ظهر منذ فترة مصطلح "مناعة القطيع" أو المناعة بالعدوى ضد فيروس كورونا المستجد كوفيد 19، وذلك من خلال نقل العدوى لأغلب المجتمع، الأمر الذي يمكن أن يؤدي لكارثة في حالة وجود مضاعفات خطيرة، قد ينتج عنها تحور الفيروس أو موت الكثيرين بسبب عدم قدرة جهازهم المناعي على المقاومة.
بداية ظهور مصطلح "مناعة القطيع"
دعا رئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون، في منتصف شهر مارس الماضي، بإمكانية تطبيق سياسة "مناعة القطيع" كأداة من أدوات مواجهة فيروس كورونا المستجد كوفيد 19، ولكن هذه الاستراتيجية سرعان ما انهارت وسط الانتشار الواسع للفيروس، الذي أصاب جونسون نفسه، مع تحذيرات متزايدة صادرة عن أطباء وخبراء من تطبيقها.
سياسة "مناعة القطيع"
تقوم على تلاشي الإجراءات الاحترازية لمواجهة فيروس كورونا المستجد، وأن يتعامل المواطنين بشكل طبيعي لممارسة أمور حياتهم اليومية حتى تنتقل الإصابة لمعظم المجتمع وتقوم أجهزة المناعة بالتعرف على الفيروس، والبدء في عملية المقاومة ومحاربته إذا حاول مهاجمة الجسم من جديد لتكوين أجسام مضادة.
ولكن حذر عدد كبير من المسئولين والمتخصصين في مختلف دول العالم من تطبيق سياسة مناعة القطيع، لأنها قد تؤدي إلى مشكلات وخيمة وإصابات كبيرة بالإضافة إلى إمكانية تطور الفيروس جينيًا وتطوير سلوكه، الأمر الذي قد يحتاج إلى طرق جديدة لمكافحته.
"عز العرب": مصر طبقت سياسة مناعة القطيع بشكل غير رسمي
قال الدكتور محمد عز العرب، أستاذ الجهاز الهضمي والكبد، ومؤسس وحدة أورام الكبد بالمعهد القومي للكبد، وسكرتير الجمعية المصرية للكبد والمستشار الطبي للمركز المصري للحق في الدواء، أن مصر بدأت بالفعل منذ فترة في تطبيق سياسة مناعة القطيع منذ فترة ولكن بشكل غير رسمي، نتيجة الزحام الشديد الموجود في الشوارع واستمرار وجود الأسواق في المناطق العشوائية، فالناس في الشوارع بدون ماسكات والمحلات مفتوحة حتى مواعيد الحظر، فضلاً عن عدم التزام المواطنين بالتباعد الاجتماعي المفترض وهي مأساة.
وأضاف عز العرب في تصريحات خاصة لـ"أهل مصر"، أن في الأوضاع العادية يمكن أن يصيب المريض بكورونا 3 أشخاص أخرين ولكن في الأوضاع التي نشهدها حاليا في الشارع المصري يمكن أن ينقل شخص واحد العدوى لأكثر من 30 أخرين، فسائحة واحدة تايوانية على باخرة الأقصر تسببت في نقل العدوى لأكثر من 40 شخص وبالتالي يجب تطبيق الاجرارات الاحترازية مع الاجراءات الحكومية، كما يجب تطبيق نظام عقابي وتنظيمي ولا يسمح بدخول أي مكان إلا بتوفير الماسكات الطبية خاصة وسائل المواصلات العامة، ففي حالة ارتداء الماسك الطبي الواقي يكون نسبة العدوى بين شخصين مرتدينه تقل أكثر من 95%، وفي حالة إذا كان أحدهم يرتدي الماسك والأخر لا يرتديه فنسب انتقال العدوى تزيد، وفي حال أن الشخصين لا يرتدون الماسك الواقي تزيد نسبة العدوى لتصل 100%، كما يجب أن يتم تنفيذه على المستوى الرسمي والفني.
