تنفرد "أهل مصر" بنشر مقطعين من الجزء الثاني لقصيدة الشاعر محمود سباق "من سيرة الجنوب والشمال"
الجزء الثاني:
_١_
أعرفُ أكثرَ من سببٍ للضياع
وأختار حريتي في المعارك
أختار خصمي
وأقسم بالليل والنجم والشارع الجانبي وأرصفة المدن الضائعات
وأحذية الجند وهي تدق على الأرض مثل الطبولْ
أقسم بالماء والتبغ
واسم التي لم تمر علي لأجلي
ولم تكتب اسمي على خصرها
أنني من ظلام ونورٍ
ومن سفر دائم وطلولْ
وعينين بنيتين
ورمشين أجرح من خنجرين
ووعدين ذابا على شرفة كاذبة
أنا من رمال الشواطئ جئت
وقلبي أعلقه فوق سارية السفن المشرعات
ألوح للغارقين وللتائهين عن البر
أسافر في المد والجزر
و أسكر من موجة ذائبة.
وأعرف أكثر من سبب للضياع
_٢_
أجدد روحي
وأغسل يامات عمري
وأمسح قلبي برفق
وأحمل عنه الليالي والذكريات
وأرحل
لا أتلفّتُ نحو الديار
ولا أتستاءل عن أي شيء
أمامي الديار
وخلفي الديار
ووجه حبيبي يرافقني في السفر
يختبي مرة وسط سرب نجوم
ويقذفني مرة بالقمر
وعينا حبيبي بلاد شمالية
وسواحل
دورٌ منوّرة
وشوارع مغسولة بالمطر
وشعر حبيبي ليال سنشعلها
ومعارك
خيل مدربة وخطر
وكفُّ حبيبي ربيع
وموسم حلوى
وفاكهة وثمر
وصوت حبيبي دليلٌ
وشدو كناريا وحفل سمر
مضى قبل هذا الأوان
أنا فوق جسر أمرُّ
وتحتي المراكب تغرقُ،
يغرق أبناؤنا الأبرياء
وتنتحر الأمسيات على الشاطئ المخملي
ويبكي السهرْ
وتطفو على السطح أوجه عشاقنا
وتذوب ملامحهم في الصور.
وأعرف أكثر من سبب للضياع....