"عنف الشرطة، ونقود مزورة، وسياسة التفرقة العنصرية".. ثلاث طلقات نارية متفرقة الأنواع والأحجام، لكٍل منهم أثر بارز في إصابة الهدف وإخراج ما في باطنه بعد حدوث انتفاضة جسدية لمدينة منيابولس بالولايات المتحدة الامريكية، إحتجاجًا على مقتل أمريكي من أصول أفريقية يدعى جورج فلوريد - George Floyd، في محاولة إعتقاله بسبب 20 دولار مزورة.
25 مايو 2020، كان يوم الإنتفاضة العالمي بداية من مدينة منيابولس، ومينيسوتا إلى جميع شوارع الولايات المتحدة الأمريكية حول البيت الأبيض، لتصل إلى دول أوربية أخرى تضامنا مع صوت الأمريكان السود، احتجاجا على العنصرية التي ظهرت من قبل ضباط شرطة الجاموس على الشعب الأمريكي، بعد إعتقال مواطن أمريكي من أصول أفريقية –ذو بشرة سوداء-، والوقوف مع أسرته لأخذ حق وفاته والقضاء على العنصرية المستبده في الخفاء.. كانوا شعوبًا تراهم مصطفون كالبنيان المرصوص، وكأنهم يدافعون عن قوتهم اليومي!
"لا أستطيع التنفس- I Can’t Breath".. كانت الصرخات الأخيرة التي زال جورج فلويد يرددها أثناء تثبيته على الأرض بُغية اعتقاله من قبل شرطة مدينة منيابولس "ديريك تشوفين" بالضغط على عنق فلويد (بركبته) لمنعه من الحركة أثناء الاعتقال لما يقارب تسع دقائق، معتقدًا بأنها طوق النجاة والملجأ الوحيد لخروجه من ضيق الدنيا إلى وسع أرجاءها، ولكن القدر جعله يكون بين يدي ضباط شرطة الجاموس- ذوات البشرة البيضاء والقلب الأسود-.
جسد فلويد لم يكتفي بوجود "ديريك تشوفين" على عنقه، بل كان الجحود وشرطيان آخران يقومان بتقييده بينما قام رابع بمنع المتفرجين من التدخل، وخلال دقائق بدأ يصرخ وبشكل متكرر حتى توقفت حركة جورج ونبضه، ومع ذلك لم يُظهر ضباط الشرطة أي محاولة لإسعافه، بل على العكس، استمر الضابط "تشوفين" بالضغط على عنقه بركبته، حتى عندما حاول مسعفو الطوارئ الطبية إسعافه.. لقد أصررت يا جاحد القلب على أمر استأثر الله وحده به!
وقعت حادثة "جورج فلويد" بباودرهورن، وهو أحد أحياء جنوبي وسط مدينة منيابولس في مينيسوتا، وسجلت في العديد من مقاطع فيديو الهواتف المحمولة التي تم تداولها على نطاق واسع على منصات وسائل التواصل الاجتماعي، حيث توفي أثناء اُعتُقاله بعد محاولته المزعومة استخدام ورقة عشرين دولار أمريكي في محل بقالة للسجائر والصودا، وصفها الموظف بأنها مزورة، وزعمت الشرطة أن فلويد "قاوم جسدياً"، بعد أن أُمر بالخروج من سيارته قبل تصوير الفيديو.
26 يوليو، اليوم التالي من وفاة فلويد، انطلقت المظاهرات والاحتجاجات في منطقة منيابولس سانت بول، حيث كانت سلمية في البداية، ثم تطوّرت وتصاعدت لاحقاً ذلك اليوم لتصل إلى أعمال شغب، حيث حُطّمت النوافذ في دائرة الشرطة وأشعلت النيران في متجرين، ونهبت وتضررت العديد من المتاجر، الأمر لم يكتفي بذلك، وفاة جورج كانت تركت أثر كبير بداخل قلوب الشعب الأمريكي ليدفعهم إلى الإشتباك مع الشرطة، برغم قيام ضباط شرطة الجاموس بإطلاق الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي عليهم- خاصة بعد حمل لوحة تحمل العبارة التي كان يستنجد بيها الضحية " لا أستطيع التنفس" أثناء الإحتجاجات.. ومن هنا تظهرلك عزيزي القارىء قوة الشعب الأمريكي وضلالة السلطات الأمريكية حول حقوق الإنسان التي يتداعون بها حول العالم!
هناك سؤال يدور في ذهني بعد ما أعلن محامو عائلة فلويد أنهم طلبوا تشريح الجثة بشكلٍ مستقلّ، الأمر لا يجدي بأي فائدة؟! ولكن لابأس من إثبات الحق حول وقوع الجريمة!.. الأمر الذي يجعلك في حزن عندما يقول تقرير الطب الشرعي أن تشريح الجثة الأول لم يشير إلى وجود أي مؤشر على وفاة فلويد بسبب الخنق أو الاختناق الرضحي، لكن آثار التقييد والظروف الصحية الضمنية، بما فيها مرض الشريان التاجي وأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم، ووجود مسكرات محتملة في دم المعتقل قد ساهمت في وفاته.. هكذا مثلت واقعة فلويد رجع الصدى لحقوق الإنسان والعنصرية الخفية في أمريكا.
في 29 مايو، قُبض على تشوفين ووجهت له تهمة القتل من الدرجة الثالثة والقتل الخطأ بسبب وفاة فلويد، وأفاد مايلك فريمان النائب العام في مقاطعة هينيبين (مينيسوتا) أنه يتوقع توجيه اتهامات للضباط الثلاثة الآخرين المتورطين في مقتل فلويد، بعدما طُرد الضباط الأربعة المتورطون في اليوم التالي، يُجري مكتب التحقيقات الفيدرالي تحقيقات حول الحقوق المدنية الفيدرالية المتعلّقة بالحادث بناءً على طلب من قسم شرطة منيابولس.. هل سيتعاطف مكتب التحقيقات الفيدرالي، ومكتب مينيسوتا للاعتقال الجنائي أيضاً بعد التحقيق في الانتهاكات المحتملة لقوانين مينيسوتا، مع أسرة جورج فلويد، ضحية حقوق الإنسان والعنصرية الخفية، أم سيكتفي بفصل ضباط شرطة الجاموس؟
واقعة فلويد تمت مقارنتها مع مقتل إريك غارنر عام 2014، وهو أيضاً رجل أفريقي أمريكي غير مسلّح، كرّر أيضاً عبارة "لا يمكنني أن أتنفّس" أحد عشر مرة بعد أن جثى أحد ضبّاط شرطة نيويورك بركبته على عنقه أثناء الاعتقال.. ولكن بعد تلك الأحداث، هل ما زالت الولايات المتحدة رائدة لجان حقوق الإنسان؟.. لا أظن ذلك خاصة بعدما فعله ترامب هذا الأسبوع!ّ! #العدالة_لجورج_فلويد