أكثر من شهر مر على إعلان الجيش العراقي، بداية عملية تحرير الموصل، ورغم تفاؤل الأطراف بتلك العملية، وإحراز القوات العراقية تقدمًا على الأرض في عدد من مناطق الموصل، لكنها لم تستطع حسم المعركة حتى الآن.
وأرجع العميد أركان حرب محمد صفوت الزيات باحث عسكري وضابط سابق في الجيش المصري، سبب تأخر الجيش العراقي في حسم معركة الموصل، لاعتبارات كثيرة منها أن الإعلان عن العملية جاء بشكل متسرع.
وقال "الزيات" أن الإعلان عن عملية تحرير الموصل، جاء وفقًا للإرادة الأمريكية، ليزامن مع الانتخابات الأمريكية، ليبدو أنه نوع من الجدية في محاربة الإرهاب لصالح المرشحة السابقة للرئاسة الأمريكية هيلاري كلينتون.
وأضاف الزيات في تصريحات صحفية، اليوم الثلاثاء، أن اعتبار وجود حوالي مليون أو أكثر و250 ألف مدني في مدينة الموصل، يتسبب في إحجام قوات التحالف عن الاستخدام الموسع على نحو مثل الرمادي والفلوجة، كما أنه لم يتم تنفيذ حصار كامل على مدينة الموصل، لأن الجبهات المختلفة للجيش العراقي، لم تكن على نفس درجة التماس شرقًا وغربًا وحنوبًا، فالقوات العراقية في الجنوب كانت على بعد 40 كم، كما أن الجبهة الغربية مازالت حتى الان مفتوحة، وهو ما يساهم في استمرار تدفق مقاتلي التنظيم، من اتجاه الغرب والجنوب الغربي.
وأكد الزيات، أن إدارة الهجمات المضادة، التي يشنها التنظيم بكفاءة، تعطل عملية "تحرير الموصل" فتنظيم داعش، يلجأ إلى حد كبير إلى استخدام تكتيكات حرب العصابات والمدن على شكل واسع، وهو ما يظهر في نتائج العملية، فمن وسط 65 حي في الموصل سيطر الجيش العراقي على 18 حي فقط، مضيفًا أنه برغم أن الجيش العراقي جيش تقليدي نظامي كنظام عسكري 100 به ألف مقاتل، يتضمن قوات من الحشد الشعبي، وحرس نينوة، إلا أنه في الاتجاه الشرقي توجد أفضل فرق الجيش العراقي، وفي الجنوب والشمال توجد قوات على مستوى متواضع من التسليح، فهناك خلل في التوازن العسكري يجعل إنجاز مهمة تحرير الموصل قد يحتاج لمزيد من الوقت.
وتشن السلطات العراقية هجومًا واسع النطاق لتحرير مدينة الموصل من الجهاديين، ولكن هناك بعض الأمور التي تعطل حسم المعركة:
1/ محاولات تحويل معركة الموصل إلى ذريعة لشن حرب جديدة بـ"أيدي ثالثة"، قد تتسبب باندلاع صراع عالمي، وهو ما جعل نعمان قورتولموش، نائب رئيس الوزراء التركي يحذر من أنه "قد يتحول الأمر إلى حرب عالمية ثالثة"، حيث اعتبر قورتولموش، في تصريحات له أن الولايات المتحدة وروسيا وصلتا إلى حد المواجهة المباشرة في سوريا، وحذر من أنهما تقفان على وشك حرب إقليمية، أو ربما عالمية.
2/ الوقوع في الفوضى، حيث حذرت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية من أنّ معركة الموصل المرتقبة “قد تتحول إلى فوضى عارمة، في ظل مشاركة قوات غير مستقرة ومتجانسة في المعركة، ما قد يؤدي أيضًا إلى "تأخير الحرب على التنظيم أو حتى تشعل مزيدًا من الصراعات".
3/ يبدي تنظيم داعش مقاومة شرسة ضد هجمات القوات العراقية، والتي تعرقل تقدم المليشيات الشيعية والجيش العراقي نحو المدينة.4/ يلجأ تنظيم داعش، إلى الاعتداءات الانتحارية والسيارات المفخخة لصد تقدم القوات العراقية بالإضافة إلى شنه هجوما مباغتًا على مدينة كركوك.
5/ أعضاء التنظيم يختبئون وسط المدنيين، حيق ذكر مسؤولون أن المتشددين يختبئون وسط المدنيين ويستهدفون الجنود بموجة من السيارات الملغومة في “أصعب حروب المدن” في العالم.
وقال صباح النعماني المتحدث باسم جهاز مكافحة الإرهاب: "لذلك نحن نخوض أصعب معركة مدن ممكن أن تخوضها أي قوة في العالم.”
وأضاف: "أحيانا يتعمدون الصعود إلى أسطح منازل لا زال يسكنها مدنيون.. يحتجزوهم رهائن ويبادرون بإطلاق النار على قواتنا لأنهم يعلمون أننا لن نستخدم الضربات الجوية ضد أهداف يوجد بها مدنيون.”
6/ يستهدف المتشددون القوات العراقية، بسيارات ملغومة وأحيانا يلوحون برايات بيضاء وهم يقتربون.وقال اللواء الركن معن السعدي قائد قوات مكافحة الإرهاب للتلفزيون الحكومي إن مقاتلي تنظيم داعش شنوا أكثر من مئة هجوم بسيارات ملغومة على القوات في الشرق وهي واحدة من عدة جبهات في هجوم الموصل.
7/ يستخدم تنظيم داعش طائرات بدون طيار محملة بالمتفجرات وقذائف مدفعية بعيدة المدى مليئة بغازي الكلور والخردل واستعان بقناصة على مستوى عال.
وقال مسرور البرزاني رئيس المجلس الأمني لحكومة كردستان العراق “هناك الكثير من العبوات الناسفة بدائية الصنع التي زرعوها في أماكن مختلفة باستخدام أساليب متنوعة. ويستخدم الكثير منها مثل شبكات… لذا هم يضعون في منزل عبوة ناسفة بدائية الصنع ويحاولون إخفاءها وما إن تنفجر فإن الحي بأكمله ينفجر.”
8/ غياب الخطة لمرحلة ما بعد داعش في الموصل، فبحسب السياسي الكردي والمسؤول السابق في المكتب المركزي لاعلام الحزب الديمقراطي الكردستاني سرو قادر- يرى أنه يجب أن تكون هناك خطة لمرحلة ما بعد داعش في الموصل، ويجب أن تُقسم المحافظة إلى ثلاث، كردية في سنجار، وأخرى للمكونات في سهل نينوى، وثالثة للعرب السنة، وفيما بعد ستقرر المحافظات الجديدة في استفتاء عام إذا ما أرادت الانضمام إلى إقليم كردستان أم لا”.
يذكر أن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، أعلن منتصف الشهر الماضي، بدء العملية العسكرية لإستعادة السيطرة على مدينة الموصل من مسلحي تنظيم داعش.
وقال العبادي:"لقد أزفت الساعة لطرد الظلاميين"، داعياً أهل الموصل للتعاون مع القوات المسلحة.
وحذر الجنرال ستيفن تاونسند، قائد التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد التنظيم أن تحقيق النصر على التنظيم في معقله الرئيسي في العراق قد يستغرق وقتًا طويلا.