رغم العقوبات الأمريكية على إيران بسبب برنامجها النووي، لم تلبث طهران التوقف عن المضي قدماً في الأمر، ورغم الاتهامات التي وجهت لإيران مؤخراً بنشر فيروس كورونا في الشرق الأوسط، غلا أنها مازالت على عنادها تمول الإرهاب وتخفي الأرقام وتستمر في على برنامجها النووي، وكان آخر تلك الاكتشافات عن ما يحدث في إيران خاصة في إقليم "خرسان" هو إنشاء منشأة إيرانية سرية لإنتاج مسحوق الالمونيوم لاستخدامه في البرنامج النووي الإيراني، ومن هنا يجب أن نتساءل عن مدى خطورة تلك المنشأة وما الإجراءات المتخذة من أمريكا في هذا الأمر، وما علاقة الصين بالأمر؟
اقرأ ايضاً: بالوثائق.. كيف تورطت شركة طيران إيرانية في تفشي فيروس كورونا بالشرق الأوسط؟
ما هو هدف المنشأة الإيرانية السرية في إقليم خرسان؟
على أطراف الصحراء في إقليم خراسان الشمالي بشمال شرقي إيران وبالقرب من أكبر مجمع للبوكسايت تحت الأرض، يضم منشأة سرية لإنتاج مسحوق الالمونيوم لاستخدامه في برنامج إيران الصاروخي، المنشأة السرية أقامها الحرس الثوري الإيراني، وذلك وفقاً لما قاله مسؤول سابق في الحكومة الإيرانية واظهرته وثائق تتعلق بالمنشأة، ويُستخلص مسحوق الالومنيوم من البوكسايت ويعد مكوناً رئيسياً في صناعة وسائل الدفع التي تعمل بالوقود الصلب لإطلاق الصواريخ.هل بدأت المنشأة في تحقيق هدفها؟
قال المسؤول السابق، إن إيران بدأت إنتاج المسحوق للاستخدام العسكري، قبل أكثر من خمس سنوات، وكان المسؤول السابق رئيساً للعلاقات العامة ومندوب الشؤون البرلمانية في مكتب نائب الرئيس للشؤون التنفيذية، وهو المكتب الذي كان يشرف في ذلك الوقت على بعض السياسات الاقتصادية.
كذلك قال المسؤول السابق واسمه أمير مقدم، إنه زار المنشأة غير المعروفة مرتين، وإن الإنتاج كان مستمراً عندما رحل عن إيران في العام 2018.
وقد بدأ إنتاج مسحوق الألومنيوم بإيران للاستخدام في الصواريخ، وهو الأمر الذي لم يسبق نشر شيء عنه من قبل، في ظل العقوبات الدولية التي تهدف إلى منع المساعي الإيرانية للحصول على تكنولوجيا متطورة لصناعة الأسلحة.
اقرأ أيضاً: 200 ألف دولار فضيحة رشوة زوجة محافظ خوزستان .. هنا الجمهورية الإسلامية في إيران
وثائق تخص مشروع الألومنيوم
وظهرت عشر وثائق تتعلق بمشروع مسحوق الألومنيوم والمعنيين به بتواريخ مختلفة من 2011 إلى 2018، وإحدى هذه الوثائق رسالة موجهة إلى الزعيم الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي، من أحد قادة الحرس الثوري، وصفت الدولة الإيرانية شقيقه بأنه أبو برنامج الصواريخ الإيراني.
في الرسالة وصف محمد طهراني مقدم، منشأة جاجرم بأنها "مشروع لإنتاج وقود الصواريخ من مسحوق معدني"، وقال إنها تلعب دوراً كبيراً في "تحسين قدرة البلاد على الاكتفاء الذاتي في إنتاج الوقود الصلب للصواريخ".
حيث قال مير يوسفي: "نؤكد مجدداً أن إيران ليست لديها أي نية لإنتاج رؤوس حربية أو صواريخ نووية"، وتصر إيران منذ فترة طويلة، على أن برنامجها الصاروخي مخصص للأغراض الدفاعية فقط.
إلى ذلك يشرف الحرس الثوري على برنامج الصواريخ الإيراني، ولم يرد مكتب العلاقات العامة بالحرس الثوري على أسئلة عندما تم الاتصال به هاتفياً للتعليق على فحوى هذا التقرير، ولم يرد محمد طهراني مقدم، على طلبات للتعليق، ولا تربطه صلة قرابة بأمير مقدم.
اقرأ أيضاً: إيران: الحكم على إيراني بالإعدام قدم معلومات عن مكان "سليماني" لأمريكا والموساد
ووفقاً للوثائق المتعلقة ببرنامج مسحوق الألومنيوم والتي اطلعت عليها رويترز، تتولى شركة إيران ألومينا إدارة منشأة جاجرم. وهذه الشركة تابعة لمؤسسة المناجم وتنمية وتحديث الصناعات المنجمية الإيرانية وهي الشركة القابضة المملوكة للدولة في قطاع المناجم والتعدين. ولم تردّ الشركة ولا المؤسسة على طلبات للتعليق.
