تعتبر فئة التمريض المصري من أكثر الفئات التي تتعرض لعدوى فيروس كورونا المستجد كوفيد 19، نظرًا لكثرة احتكاكهم بالمرضى ولأنهم الأكثر عددًا، كل هذا ألقى الضوء مؤخرًا على جهودهم في خدمة المرضى طوال السنوات الماضية، وما يقومون به الآن من دور كبير يقع على عاتقهم في ظل أزمة كورونا فهم بكل ما يقدمونه "ملائكة الرحمة"، ويستحقون أن نطلق عليهم "جيش مصر الأبيض"، حيث يتزامن اليوم الثلاثاء 12 مايو مع اليوم العالمي للتمريض، لذا حاولت "أهل مصر" أن تلقي الضوء على بعض مشكلات المهنة.
"بنتعب وبنتهان ومحدش بيقدرنا" بدأ ممرض بإحدى مستشفيات عزل مصابي كورونا، حديثه بهذه الجملة، لما يراه داخل المستشفيات منذ بداية عمله في التمريض من تعرضهم للإهانة الشديدة في بعض الأحيان من قبل أهالي المرضى، والتي قد تصل إلى حد المشاجرات والضرب أو الاعتداء اللفظي، كما اشتكى من طول ساعات العمل التي تصل لـ 12 ساعة يوميًا برواتب ضعيفة، فضلاً إلى عدم التقدير المعنوي، لافتًا إلى أن أزمة فيروس كورونا المستجد كوفيد 19 ألقت الضوء على فئة التمريض إعلامياً فقط لأنهم من قبل كانوا غير ظاهرين سوى بشكل سلبي، وعلى الرغم من ظهور التمريض إعلاميًا ظلت مشاكلنا كما هي دون حلول أو تغيير، متمنيًا أن يتغير الوضع بعد انتهاء الأزمة.
وأضاف الممرض الذي طلب عدم ذكر اسمه في حديثه لـ"أهل مصر": "لنا زملاؤنا في أماكن كثيرة أصيبوا بفيروس كورونا المستجد كوفيد 19، وهناك كثيرا منهم لم يحصل على مبلغ الـ 2000 جنيه من النقابة، فلم أسمع من قبل عن استلام أي ممرض مصاب بكورونا بعد تعافيه للمبلغ السابق ذكره، مشيرًا إلى أن المشكلة ليست تكمن في المبلغ الذي تقدمه النقابة سواء للمصابين أو لأهل المتوفي، ولكن النقابة لم تتحرك لتنفيذ مطالبنا ولكنها تهتم بشكل أكبر بالرحلات والأشكال النقابية الأخرى التي لا تساعد بشكل واضح للتغلب على معاناة التمريض في مصر، بدءً من قصة بدل العدوى التي ظل الأطباء والتمريض يطالبون بزيادته ولم يتم رفعه حتى الآن إلى مشكلة إهانة فئة التمريض في الأفلام والمسلسلات التليفزيونية التي تظهر بين الحين والأخر تاركة في نفوس المشاهدين انطباع سيء عنا، قائلاً "بنتهان في الواقع وفي الأفلام".
وعن أسوأ ما يمر به خلال هذه الفترة، أشار إلى أن أصعب شيء على الإطلاق هو رؤية زملائهم يوميًا يصابون بفيروس كورونا حيث يرى الكثيرين منهم سواء أصدقاء واشخاص يعرفهم أو أخرين، الأمر الذي يجعلهم يشعرون بالسوء وإن المرض قريب منهم "مش في إيدينا حاجة غير الدعاء وتقديم الرعاية الطبية لهم وللمرضى الأخرين حتى يتم شفائهم ولكن ما يخفف عنا كثيرًا ويرفع روحنا المعنوية، عندما نرى أنه تم شفائهم وتحولت نتائجهم من إيجابية لسلبية".
بدأ مستر "أ.ح" تمريض بالمعهد القومي للأورام، التابع لجامعة القاهرة، حديثه عن المهنة أنهم لا يريدون أن يتم المساواة بينهم وبين الطبيب ولكن يجب أن يحصلوا على احترامهم الخاص في المجتمع، مشيرًا إلى أن الإعلام يرسل صورة سيئة عنهم في المسلسلات والأفلام بأن التمريض يحصل على رشاوى أو إكراميات من أهالي المرضى والمرافقين لهم حتى يأدون دورهم على أكمل وجه، مؤكدًا أنه يمكن أن يكون بينهم البعض كذلك ولكن اللوم يقع على المسئولين عن ذلك بسبب الرواتب المتدنية متسائلاً "لماذا يحصل الممرض على إكرامية من أهل مريض طالما راتبه وظروفه الاجتماعية جيدة؟، فالدولة إذا وفرت الرواتب الجيدة لن يحدث ذلك بالإضافة أن كل التمريض لا يمكنه العمل في المستشفيات الخاصة لأنها تطلب بمعايير معينة وبها ضغط شغل كبير.
