رمضان في اليابان 2020، لا تختلف أجواء الشهر الكريم هذا العام في الدولة الواقعة أقصى شرق القارة الآسيوية عنها في بلدان العالم التي تفشى بها الفيروس التاجي المستجد (كوفيد-19)؛ حيث أُغلقت المساجد ومُنعت إقامة الصلوات بها ومنها صلاة التراويح التي تعد مظهرا رمضانيا روحانيا ينتظره مسملو هذا البلد كل عام، وكذلك أصبح محظورا تنظيم موائد الإفطار خلال شهر الخير، وغيرها من المحظورات كاللقاءات الجماعية وتبادل الزيارات العائلية؛ وكل ذلك في إطار إجراءات التباعد الاجتماعي المفروضة في اليابان من جراء تفشي الفيروس العالمي، ولكن مسلمو هذا البلد استعاضوا عن المظاهر التقليدية في الاحتفال بشهر الصوم بطرق أخرى مبتكرة مستفيدين مما أتاحه التطور التقني فيما يتعلق بإمكانية التواصل عن بعد وتشارك الفرحة وتبادل رسائل التهنئة وكذلك إلقاء الدروس والمحاضرات الدينية من خلال الوسائط الإلكترونية.
رمضان في اليابان (أرشيفية)
رمضان في اليابان (أرشيفية)
وفي أحدث إحصائية صادرة بتاريخ اليوم الجمعة، 8 مايو 2020، أعلنت وزارة الصحة اليابانية تسجيل 118 إصابة جديدة بالفيروس الوبائي، بالإضافة إلى 13 حالة وفاة جديدة خلال الـ 24 ساعة الماضية، وقالت الوزارة، في بيان لها: "إنه بذلك يرتفع عدد الإصابات بالفيروس في البلاد إلى 15 ألف و627 حالة، والوفيات إلى 712 شخصا.
رمضان في اليابان (أرشيفية)
رمضان في اليابان (أرشيفية)
ولذلك، أفادت هيئة الإذاعة والتلفزيون اليابانية، في وقت سابق، بأن مسلمي اليابان يعتزمون تأدية شعائر وطقوس شهر رمضان هذا العام عبر الإنترنت، وعدم إقامة الصلاة أو إعداد وجبات الإفطار في المساجد؛ وذلك لاحتواء تفشي الفيروس المستجد.
رمضان في اليابان (أرشيفية)
رمضان في اليابان (أرشيفية)
واتفق علماء اليابان ورجال الدين، في وقت سابق منتصف أبريل الماضي، على عدم إقامة الصلاة أو تنظيم موائد الإفطار في المساجد كما جرت العادة في شهر رمضان حفاظا على أرواح الناس.
رمضان في اليابان (أرشيفية)
رمضان في اليابان (أرشيفية)
ونقل هؤلاء العلماء موقفهم إلى المواطنين، وحثوا المسلمين في أرجاء البلاد على ممارسة تقاليد شهر الصيام في منازلهم، كما حثوا رجال الدين على إقامة شعائر الشهر الكريم عبر الإنترنت. ويمثل هذا الأمر مفارقة كبيرة بالنسبة للمسلمين في اليابان الذين اعتادوا على الصلاة والإفطار في مسجد طوكيو الكبير بالعاصمة طيلة سنوات مديدة.
رمضان في اليابان (أرشيفية)
رمضان في اليابان (أرشيفية)
وتعليقا على ذلك، قال هارون قريشي، الأمين العام لجمعية الوقف الإسلامي باليابان، إنه لأمر مؤسف ألا يتمكن المسلمون من إقامة الصلاة أو تشارك وجبات الإفطار في المساجد. ولكنه أضاف، وفقا لموقع "مجلة اليابان The Nippon Times"، أن المواطنين بحاجة إلى التكاتف لمنع تفشي الفيروس، لأن حياة المواطنين هي أهم شيء.
