«سن المراهقة، أو فترة الرشد والبلوغ».. ملاصقات لفظية وفكرية، أُطلقت على الفترة الزمنية الواقعة بين مرحلة الطفولة ومرحلة التميز والأهلية، الذي يحدث فيها تطور ونمو للإنسان على عدّة أصعدةٍ جسديةٍ ونفسية، وعادةً ما تبدأ من عمر عشرة أعوامٍ وتنتهي بعمر21 عامًا.
اتركوه إنه في سن المراهقة.. سايروه إنه في سن المراهقه.. لا تُثيروه إنه في سن المراهقه.. يَعصي أباه وأمه ويَرفع صوته عليهما «مراهق».. يَصحب أصدقاء السوء ويتأخر لآخر الليل.. «مراهق».. يَكذب ويُقصر في الصلاة ويسرق.. «مراهق»!.. هكذا أصبحت كلمة مراهق؛ لتشكل لنا ملاصقات فكرية ما هي إلا خدعة كبرى و مجرد خرافة وغزو فكري أخر، تجعلنا نتفرج على شبابنا وهم يغرقون في شهواتهم، ولا نحرك ساكناً، بل نبرر لهم ونصرح لهم، وكأنهم يحملون رخصة العِصيان بكلمة «مراهق».
«سن المراهقة».. برمجة للعقل اللاواعي له ولمن هو أصغر منه، لذا فوجب عليك الاستعداد له من الآن، فالمجتمع سيغفر لك كل ماتصنعه حينما تبلغ ذلك السن!!
بسبب هذا الغزو الفكري نسينا بأن سن المراهقة بداية التكليف الشرعي، و كتابة الملائكة لما يقوم به من أعمال، وسيحاسب عليها، إذاً هو سن البلوغ و الرشد وليس الطيش، فلنرجع بذاكرتنا قليلا للخلف، لنرى، كيف كان المراهقون قديماً؟..
أولًا.. زيد بن ثابت، 13 عامًا، كان ترجمان النبي صلى الله عليه وسلم، وكاتب الوحي، وحين بدأ الرسول في إبلاغ دعوته للعالم الخارجي، وإرسال كتبه لملوك الأرض وقياصرتها، أمر زيدا أن يتعلم بعض لغاتهم فتعلمها في 17 ليلة.
ثانيًا.. قاتل فرعون هذه الأمة (أبو جهل) بغزوة بدر، معاذ بن الجموح 13 سنة، ومعوذ بن عفراء 14 سنة.
ثالثًا.. عمروبن كلثوم 15 عامًا، وكان سيد قبيلة تغلب، أقوى قبيلة بين العرب قبل الإسلام.
رابعًا.. الزبير بن العوام 15 عاماً، حواري النبي صلى الله عليه وسلم، وأول من سل سيفه في الإسلام.
خامسًا.. الأرقم بن أبي الأرقم 16 عاماً، فتح بيته بمكة للنبي صلى الله عليه وسلم وصحبه.
سادسًا.. طلحة بن عبيد الله 16 سنة، أكرم العرب في الإسلام، وفي غزوة أحد بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الموت، وحماه من الكفار، وتلقى عنه النبل بيده حتى شلت أصبعه، ووقاه بنسفه.
سابعًا.. سعد بن أبي وقاص 17عاماً، أول من رمى بسهم في سبيل الله وكان من الـ6 أصحاب الشورى، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يشير إليه قائلًا: "هذا خالي فليرني كل امرؤ خاله".
ثامناً.. محمد القاسم 17 عامًا، فتح بلاد السند، وكان من كبار القادة العسكريين في عصره، يأتي بدوره محمد الفاتح 22 عاماً، الذي فتح القسطنطينية.
تاسعاً.. أسامة بن زيد 18عامًا، قاد جيش المسلمين في وجود كبار الصحابة كأبي بكر وعمر بن الخطاب ليواجه أعظم جيوش الأرض حينها.
عاشرًا وأخيرًا.. عتاب بن أسيد 18 عامًا، ولاه النبي صلى الله عليه وسلم على مكة حين خرج للغزو، و صقر قريش عبد الرحمن الداخل 21 عاماً، الذي اعاد للاندلس هيبتها و بلغت في عصره بالمسلمين مبلغا عظيما، بغداد منارة الشرق، واندلس صقر قريش منارة الغرب.
شبابنا اليوم «إلا من رحم الله» 25 عامًا، ولا زال مراهق!.. إنه الغزو الفكري ياسادة، إنها مسؤلية الآباء والأمهات، فنرى أن المراهقة مصطلح حديث ينزع الثقة، لذ وجب حذف كلمة مراهق و مراهقة من قاموسنا لأن مجرد قولها تزرع في نفوس الأبناء العذر للقيام بما لايليق بأخلاقنا تحت حجة المراهقة.
ما سبق ذكره، هدية ونصيحة وتنبيه لمن يقول «أولادنا لازالوا صغارا أو مراهقين ..!» لذا أرى من وجهة نظري الخاصة حذف تلك الألفاظ وزرع الثقة والعزة في نفوس أبنائنا، والتذكر أنه ما بلغ الحلم فقد جرى عليه القلم ويسأل عن أفعاله أمام البارئ سبحانه وتعالى، ولنستبدله بلفظ الرُشد والحكمة. واللهم رُد شبابنا وبناتنا وجميع المسلمين إليك ردا جميلا..