وقال في حديثه لـ"أهل مصر" أن التمريض ينقسم لأكثر من فرع بين مستشفيات جامعية ومستشفيات الأمانة العامة بوزارة الصحة والتأمين الصحي، أولا مستشفيات الجامعة تتحكم بها وزارة التعليم العالي وكل جامعة تفرض قوانينها من حيث ألية العمل ونظام الشيفتات وكذلك الرواتب، لافتًا إلى أنه أولا وأخيرا فمشكلات التمريض كلها متشابهة وأهمها أن الرواتب قليلة جدا فالنبطشية الواحدة 12 ساعة بـ 70جنيه في مستشفيات الجامعة وفي جامعة المنوفية بـ 15 جنيها ولكن في المستشفيات الخاصة تكون النبطشية أو الشيفت 12 ساعة بين 200 لـ 230 جنيه، كما أن بدل العدوى 19 جنيها يتم حصول الشخص عليهم في حالة الإصابة بأي مرض من خلال نقل العدوى من المرضى.
وأضاف أن المعدات الموجودة في المستشفيات الحكومية قليلة ولا تساعد التمريض بعكس المستشفيات الخاصة بها كل المستلزمات الطبية اللازمة والأدوات ورغم أن التمريض "ملائكة الرحمة" يعملون لخدمة المرضى "بنعمل دة عشان ربنا" بس فيه تمريض بيلاقي إن المستشفيات الحكومية لا تكفي احتياجاتهم وبالتالي لا يعمل جيدًا بها ويتجه إلى العمل بجانبها في مستشفيات خاصة لأنها رواتبها جيدة وعالية ومتوفر بها كل المستلزمات، كما أن الناس تتعامل مع الممرضين بطريقة سيئة عكس الأطباء، لافتا إلى أن المرافقين يفرقون بين معاملتهم للطبيب والممرض فالطبيب له احترامه في التعامل ولكن التمريض يتم نداءه باسمه، ويمكن أن يتحول الأمر لمشكلة وتصادم رغم أنه من الممكن أن يكون سبب المشكلة الرئيسي هو الطبيب ولكن يكون الشجار مع التمريض ويتم وضعنا عامل مشترك بينهم وبين الطبيب، قائلا" أحنا الأكثر احتكاك بالمرضى بنتعامل معاهم طول اليوم أكل وشرب ونوم جنبهم.. وبنتعب بنسبة كبيرة عن الأطباء".
ومن جانبها، أكدت الدكتورة كوثر محمود، نقيب التمريض في مصر، أن الإصابات بفيروس كورونا المستجد كوفيد 19 بين التمريض واردة عالميًا، ولا يمكن منع العدوى بنسبة 100% حتى إذا تم اتخاذ كافة الاحتياطات اللازمة، لافتة إلى أنه ليس لديها حصر كامل ببيانات وأعداد المصابين بفيروس كورونا المستجد كوفيد 19 في فئة التمريض، ولكن هناك حالات كثيرة تم شفائها وخرجت من مستشفيات العزل.
وعن ارتفاع نسبة الإصابات بين التمريض عن غيرهم من الأطقم الطبية، أوضحت في تصريحات خاصة لـ"أهل مصر"، أنهم الأكثر عددًا وهم أيضًا الأكثر احتكاكًا وتعاملا مع المريض ومن الطبيعي أن يكونوا الفئة الوحيدة الأكثر عرضة للإصابة بفيروس كورونا، مشيرة إلى أن العدد الإجمالي لم يتم حصره حتى الآن نظرًا لتحديث البيانات كل فترة، وكانت تصل نقابة التمريض شكاوى عن نقص المستلزمات الطبية والواقيات الشخصية في بداية الأزمة لأن الناس كانت تخاف من فيروس كورونا، وتستهلك عدد كبير من الواقيات الشخصية وبطرق غير صحيحة في أوقات خاطئة وبدأ يترتب على ذلك نقص في المستلزمات، ولكن في هذه الفترة إلى حد ما تم توفيرها.
ولفتت إلى تقديم منحة استثنائية لمصابي فيروس كورونا المستجد كوفيد 19، تقدر بـ 2000 جنيهًا، ومبلغ يقدر بـ 20 ألف جنيه لأسر المتوفي، كما أن منحة الـ 2000 جنيه تم صرفها بالفعل في الفرعيات بالمحافظات، وذلك لعدد من الحالات التي تم شفائها، ولكن هناك حالات مصابة من التمريض مازالت متواجدة في المستشفيات تتلقى الرعاية الطبية اللازمة في العزل، وبعد شفائهم سيحصلون عليها، كما تعمل النقابة على تقديم أشكال أخرى للدعم.
وكشفت نقيب التمريض، عن سقوط الشهيد السادس من فئة التمريض اليوم، مقدمة لهم الشكر على بذلهم مزيد من العطاء وعملهم الدؤوب.
وكانت وزارة الصحة والسكان المصرية، قدمت الشكر لفريق التمريض الذي يضحي بحياته وجهده ووقته كل يوم لكي يرعى مصابي ڤيروس كورونا المستجد، قائلة "أنتم من صنع ملحمة متواصلة من العطاء والتضحية.. شكرًا جيش مصر الأبيض".