في بادرة ليست الأولي من نوعها، أعلن البنك المصري تحرير سعر الصرف، وذلك وفقا لآليات العرض والطلب في السوق المحلية وذلك عقب مرور أشهر من الترقب في الأسواق انتظارًا لقرار يضبط هذه المسألة.
ولم تكن تلك هي المرة الأولي التي يتم فيها "تعويم الجنيه"، حيث كانت البداية من الرئيس الراحل محمد أنور السادات، وذلك علي خلفية السماح بعودة البطاقات الاستيرادية للقطاع الخاص، وبدء حقبة التعاون مع الغرب فيعرف بالانفتاح الاقتصادي، التي تحولت بعد ذلك لما يسمى بـ"ديون نادي باريس".
وفي عام 1977 ومع عدم قدرة "السادات" علي تحرير الموازنة وقعت مرة أخري أزمة الدولار حيث تحرك سعر الدولار من 1.25 جنيه إلى نحو 2.5، ما أدى إلى إفلاس كثيرين، حيث كان القطاع الخاص يقترض بالدولار من البنوك ويعمل بالجنيه.
وفي عام 2003 اعلن رئيس الوزراء الراحل عاطف عبيد عن تعويم الجنيه عقب ارتفاع سعر الدولار بنسبة قاربت 50%، وارتفع سعر صرف الدولار مقابل الجنيه من 3.70 جنيهات إلى 5.35 جنيه.
أما علي مستوي العالم، يعود إقتراح التعويم إلي عام 1971 عقب إنهيار نظام "بريتون وودز" وهو المبادرة التي تقدمت بها الولايات المتحدة الأميركية بعد الحرب العالمية الثانية عام 1944 برفقة 44 بلدًا من الحلفاء في الحرب، وذلك بعد أن ساد العالم حالة من الكساد نتيجة لتزايد القيود المفروضة على المدفوعات وحرب التخفيضات النقدية المستمرة وتعقد علاقات المديونية والدائنية، وأفرز هذا الاتفاق إنشاء صندوق النقد الدولي والبنك الدولي من أجل الإشراف على القرارت المتخذة.
وفي عام 1967 تراجعت الولايات المتحدة رسميًا عن التزامها بتحويل جميع الدولارات المتداولة في العالم إلى الذهب، وانهارت قيمة الدولار مقابل الذهب، أصبح الحفاظ على سعر صرف ثابت مقابل الدولار أمرًا غاية في الصعوبة بالنسبة للعديد من القوى الاقتصادية في العالم.
ومن هنا بدأت أمريكا في اعتماد أنظمة صرف عائم تترك بمقتضاها حرية تحديد قيمة العملات الأجنبية للسوق بناء على قانون العرض والطلب.
ولنظام التعويم عدد من العيوب من بينها أن تعويم أسعار الصرف متقلب للغاية الي جانب استخدام الموارد الشحيحة للتنبؤ بأسعار الصرف.
ويساهم التذبذب العالي في أسعار الصرف الي زيادة المخاطر المواجهة للمشاركين في السوق المالي في وقت يعاني فيه اغلب البلاد من مشاكل اقتصادية وارتفاع معدل التضخم والبطالة.
أما عن مزايا التعويم لن تكون هنالك حاجة لإدارة أسعار الصرف من قبل الدولة، ولا حاجة أيضًا لتدخل البنك المركزي المتكرر، ولا حاجة لفرض قيود تدفق رؤوس الأموال، ولن تجعل الدولة في عزلة عن الدول المحيطة بها ولن تصدر مشكلاتها إلى الدول المجاورة كأن يكون هناك تضخم في هذه الدولة.
وفي هذا السياق، قال أمجد الدين المنزلاوى رئيس لجنة الجمارك باتحاد الصناعات، أن قرار تحرير سعر صرف الجنيه المصرى مقابل العملات الأجنبية وخاصة الدولار "التعويم" ضرورى وجاء فى التوقيت المناسب بعد أن تلقت السوق السوداء ضربات قوية خلال اليومين الماضيين.
وأضاف فى تصريحات خاصة لـــ"أهل مصر"، أن السعر السابق للجنيه الذى كان يدعمه البنك المركزى كان غير حقيقي، لذا وجدت الفجوة الكبيرة وزادت المضاربات على الدولار ليصل لمعدلات غير عادية وغير حقيقية.
وأوضح أن القرار سيكون له مردود إيجابى على الاقتصاد ومناخ الاستثمار، ولكن له تبعات اجتماعية يجب أن يصحبه دور قوى للأجهزة الرقابية لحماية الفئات الأقل دخلا.
وأشار إلى أن الفترة القادمة ستشهد تحسن ملحوظ فى مناخ الاستثمار، ويجب أن نعمل على تنفيذ قرارات المجلس الأعلى للاستثمار الأخيرة لأنها ستساعد فى تحسين مناخ العمل.
ومن جانبه، علق رجل الأعمال نجيب ساويرس، عبر صفحته الشخصية على موقع التدوين المصغر"توتير"، اليوم الخميس، إن قرار البنك المركزي المصري بتحرير سعر صرف الجنيه يعد خطوة ممتازة.
وتابع"ساويرس"، قائلًا: "التعويم خطوة ممتازة إتأخرت كثير، لكن الحمد لله تمت، نرجو من منطلق وطنى عدم التكالب على الدولار إلا للضروريات، لازم نساعد فى نجاح هذه الخطوة".
وأوضح "ساويرس"، "الواحد هينزل يشترى دولار مش محتاجله ينسى الكلام بعد كده عن الوطنية وحب الوطن، المضاربة خيانة".