"عبقرية أحمد زكي لا تحتاج إلى نظريات أرسطو أو أكاديمية أفلاطون أو شهادة مصطفى محرم"، هكذا رد الناقد إبراهيم السايح على كل من هاجموا النمر الأسود أحمد زكي، الذي تحل اليوم ذكرى ميلاده ولازال حيا باقيا معنا بوجهه المشرق الحامل للأحلام والآمال في عز الأزمات.
اختلف "زكي" كثيرا عن معظم معاصريه وسابقيه في قدرته على التنوع في الأدوار التي قام بها إلى جانب البراعة والإجادة في تلك الأدوار.
وتعود موهبة زكي إلى التمثيل مبكرا حيث انضم فرقة التمثيل المدرسي بمراحله المختلفة، وعندما التحق بمعهد الفنون المسرحية بدأت موهبته الفنية تنتعش تدريجيًا فقام بالمشاركة أثناء دراسته في مسرحية "هالو شلبي" مع الفنان عبد المنعم مدبولي، وعقب تخرجه اختاره المخرج جلال الشرقاوي ليشارك في مسرحية "مدرسة المشاغبين" عام 1973.
حظيت السنما بنصيب الأسد في مشواره الفني لقدرته الهائلة على تجسيد العديد من الشخصيات الهامة التي أثرت في الحياة المصرية والعربية ومنها فيلم ”ناصر 56” الذي جسد به شخصية الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر، وفيلم "أيام السادات" مستعرضًا شخصية الرئيس الراحل "محمد أنور السادات"، ولاقى الفيلمان الكثير من النجاح نظرًا لقدرته العالية بالتعمق في الشخصية محاولًا إبراز جميع جوانبها وأدق تفاصيلها، ومن أبرز أعماله السينمائية: أبناء الصمت – "شفيقة ومتولي" – "الباطنية" – "عيون لا تنام" – "الراقصة والطبال" – "النمر الأسود" – "البرئ" - "الحب فوق هضبة الهرم"- "البيه البواب" – "زوجة رجل مهم" – "ضد الحكومة" – "كابوريا" - "أيام السادات"، بينما كان فيلم “حليم” هو آخر أفلام الراحل أحمد زكي والذي قام بتمثيله أثناء فترة مرضه الشديدة.
حصل على العديد من الجوائز والتكريمات خلال مشواره الفني حيث حصل علي جائزة مهرجان الإسكندرية عن فيلم "امرأة واحدة لا تكفي" عام 1989م، وجائزة مهرجان القاهرة السينمائي عن فيلم "كابوريا" 1990م، كما حصل على جائزة أحسن ممثل عن فيلم "أيام السادات" عام 2001م، وجائزة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي عن فيلم "معالي الوزير" عام 2002م.
بالإضافة إلي وسام الدولة من الطبقة الأولى - منحه الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك - كنوع من التكريم عن أدائه في فيلم "أيام السادات"، واحتكاره لجوائز أفضل ممثل مصري عدة أعوام متلاحقة.
قدم عددا من المسلسلات المتميزة فنجد منها "الأيام"، الذي جسد من خلاله قصة حياة الأديب الكبير طه حسين، والمسلسل الدرامي الاستعراضي "هو وهي"، بالإضافة إلى عدد من الأدوار المسرحية أهمها "مدرسة المشاغبين" و"العيال كبرت".
تعرض "النمر الأسود" خلال رحلة حياته إلى العديد من الانتقادات والحروب التي جعلته يعيش على أعصابه طوال الوقت فدخل في مرحلة "اكتئاب تناوبي".. المصطلح الذي ارتضاه للتعبير عن حزنه الدائم، متمنيًا أن يحصل على قسطِ من السعادة ولو لمدة 5 دقائق في السنة، رافضًا أن يستهلك نفسه داخل مجتمعات مادية، حتى استهوى "دور البرد في العضم" ليُنسيه الدنيا وما فيها، معتبرًا إياه علاج للاكتئاب الدائم.
حتى أنه عقب وفاته هوجم من النقاد فنجد السيناريست مصطفى محرم كتب مقالًا يقول فيه إن "أحمد زكي ليس الممثل الأول إنما ترتيبه بعد عادل إمام ومحمود عبدالعزيز، وإنه كان يعمل احتياطيًا لهما، ولم يكن يرتاد ملاعب أو استوديوهات الفن إلا في حالة إصابة أو اعتذار النجمين المذكورين"، وأن الراحل "لا يطاول هامات وقامات فنانين آخرين مثل الأساتذة محمود ياسين ونور الشريف فضلًا عن نجم النجوم الأستاذ زكي رستم ومحمود المليجي وفريد شوقي".