توجه قرابة ٤ ملايين حاج، في ساعة مبكرة من صباح اليوم الأحد- التاسع من ذى الحجة، إلى جبل عرفات لأداء الركن الأعظم من مناسك الحج، تعانقهم وتتطلع إليهم قلوب حوالى مليار ونصف المليار مسلم بمختلف أنحاء المعمورة.
ومن بين الـ 4 ملايين حاج حوالى مليونين من خارج السعودية يحملون 183 جنسية، ومن حجاج هذا العام حوالى ثلاثة وستين ألف حاج مصرى موزعين بين وزارات التضامن والداخلية والسياحة.
ومضت بأمن وسلام حركة تفويج وتصعيد الحجاج من المدينة المنورة إلى مكة المكرمة ثم إلى مشعر منى حيث قضى الحجاج أمس يوم التروية تأسيًا بسنة النبى محمد صلى الله عليه وسلم قبل أن ينطلقوا إلى عرفات.
و يشارك قطار المشاعر المقدسة بكامل طاقته في نقل الحجاج من مشعر منى إلى عرفات "حوالى كيلومتر" عبر 9 محطات وينقل في الساعة الواحدة حوالى 75 الف حاج، بالاضافة الى الاف الحافلات التى إنطلقت فى مشهد مهيب كما أن عددًا غير قليل من الحجاج يفضلون قطع هذه المسافة سيرًا على الأقدام من منى إلى عرفات، وتستغرق حوالى 6 ساعات ويمكن لمن يتحرك من منى بعد صلاة الفجر مباشرة أن يصل إلى عرفات مع صلاة الظهر.
وجبل "عرفة" هو سهل منبسط محاط بقوس من الجبال ووتره وادي عرنة، ويقع على الطريق بين مكة والطائف شرقي مكة المكرمة بنحو 22 كيلو مترا وعلى بعد 10 كيلو مترات من مشعر منى و6 كيلو مترات من المزدلفة بمساحة تقدر بنحو 4ر10 كيلو مترات مربعة وليس بعرفة سكان أو عمران إلا أيام الحج باستثناء بعض المنشآت الحكومية.
يوم عرفة خير يوم طلعت عليه الشمس، بل هو خير أيام الله جميعا، وعلى صعيد هذا المكان الطاهر تقف اليوم جموع الحجيج في زمان ومكان واحد تشرأب فيه الأعناق وترتفع الأيادي بالضراعة لله طلبا لمغفرته ورحمته وقد أتو من كل أصقاع الدنيا بلباس واحد لافرق بين غنى وفقير ولابين رئيس ومرؤوس.
وروى جابر رضي الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله "ما من يوم أفضل عند الله من يوم عرفة ينزل الله تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا فيباهي بأهل الأرض أهل السماء فيقول انظروا إلى عبادي جاؤني شعثا غبرا جاؤا من كل فج عميق يرجون رحمتي ولم يروا عذابي، فلم ًُير يومٌ اكثر عتقا من النار من يوم عرفة"، وبعرفة نزل على الرسول صلى الله عليه وسلم قوله تعالى "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا".
ومن الأماكن بمشعر عرفة "نمرة" وهو جبل نزل به النبي صلى الله عليه وسلم يوم عرفة في خيمة ثم خطب فيه بعد زوال الشمس وصلى الظهر والعصر قصرا وجمعا "جمع تقديم" وبعد غروب الشمس تحرك منها إلى مزدلفة.
وفي أول عهد الخلافة العباسية في منتصف القرن الثاني الهجري بني مسجدًا في موضع خطبة الرسول صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع يعرف الآن بمسجد نمرة فيما توالت توسعات المسجد التي تمت على مر التاريخ وصولا للوقت الحالي، وأصبحت مقدمة مسجد نمرة خارج عرفات ومؤخرة المسجد في عرفات وهناك لوحات إرشادية تشير إلى ذلك.
وفي شرق عرفة يقع جبل الرحمة وهو جبل صغير يتكون من حجارة صلدة يصعد عليها بعض الحجاج يوم الوقوف ولا يعد الوقوف على الجبل من واجبات الحج وللجبل أسماء أخرى منها "القرين وجبل الدعاء وجبل الرحمة وجبل الآل على وزن هلال" والحكمة من الوقوف بعرفات كما يقول العلماء هو التشبه بحال الواقفين في فسيح القيامة، وقد تبعت كل أمة نبيها وكل يرجو النجاة، والواجب علي الحاج في هذا الموطن أن يضرع إلي الله ويلجأ إليه في المغفرة ليتحقق الرجاء في الرحمة.