يقول موقع شركة إيران ألومينا الإلكتروني، إنها تدير منجماً للبوكسايت ومنشأة لإنتاج الألومنيوم في مجمع يقع على مسافة عشرة كيلومترات تقريباً إلى الشمال الشرقي من جاجرم.
منشأة إيرانية سرية
كما يتم تحويل مادة البوكسايت إلى الألومينا التي تُستخدم في إنتاج معدن الألومنيوم. ويُصنع مسحوق الألومنيوم من المعدن، ويُستخدم المسحوق في منتجات شتى من الطلاء إلى الإلكترونيات إلى الألواح الشمسية والألعاب النارية.
بسبب خواصه التفجيرية يعد مسحوق الألومنيوم أيضاً عنصراً رئيسياً في وسائل الدفع بالوقود الصلب المستخدمة في إطلاق الصواريخ. وعند مزج المسحوق بمادة تحتوي على الأكسجين تنطلق كمية هائلة من الطاقة.
هل كان هناك رقابة أمريكية؟
من المحتمل أن يؤدي ما كشفه أمير مقدم عن برنامج مسحوق الألومنيوم إلى زيادة التدقيق من جانب واشنطن في الجهود الإيرانية لإنتاج الصواريخ.
كما يقول المسؤول الإيراني السابق الذي يعيش الآن بفرنسا، إنه غادر إيران في 2018 بعد أن وُجهت إليه اتهامات بإثارة القلاقل، في أعقاب تصريحات علنية أدلى بها عما يقول إنه فساد بعض المسؤولين الحكوميين.
وقال إنه يريد فضح البرنامج، لأنه يعتقد أن طموحات إيران الصاروخية ليست في مصلحة الشعب الإيراني.
منشأة إيرانية سرية
وتفرض الولايات المتحدة عقوبات واسعة على إيران، منها عقوبات تستهدف قطاع المعادن في إيران وبرنامج الصواريخ الباليستية. ومن هذه العقوبات قيود على العمليات بقطاع الألومنيوم الإيراني والصفقات المرتبطة به.
كما تستهدف العقوبات الحرس الثوري والأطراف الثالثة التي تقدم دعماً مادياً أو تبرم صفقات معينة مع الحرس الثوري. ولوزارة الخزانة الأمريكية دور أساسي في إدارة هذه العقوبات.
في 2010، أضافت الحكومة البريطانية شركة إيران ألومينا إلى قائمة الكيانات الإيرانية التي تعتقد أنها قد تستخدم بضائع مشتراة لأغراض عسكرية أو لأسلحة الدمار الشامل.
الغرض من هذه القائمة هو تنبيه التجار الذين يأملون بيع منتجات لهذه الكيانات، إلى أنهم قد يحتاجون التقدم بطلب للحصول على إذن بالتصدير. وتم سحب تلك القائمة في 2017، في أعقاب رفع عدد كبير من عقوبات الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي التي كانت سارية على إيران.
مباحثات مع شركات صينية
توضح الرسائل التي اطلعت عليها رويترز، أن شركة إيران ألومينا أجرت مباحثات مع شركة صينية، تناولت الحصول على معدات. والشركة الصينية التي ورد اسمها في الوثائق هي شركة الإنشاءات والهندسة الخارجية الصينية للصناعات المعدنية غير الحديدية، المعروفة اختصاراً بالأحرف الإنجليزية "إن.إف.سي".
ففي الرسالة المؤرخة في أكتوبر 2011، والموجهة إلى رئيس برنامج الصواريخ بالحرس الثوري، كتب قاسمي العضو المنتدب لشركة إيران ألومينا، يقول: "اتباعاً لتعليماتك توصلنا إلى اتفاق مع السيد لي شياو فنج، لتوريد جزء من الآلات والمعدات المطلوبة عن طريق شركة إن.إف.سي الصينية" من شركة ألمانية وشركة يابانية. وتضمن موضوع الرسالة عبارة "مسحوق الألومنيوم".
اقرأ أيضاً: تهريب دولارات وأسلحة.. كيف استغلت إيران أفغانستان في عمليات إرهابية بمصر والسعودية؟
إلى ذلك، فرضت الأمم المتحدة قيوداً على أنشطة إيران فيما يتعلق بالنشاط في مجال الصواريخ الباليستية القادرة على حمل أسلحة نووية، وقال متحدث إنه من غير الواضح ما إذا كانت الأنشطة الخاصة بمسحوق الألومنيوم التي كشفت عنها رويترز تعد انتهاكاً لهذه القيود.