اقرأ أيضًا.. تحويل مستشفيات الصدر والحميات للعزل وزيادة عدد المسحات.. تبعات دخول مصر في ذروة كورونا
وشرح المستشار الطبي للمركز المصري للحق في الدواء، سياسة مناعة القطيع التي تعني ترك الأفراد يمارسون حياتهم الطبيعية بدون أي اجراء احترازي، وفي الوقت نفسه سيحصل الناس على أجسام مضادة في حالة كان الجهاز المناعي لديهم جيد وقادر على ذلك، ويظهر المرض بدرجة بسيطة أو تعرضهم للعدوى والشفاء دون معرفة ذلك، ولكن بالنسبة لكبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة والحوامل ومرضى الأورام والفشل الكلوي والكبدي هناك مخاطر عليهم، وستظهر الأعراض عليهم بشكل أكبر مع حدوث مضاعفات أكبر مع زياد احتمالية فقدان حياتهم وزيادة الوفيات خلال سياسة البقاء للأقوى، وفي الوقت نفسه فإن عند التعرض لموجة ثانية أو ثالثة يكون هناك مناعة متكونة مثل ما يحدث في حالة فيروس A، ولكن فيروس كورونا نفسه متحور من سارس وميرس كورونا فالكوفيد 19 متحور من كورونا، وبالتالي التحور المستقبلي متوقع، ويجب أن يكون هنا استعدادات لمواجهة الأوبئة، ولذلك جاء قرار إنشاء المركز القومي للترصد الوبائي للأمراض المعدية.
تفاصيل خطة التعايش مع كورونا
استعرض مجلس الوزراء المصري، الأربعاء الماضي تفاصيل خطة التعايش مع فيروس كورونا المستجد، في ظل عدم وضوح المدى الزمني الذي ستستغرقه أزمة الفيروس، وتقوم على اتباع كافة الإجراءات الاحترازية اللازمة بصورة دقيقة وحاسمة في شتى المنشآت، وإعادة تقييم الوضع الوبائي كل 14 يوما والتصرف في ضوء تلك النتائج، حيث إن مرحلة التعايش تتطلب تكاتف جميع الوزارات والهيئات التنفيذية والرقابية في مصر، لوضع ضوابط وفرض عقوبات فورية حال عدم الالتزام بالتعليمات.
وأوضحت الدكتورة هالة زايد وزيرة الصحة والسكان، أن المرحلة الأولى من خطة التعايش، تتضمن إرشادات عامة يكون على الأفراد والمنشآت الالتزام بها، إلى جانب ذلك، توفير معايير إلزامية في القطاعات المختلفة، كالمؤسسات والشركات، والمولات (مراكز التسوق) والأسواق، وقطاع البناء والمصانع، وكافة وسائل المواصلات، مع استمرار غلق الأماكن التي تسبب خطراً شديداً لنقل العدوى، واستبدال خدمات التعامل المباشر مع الجمهور بالخدمات الإلكترونية، كلما أمكن ذلك، مع محاولة توفير الحجز المسبق الكترونياً للحفاظ على قواعد التباعد المكاني وتجنب الازدحام.
تحويل 34 مستشفى حميات وصدر للعزل
وكشفت وزيرة الصحة أنها تقوم بإعداد وتجهيز وتأهيل 34 مستشفى حميات وصدر على مستوى الجمهورية، لتصبح مستشفيات عزل لمصابي فيروس كورونا بشكل تدريجي، حيث تقدم كافة الخدمات الطبية بداية من إجراء الفحوصات اللازمة وتشخيص الحالة وحتى العزل، وتقديم العلاج، ومتابعة الحالات بعد الشفاء والخروج، بالإضافة إلى توفير خدمات البحث العلمي، لبدء دخولها في الخدمة العلاجية كمستشفيات عزل بشكل تدريجي.