رمضان في اليابان (أرشيفية)
رمضان في اليابان (أرشيفية)
بعيدا عن الوضع الوبائي في هذا البلد، فإنه يوجد في اليابان المركز الإسلامي، وهو المؤسسة الإسلامية التي تتولى رعاية شؤون المسلمين وممارسة الدعوة الإسلامية، و يضم المركز أيضًا لجنة لإشهار الإسلام لتحقيق التكامل بين أنشطة الدعوة ورعاية المسلمين الداخلين في الدين حديثًا.
رمضان في اليابان (أرشيفية)
رمضان في اليابان (أرشيفية)
ويتيح الإعلام الياباني الفرص للمسلمين من أجل الرد على أية اتهاماتٍ توجَّه للإسلام وتوضيح موقف الإسلام في العديد من القضايا التي يثيرها الغرب ضد الدين الحنيف، إلا أن المجتمع الياباني بصفة عامة متأثرٌ بالإعلام الغربي المعادي للإسلام. وفيما يتعلق بممارسة المسلمين شعائرهم، نلمس من اليابانيين المسلمين الحرص على أداء فريضة الحج أو العمرة.
رمضان في اليابان (أرشيفية)
رمضان في اليابان (أرشيفية)
وفي السابق وقبل تفشي الوباء العالمي في هذا البلد، كانت المساجد في اليابان تحرص على فتح أبوابها أمام المسلمين وغير المسلمين خلال شهر رمضان من أجل تعريفهم بالدين الإسلامي، وكان كذلك من أبرز مظاهر شهر رمضان في اليابان، والتي اندثرت حاليا بسبب الإجراءات الاحترازية المتخذة في سبيل الحد من انتشار الفيروس التاجي، هو تنظيم مآدب الإفطار الجماعي؛ وذلك من أجل زيادة الروابط بين المسلمين في هذا المجتمع الغريب وخاصةً بين العرب الذين يقصدون هذا البلد لأغراض سريعة ولا يعرفون بها أحدًا تقريبًا، فتكون هذه المآدب بديلاً عن التجمعات الإسلامية المعروفة في أيٍّ من البلدان الأخرى بالنظر إلى غياب هذه التجمعات في اليابان.
كما كان يحرص المسلمون في اليابان على أداء صلاة التراويح والقيام في ليالي الشهر الكريم، وكان الدعاة يأتون من البلدان العربية والإسلامية وعلى رأسها مصر التي يحظى قراؤها الراحلون من أمثال الشيخ عبد الباسط عبد الصمد ومحمد صديق المنشاوي بشعبية كبيرة في أوساط المسلمين اليابانيين.
وتُجمع الزكاة في اليابان من أجل إنفاقها في وجوه الخير ودعم العمل الإسلامي طوال العام وفي شهر رمضان بالطبع، حيث يتولى المركز الإسلامي القيام بهذا الأمر.
وفيما يتعلق بصلاة العيد، فإن الدعوة لها تبدأ من العشر الأواخر في شهر رمضان، وقد كانت تقام في المساجد والمصليات فقط، لكن في الفترة الأخيرة بدأت إقامتها في الحدائق العامة والمتنزهات والملاعب الرياضية، الأمر الذي يشير إلى إقبال المسلمين في اليابان من أهل البلاد أو الأجانب عنها على الصلاة، كما يساعد ذلك على نشر الدين بين اليابانيين وتعريفهم به حين يرون المسلمين يمارسون شعائرهم، ويشير هذا أيضًا إلى الحرية الممنوحة للمسلمين في اليابان.
ولكن تلك الحدائق والمتنزهات والملاعب أُغلقت مؤخرا في إطار إجراءات التباعد الاجتماعي ومنع التجمعات في سبيل احتواء الوباء العالمي، ما قد يدفع اليابانيون إلى الاستفادة مما أتاحه التطور التقني من وسائل تواصل اجتماعي من أجل تبادل رسائل التهنئة في هذا اليوم مستعيضين بذلك عن اللقاءات الاجتماعية وتبادل الزيارات.