"تعالت أصوات الخوف، وارتجفعت القلوب، وأصبحت شوارع الفيوم يكسوها الرهبة ويغلب عليها الترقب لمصيرالمتعافين من كورونا المستجد قبل المصابين، خشية أن يكون مصيرهم فناء بلا تكفين وغسل، بعدما تكاثرت المخاوف لدى الأهل والأقارب من هاجس عدوى كورونا المستجد، ليأتي فريق (غسل وتكفين موتى كورونا ) التطوعي، ويبعث الطمأنينة أمام المصابين ليرتفع صوت ..إكرام الميت دفنه".
مع تزايد حالات الإصابة بفيروس كورنا المستجد، بمحافظة الفيوم، وإعلان وزارة الصحة المحافظة في الترتيب الخامس من عدد الإصابات، ومع امتلاء منصات الإعلام بأخبار عن رفض أهالي تكفين ذويهم، وآخرين رفضوا القدوم لاستلام متوفاهم، زاد الخوف لدى أهالي الفيوم، سواء المصابين أو غيرهم من هذا المصير، ليأتي فريق "غسل وتكفين" موتى كورونا بالفيوم التطوعي، ويجعل لدى الأهالي الطمأنينة.
فريق تكفين موتى كورونا بالفيوم
بداية الفكرة
عماد محمد، أحد مؤسسي مبادرة غسل وتكفين وفيات فيروس كورونا بالفيوم، يقول: "كنا نرى تزايد أعداد المصابين بفيروس كورونا في محافظتنا والوفيات أيضًا، والقلق زاد لدينا بعد تعدد الحالات التي رفض أهلها تكفينها تارة، وأخرى لا يعرفون طريقة التكفين، وبعد تفشي فيروس كورونا المستجد، ورأينا الناس في حالة تخوف شديد من الفيروس، ومع تبادل الآراء حول العدوى من المتوفين بالمرض، بدأت لدينا فكرة العمل التطوعي، ومساعدة الأهالي بأي شكل من الأشكال، خاصة وأن جميع أعضاء الفريق لديهم حب المساعدة والعمل التطوعي.
ويضيف محمد، الفريق بدأ بـ4 أعضاء هم أشرف سيد أمين، وحمدي نجيب، وسحر حمدي، وتامر هكيل، وبعدها تحدثوا معي وانضميت على الفور، لافتًا إلى أن فكرة غسل وتكفين وفيات فيروس كورونا جاءت عندما شاهدوا سلوكيات المواطنين في التعامل مع الحالات، وما يحدث داخل المحافظة قائلا: " الناس مرعوبة ورافضة تقرب من الحالات المتوفاة بالفيروس سواء في المنزل أو المستشفى".
فريق تكفين موتى كورونا بالفيوم
الاستعداد لبدء العمل
ويردف محمد، تحمسنا للفكرة وقبيل البدء في العمل بشكل عملي، تواصلنا مع أطباء عن طرق العدوى من متوفي بالفيروس وكيفية الوقاية وحماية أنفسنا ومن يعمل معنا حتى نستمر في مساعدة الناس، وعرفنا أن هناك مسلتزمات معينة لابد من توافرها، فبدأنا بالفعل في التجهيز وقررنا أن نساعد أهل المتوفي في غسل وتكفين متوفاهم دون أي مقابل كتطوعي.
طريقة التأمين ضد العدوى
يقول عماد محمد، بدأنا في تأمين أنفسنا قدر المستطاع، والتزمنا بنصائح الصحة العالمية، وأصبحنا نرتدي بدلة واقية ثقيلة مثل بدل المستشفيات وحذاء طويل في الرجلين، وخمسة جوانتيات، وكمامة N95، وبعد الانتهاء من عملية غسل المتوفي نقوم بإعدام البدلة وحرقها وتعقيم أنفسنا، خوفًا على أهلنا في المنزل من الإصابة والعدوى".
فريق تكفين موتى كورونا بالفيوم
بداية العمل
ويؤكد أنهم قاموا بالإعلان عن مبادرتهم على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)، وأطلقوا جروب باسم "الفيوم فيها خير فرقة غيث أكرام موتى كورونا"، من أجل التواصل واستقبال طلبات الأهالي من أجل مساعدتهم.
وتبين أنهم يقومون بغسل وتكفين المتوفى بدون أن ينفق ذويه أي مبالغ مالية، ويعتمدون على تبرعات أهل الخير من أبناء الفيوم، حيث إنهم يعرفون بتوفي حالة في شارع ما، يناشدون الأهالي بالتبرع بمستلزمات، مشيرًا إلى أنهم تحمسوا أكثر بعدما لاقوا استحسان الكثير من أهالي المحافظة، وتلقوا العديد من المساعدات والتبرعات سواء شراء مستلزمات لهم، أو مشاركتهم في تكفين الموتى.
فريق تكفين موتى كورونا بالفيوم
تعب وعناء لمساعدة الأهالي
عماد يوضح، أنهم يقومون بالاستيقاظ من الثامنة صباحا ويوزعون أنفسهم على المستشفيات بجميع مناطق المحافظة، ويظلون كل منهم في مكانه حتى الرابعة فجرًا، حتى يكونون قريبين من كل مكان ويساعدون الأهالي حال النداء لهم، مشيرا إلى أنه في حالة تكفين متوفي يقوم 2 أو 3 من أعضاء الفريق بتلك العملية.
فريق تكفين موتى كورونا بالفيوم
مساندة المحافظ لأعضاء الفريق
ويبين أنهم بدأوا في التعرض لبعض المشكلات، أبرزها مكان لوضع مستلزماتهم التي يتم شراؤها من أجل استخدامها للتكفين، والتجول ليلا أثناء فترة حظر التجوال، لكن الدكتور أحمد الأنصاري، محافظ الفيوم تدخل في الأمر، وساندهم بشكل كبير، وأمر بتجوالهم في أي وقت، وتخصيص غرفة في مستشفى التأمين الصحي لوضع مستلزماتهم بها.