التداعيات الاقتصادية لانتشار فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19"، يمكن ملاحظتها من خلال الأرقام الاقتصادية للفصل الأول من هذا العام، وأيضاً تتجلى الأزمة في سلسلة إعلان الإفلاس التي بدأت في عدد من القطاعات الاقتصادية، فعلى سبيل المثال في الأسبوع الثالث من مايو (أيار) الحالي، أعلنت شركة "هيرتز" الأميركية إفلاسها بسبب تراكم الديون وتوقف النشاط خلال هذه الفترة بسبب التدابير التي قامت بها الحكومات في مواجهة انتشار الفيروس القاتل، وبنهاية مارس (آذار) الفائت بلغ إجمالي ديون الشركة 18.7 مليار دولار، بينما حجم السيولة لدى الشركة لا يتجاوز المليار دولار.
حتى منتصف هذا الإسبوع، أعلنت خمس شركات تعمل في قطاع التجزئة الإفلاس وطلبت الحماية من الدائنين بتفعيل المادة 11 من القانون الذي ينظم عملية الإفلاس، فقد أعلنت شركة "جي كرو" إفلاسها بعد 79 عاماً، وهي الشركة التي بلغ إجمالي إيراداتها 2.5 مليار دولار في عام 2019 بعدد فروع يتجاوز الـ490.
شركة أخرى تتخذ من مقاطعة دالاس في ولاية تكساس الأميركية مقراً لها أعلنت هي الأخرى إفلاسها هذا الشهر، وهي "نيمان ماركس"، بإجمالي إيرادات 4.5 مليار دولار، وبعد 133 عاماً تتقدم بطلب للحماية من الدائنين بحجم ديون يبلغ 5 مليارات دولار.
أيضا تقدمت شركة "جي سي بيني" ذات الـ118 عاماً بطلب الإفلاس خلال مايو الحالي، وهي الشركة التي تمتلك 820 متجراً وتبلغ إيراداتها 12 مليار دولار في 2019.
إشارات تسبق عمليات الإفلاس
ويواجه قطاع التجزئة الأميركي صعوبات مستمرة قبل اندلاع أزمة كورونا، فمثلاً في فبراير (شباط) الماضي أي قبل تنفيذ إجراءات الإغلاق في الولايات المتحدة، قامت شركة "باير 1" بإغلاق عددٍ كبير من متاجرها وفعّلت المادة 11، كما نشرت وكالة "بلومبيرغ" تقريراً عن موجة تخلفٍ عن سداد الإيجارات في بعض القطاعات الاقتصادية مثل المطاعم ومتاجر التجزئة، وهذه إشارات تسبق عمليات إفلاس ربما تستمر في الزيادة خلال الفترة المقبلة مع صعوبة عودة الطلب إلى ما قبل الجائحة، ما سيصعب عودة الإيرادات أيضاً إلى مستوى ما قبل أزمة الفيروس.
دخلت كثير من القطاعات الاقتصادية مرحلة الجائحة وهي مثقلة بالديون، فمثلاً هناك أربعة من القطاعات الاقتصادية في أميركا تتجاوز الديون فيها 400 مليار دولار، وهي التجزئة، والاتصالات، والخدمات، والقطاع الصناعي. وعلى سبيل المثال فإن الديون في قطاع التجزئة تقترب من مستوى الـ600 مليار دولار، وبشكل عام تصاعدت قروض الشركات في غير القطاع المالي بنسبة 60 في المئة خلال السنوات الثماني الماضية، وارتفعت إلى مستوى قياسي كنسبة مئوية من نمو الناتج المحلي الإجمالي الأميركي، حيث تقترب من 47 في المئة (تقترب من مستوى 10 تريليونات دولار) مقارنة بـ40 في المئة عام 2010، بينما كانت ديون الشركات في غير القطاع المالي أقل من 30 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 1980. وهذا التصاعد في مستوى ديون الشركات مع تراجع الإيرادات أخيراً انعكس على التدفقات النقدية، ما يشير إلى مزيد من الصعوبات خلال الفترة المقبلة.