تحل اليوم الثلاثاء، الذكرى الـ9 على رحيل آخر جيل عمالقة قارئي القرآن الكريم، وهو القارئ الشيخ أبو العينين شعيشع، نقيب قراء مصر، الذي وافته المنية يوم الخميس، 23 يونيو من عام 2011م، بعد صراع طويل مع المرض، عن عمر يُناهز 89 عاماً.
وُلد القارئ الشيخ أبو العينين شعيشع، في مدينة بيلا، التابعة لمحافظة كفر الشيخ، في 12 أغسطس 1922م، وهو الابن الثاني عشر لأبيه، والتحق بكُتاب المدينة، وحفظ القرآن الكريم على يد الشيخ يوسف شتا، في كُتّاب مدينة بيلا.
ذاع صيت "شعيشع " في تلاوة القرآن الكريم عام 1936م، وهو في سن الرابعة عشر من عمره، وذلك بعد مشاركته بالتلاوة في حفل أُقيم بمدينة المنصورة في ذلك العام، ودخل الإذاعة المصرية عام 1939م، متأثراً بالشيخ محمد رفعت، حيث استعانت به الإذاعة لإصلاح الأجزاء التالفة من تسجيلات الشيخ رفعت.
واتخذ "شعيشع" لنفسه أسلوباً فريداً في التلاوة بدءاً من منتصف الأربعينيات، وكان أول قارئ مصرى يقرأ القرآن الكريم بالمسجد الأقصى المبارك.
وفي عام 1948م، بلغ أجر الشيخ "أبو العينين" مائة جنيه في الليلة الواحدة، وأصبح يتقاضى خمسة وعشرين جنيهاً عن كل إذاعة له من محطة القاهرة، وهو مبلغ لم يصل إليه في تلك الأيام سوى أربعة من كبار القراء فقط، هم "الشيخ مصطفى إسماعيل، والشيخ عبد الفتاح الشعشاعي، والشيخ محمد الصيفي، ورابعهم الشيخ أبو العينين شعيشع".
ومع بداية الخمسينيات، سجل "شعيشع" القرآن الكريم والأذان على أسطوانات، وكان قبل عصر التسجيلات يُقيم في رمضان بالإذاعة ليُؤذن لصلاة الظهر والعصر، وعند المغرب يُؤذن للصلاة، ثم يتناول قليلاً من التمر، حتى يحين موعد أذان العشاء فيُؤذن للصلاة ثم يتوجه لمنزله لتناول الإفطار.
وفي بداية الستينات، أُصيب الشيخ "شعيشع" بمرض خطير أثر على أحباله الصوتية فلم يستطع القراءة، ومن ثم مات أخوه الشيخ أحمد الذي كان له بمثابة الوالد، ولكن الشيخ استطاع بالصبر والتوكل على الله أن يهزم المرض، وعاد إلى القراءة من جديد، وكان يُسافر كل عام إلى الخارج ليُحيى ليالى شهر رمضان المبارك في كثير من بلدان العالم الإسلامي، وكانت أشرطته تُسجل أرقاماً عالية في التوزيع.
عام 1969م عُيِّن "شعيشع" قارئاً لمسجد عمر مكرم بوسط القاهرة، وبذل جهداً كبيراً مع القارئ الشيخ عبد الباسط عبد الصمد لإنشاء نقابة القراء، التي أصبح على رأسها عقب رحيل "عبد الصمد" عام 1988م، وفي عام 1992م عُيِّن قارئاً لمسجد السيدة زينب رضى الله عنها، وعُيِّن عضواً بالمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، وعضواً بلجنة اختبار القراء بالإذاعة والتليفزيون، واختير عميداً للمعهد الدولى لتحفيظ القرآن الكريم، وعضواً باللجنة العليا للقرآن بوزارة الأوقاف، وعضواً بلجنة عمارة القاهرة.
نال "شعيشع" أوسمة رفيعة من معظم الدول العربية والإسلامية، ومن أهمها وسام الأرز من لبنان، ووسام الاستحقاق من سوريا، ووسام الرافدين من العراق، كما كرمته الإمارات العربية المتحدة، والصومال، وتركيا، وباكستان، وإيران.
رحل "شعيشع" يوم الخميس 23 يونيو من عام 2011م بعد صراع طويل مع المرض، ودُفن بالمقابر المُجاورة لكلية البنات جامعة الأزهر، في منطقة مصر الجديدة، بمحافظة القاهرة، وصلى عليه أهالي مدينة بيلا، بمحافظة كفر الشيخ، صلاة الغائب في جميع مساجد المدينة، باليوم التالي لوفاته وكان يوم الجمعة الموافق 24 يونيو.