لم يقتصر دور المرأة على البيت وتربية الاطفال فحسب، بل شاركت المرأة في أعمال هامة وتحقيق نجاح في شتى المجالات مهما واجهها من مصاعب، ومن أبرز ما شاركت المرأة في تحقيق نجاحه هو الهجرة النبوية، فلم تقتصر الهجرة النبوية على الرجال فقط، بل لعبت المرأة دور كبير وهام في تحقيق نجاحها، فقد قمن بأعمال صعبة كونهم نساء ولكن الله عز وجل أمدهم بالقوة لتحقيق الهجرة ونشر الاسلام.
فيما يلي أبرز 5 نساء لعبن دور هام في الهجرة النبوية:
1-«محذرة النبي» رقية بنت صيفي:
هي شاعرة صحابية، كانت تخشى على رسول اللّه بطش قريش، وقد حذرته حينما اجتمعت عليه قريش وهو نائم حيث عزم المشركين على قتل الرسول صلي الله عليه وسلم أثناء اجتماعهم في دار الندورة، وحينما علمت "رقية" بذلك ذهبت إلى الرسول صلي الله عليه وسلم لتحذره، بالرغم من كبر سنها الذي قد تجاوز حينها المائة عام، وأعلمته بما يزعم عليه الكفار وما تآمروا عليه.
2-«ذات النطاقين» أسماء بنت أبي بكر:
هي بنت رفيق درب الرسول صليى الله عليه وسلم أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وقد لعبت دور هام في نقل الأخبار والامداد بالطعام والشران للرسول وأبيها، حيث تحملت المشقة لأنها كانت حامل في شهرها التاسع، وبالرغم من ذلك كانت تتسلق الجبل لتصل إلي غار حراء، وقد لُقبت بذات النطاقين لأنها شقت نطاقها لنصفين لتحمل به الطعام والشراب إليهما.
3-«صاحبة الشاه» عاتكة الخزاعية:
مر النبي صلي الله عليه وسلم مع أبي بكر رضي الله عنه على خيمتين لأمرأه تسمى "أم معبد" عاتكة الخزاعية، وأردوا أن يشتروا منها طعامًا فلم يجدوا عندها شئً إلا شاة هزيلة لا لحم فيها ولا لبن ولذلك لم يخرجوها للرعي بسبب ضعفها. فقام صلى الله عليه وآله وسلم باستئذان السيدة لحلب الشاه فأذنت له. فجائت بها إلى الرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فمسح بيده على ضرعها وسمى الله تعالى ودعا الله فطلب إناء فحلب فيه حتى امتلأ ببركة النبي. فسقى السيدة حتى رويت ثم سقى أصحابه ومنهم دليلهم عبدالله بن أريقط حتى رووا جميعًا ثم شرب صلى الله عليه وآله وسلم أخرهم؛ ثم حلب فيه ثانيًا حتى امتلاء الإناء وتركوه لأم معبد وانصرفوا.
وحينما عاد زوجها أبو معبد ورأى اللبن تعجب وقال من أين لكي هذا يا أم معبد والشاه لم تحمل مرعاها بعيد، فقالت له إنه مر بناء رجل مبارك ووصفته وصفًا دقيقًا، فقال: هو والله صاحب قريش الذي ذاع من أمره في مكة، ولأصحبنه إن وجدت لذلك سبيلًا.
4-«بركة» أم أيمن:
عًرفت أم ايمن بالصحابية المهاجرة على قدميها من مكة إلى المدينة ولم تخف قريش وتعذيبهم، وخرجت للهجرة أمام أعينهم، وعندما نوت على الهجرة لم تجد راحلة، فلم تيأس بل هاجرت على قدميها، نفد منها الزاد والماء وسط الصحراء القاحلة الحارقة، وأوشكت على الهلاك من شدة العطش، فمدها الله عز وجل فرأت دلوًا يتدلى من السماء فشربت منه حتى ارتوت، وظلت مسافره وحدها حتى بلغت المدينة المنورة بعد رحلة طويلة شاقة.
5-أم أيوب الأنصارية:
بعد وصول النبي صلى الله عليه وآله وسلم،تسارع الصحابة لاستضافة النبي صلي الله عليه وسلم، وتمنى كل منهم أن ينزل في داره، حتى أنهم تنافسوا في جذب زمام الناقة التي كان يركبها النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال لهم: "دعوها فإنها مأمورة"، حتى توقفت فحمل أبو أيوب الأنصاري الرحل ووضعه في بيته عند زوجته أم أيوب فاستضافت النبي صلى الله عليه وآله وسلم فكانت سباقة في إكرامه وضيافته، وكانت بعد انتهاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الطعام تتلمس هي وزوجها موضع الطعام الذي لمسه النبي طمعًا في الحصول على البركة.
وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقيم في الدور الأرضي من منزل أبو أيوب الأنصاري وزوجته، وكان الزوجان يقيمان في الدور العلوي، فانكسر وعاء كبير يوضع فيه الماء فسال على الأرض، فسارعت أم أيوب وزوجها لتجفيف الماء بلحاف لهم -ليس عندهم غيره يحتمون به من البرد - خوفًا من أن يتسرب الماء من السقف فيقطر على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منه شيء فيؤذيه.