بعد أن أصاب الفيروس تمويل الميزانية تراجعت الليرة التركية عن المستويات التي سجلتها خلال أزمة العملة التي شهدتها في 2018 مع تزايد المخاوف بشأن قدرة البلاد على تجاوز التأثير المالي والاقتصادي لتفشي فيروس كورونا. وقد سجلت الحكومة أكبر عجز في الميزانية تاريخياً، مما زاد من مخاوف المحللين والمستثمرين.
انخفض سعر صرف الليرة التركية بنسبة 1.1% لتصل إلى 6.89 مقابل الدولار، لتصل خسائر الميزانية إلى أكثر من 15% خلال العام الجاري. وبلغ انخفاض الليرة التركية خلال الاثني عشر شهرا الماضية أكثر من 20%، وقد سجلت العملة أدنى مستوى لها على الإطلاق عند 7.23 لكل دولار في أغسطس 2018 قبل أن ترتفع مرة اخرى لتتداول بشكل أقوى مما هي عليه اليوم.
اختارت تركيا، حتى الآن، عدم اتباع خطى بعض الأسواق الناشئة الأخرى والتقدم بطلب للحصول على تمويل من صندوق النقد الدولي للمساعدة في التغلب على الآثار الناجمة عن تفشي وباء كورونا واستبعد الرئيس أردوغان هذا الخيار مرة أخرى. وبدلاً من ذلك، بدأت الدولة في بحث إمكانية عقد صفقات مبادلة عملات مع البنوك المركزية الأخرى لتعزيز مواردها المالية.
حاول البنك المركزي التركي الدفاع عن الليرة من خلال بيع احتياطياته من العملات الأجنبية، وعقد صفقات لمبادلة العملة محلياً مع البنوك التابعة الدولة، مما يعني أن صافي الاحتياطيات لديها من النقد الأجنبي أصبحت الآن بالسالب. يقول تيم آش، كبير المحللين الاستراتيجيين للأسواق الناشئة في شركة بلو باي لإدارة الأصول والتي تتخذ من لندن مقراً لها، إن هذه الاستراتيجية لا يمكن ان تكون مستدامة.
ويقول السيد آش معلقاً: "من الأفضل أن يتوقف البنك المركزي والبنوك المملوكة للدولة عن التدخل، ويترك العملة تستقر عند مستواها الصحيح وهو ما سيكون بمثابة قوة عازلة في هذه المرحلة بالنسبة للاقتصاد".
وقال وزير الخزانة والمالية بيرات البيرق في مقطع فيديو نُشر على تويتر يوم الأربعاء 15 ابريل 2020، أن تركيا ستتعامل مع الآثار الناجمة عن تفشي وباء كورونا دون مساعدة من أي مؤسسة دولية، مشيرًا إلى برنامج مساعدات مالية موجهة للاقتصاد بقيمة تصل الى 100 مليار ليرة (15 مليار دولار).
وصرحت وزارة الخزانة والمالية في بيان لها أن عجز الموازنة اتسع إلى 43.7 مليار ليرة، وهو رقم قياسي يتم تسجيله في شهر واحد، وهو ما يكشف عن نفاذ الخيارات المالية لدى تركيا.
ويقول أتيللا يشيلادا، الاقتصادي والاستشاري للمؤسسات الدولية في تركيا، على تويتر: "هي بداية النهاية"، مشيرًا إلى بيانات الميزانية.
ارتفعت الليرة التركية بنحو 2% ولكن لفترة وجيزة (في منتصف ابريل 2020) عندما قالت كريستالينا جورجيفا، المدير الإداري لصندوق النقد الدولي، أن تركيا كانت من بين الدول التي يتعامل معها الصندوق بشكل بناء. واعتبر بعض المستثمرين هذه التعليقات علامة على أن الحكومة قد تتخلى عن معارضتها لاتفاقية تمويل.
وقال آش إن تركيا يمكن أن تحصل على 6 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي دون شروط بموجب أداة التمويل السريع للصندوق. وأضاف إنه "من الغباء" عدم الحديث عن ذلك. وقد صُمم برنامج أداة التمويل السريع بصندوق النقد الدولي لتلبية الاحتياجات المالية العاجلة للبلدان والتي تنشأ نتيجة المصاعب الاقتصادية أو الكوارث الطبيعية أو الصدمات السعرية ودون الحاجة إلى الدخول في برنامج اقتصادي كامل.
انتهى اتفاق تركيا الأخير مع صندوق النقد الدولي منذ أكثر من 10 سنوات. وبعدها قام أردوغان برفض النداءات التي دعت الى توقيع اتفاقية جديدة خلال الأزمة المالية العالمية في عام 2008.
وقالت وكالة انباء رويترز نقلا عن مسؤولين أتراك لم يتم ذكر أسماؤهم "إن أنقرة أجرت محادثات مع الولايات المتحدة وشركاء تجاريين آخرين بمجموعة العشرين بشأن إمكانية تأمين خطوط تبادل العملات مع بنوكها المركزية.
وفي هذه الأثناء، يواجه الاقتصاد التركي فترة من الانكماش الاقتصادي المؤلم. وقال صندوق النقد الدولي في تقرير له إن الناتج المحلي الإجمالي لتركيا قد يتقلص بنسبة 5% هذا العام، بينما يمكن أن يزيد معدل البطالة إلى أكثر من 17% صعوداً من 13.8%. ولم تقوم الحكومة التركية بمراجعة مستهدف نموها الاقتصادي البالغ 5% لعام 2020.