضل من أفكار الكبار، بل ويمكن أن تكون أفكار مبدعة تحول حياة العالم بأكمله.

WhatsApp
Telegram