عمار الشريعي.. ضرب نموذجًا في تحدي الإعاقة، فهو أحد أكبر الملحنين في مصر والعالم العربي حيث قام بتلحين العديد من المقاطع الموسيقية في الكثير من الأفلام والمسلسلات تاركًا ورائه بصمة يحتذى بها، وحتى الآن تعزف ألحانه في المناسبات العامة والخاصة التي مازالت محفورة بأذهان مستمعيها.
عمار الشريعي، هو موسيقي ومؤلف وناقد مصري وهو وأحد من أعمدة الموسيقي في مصر، له علامات وبصمات في الموسيقى الآلية والغنائية المصرية، بالإضافة إلى الموسيقى التصويرية للكثير من الأفلام والمسلسلات التليفزيونية وذلك رغم أنه كفيف.
واسمه بالكامل عمار علي محمد إبراهيم علي الشريعي، ولد يوم 16 أبريل عام 1948 بمدينة سمالوط إحدى مراكز محافظة المنيا بصعيد مصر لعائلة تعتبر من أصول عائلة هوارة بالصعيد.
حفظ عمار أثناء طفولته 5 أجزاء من القرآن واشترى له والده بيانو للعزف عليه، لكن مواهب عمار لم تقتصر على الموسيقى فحسب، بل كان سباحًا محترفًا، وخلال فترة الدراسة تعرف على الموسيقار كمال الطويل وتبناه، ثم تعرف على الموسيقار بليغ حمدى وعمل مع الكثير من الفرق الموسيقية بعدها.
وتلقى "الشريعي" علوم الموسيقى الشرقية على يد مجموعة من الأساتذة الكبار بمدرسته الثانوية في إطار برنامج مكثف أعدته وزارة التربية والتعليم خصيصًا للطلبة المكفوفين الراغبين في دراسة الموسيقى خلال فترة دراسته، أتقن العزف على آلة البيانو والأكورديون والعود ثم أخيرًا الأورج.
بدأ عمار حياته العملية عام 1970 م عقب تخرجه من الجامعة مباشرةً كعازف لآلة الأكورديون في عدد من الفرق الموسيقية التي كانت منتشرة في مصر آنذاك، ثم تحول إلى الأورج حيث بزغ نجمه فيها كأحد أبرع عازفي جيله، واعتبر نموذجًا جديدًا في تحدى الإعاقة نظرًا لصعوبة وتعقيد هذه الآلة واعتمادها بدرجة كبيرة على الإبصار.
اتجه إلى التلحين والتأليف الموسيقي عام 1975 م حيث كانت أول ألحانه "امسكوا الخشب" للفنانة مها صبري، وزادت ألحانه عن 150 لحنًا لمعظم مطربي ومطربات مصر والعالم العربي.
تميز عمار الشريعي في وضع الموسيقى التصويرية للعديد من الأفلام والمسلسلات التليفزيونية والإذاعية والمسرحيات والتي نال معظمها شهرة ذائعة، وحصل العديد منها على جوائز على الصعيدين العربي والعالمي.
وفي عام 1980م كون عمار فرقة الأصدقاء، والتي كانت تضم منى عبد الغنى، حنان، علاء عبد الخالق وقد حاول من خلالها مزج الأصالة بالمعاصرة وخلق غناء جماعي حيث يتصدى لمشاكل المجتمع في تلك الفترة.
كما اهتم "عمار" بأغاني الأطفال اهتمامًا كبيرًا فقام بعمل أغاني احتفالات عيد الطفولة تحت رعاية سوزان مبارك لمدة 12 عامًا متتالية، وشارك في هذه الأعمال مجموعة من كبار الممثلين والمطربين مثل عبد المنعم مدبولي، نيللي، صفاء أبو السعود، لبلبة، عفاف راضي.
وأظهر "الشريعي" اهتمامًا كبيرًا لاكتشاف ورعاية المواهب الجديدة مثل منى عبد الغنى، حنان، علاء عبد الخالق، هدى عمار، حسن فؤاد، ريهام عبد الحكيم، مي فاروق، أجفان الأمير، آمال ماهر، وحديثًا أحمد على الحجار، سماح سيد الملاح.
وفي الفترة من عام 1991 م وحتى عام 2003 تولي وضع الموسيقى والألحان لاحتفاليات أكتوبر التي تقيمها القوات المسلحة المصرية بالتعاون مع وزارة الإعلام والتي تعتبر ذروة احتفالات جمهورية مصر العربية بانتصارات أكتوبر والتي قام تحت رعاية وحضور الرئيس المصري السابق محمد حسنى مبارك.
وعن أعماله فقد تجاوز عدد أعمال عمار الشريعي السينمائية 50 فيلمًا، وأعماله التليفزيونية 150 مسلسلًا، وما يزيد على 20 عملًا إذاعيًا، وعشر مسرحيات غنائية استعراضية وقد قام كذلك بتلحين الحفل الموسيقي الضخم الذي أقامته سلطنة عمان عام 1993 م بمناسبة عيدها الوطني وكذلك عيدها الوطني عام 2010 م.
كما قدم بنفسه عددا من البرامج الشهيرة أبرزها البرنامج الإذاعي الذي استمر عدة سنوات "غواص في بحر النغم.
وحصل عمار الشريعي على العديد من الجوائز والأوسمة منها: جائزة مهرجان فالنسيا، إسبانيا، عام 1986 عن موسيقى فيلم البريء وجائزة مهرجان فيفييه، سويسرا، عام 1989 ووسام التكريم من الطبقة الأولى من السلطان قابوس بن سعيد، سلطنة عمان، عام 1992 بالإضافة إلى وسام التكريم من الطبقة الأولى من الملك عبد الله بن الحسين -ملك المملكة الأردنية الهاشمية.
كما حصل "الشريعى" على جائزة الحصان الذهبي لأحسن ملحن في إذاعة الشرق الأوسط لسبعة عشر عامًا متتالية جائزة الدولة للتفوق في الفنون من المجلس الأعلى للثقافة، عام 2005 ووسام التكريم من الطبقة الأولى مرة ثانية من السلطان قابوس بن سعيد، سلطنة عمان، عام 2005.
وأيضا حصل على العديد من جوائز الجمعية المصرية لكتاب ونقاد السينما والمركز الكاثوليكي للسينما ومهرجان الإذاعة والتليفزيون عن الموسيقى التصويرية من عام 1977 حتى عام 1990 وكان للشريعي موقف واضح منذ الأيام الأولى للاحتجاجات التي طالبت برحيل الرئيس المصري السابق حسني مبارك وذهب للتضامن مع المتظاهرين في ميدان التحرير.
وأصيب عمار بأزمة قلبية نتيجة الإرهاق حيث خضع الموسيقار الكفيف الراحل طيلة الأشهر الأخيرة في مستشفى بالقاهرة للعلاج من مشكلات في القلب والرئة وأجرى جراحة "قسطرة" في القلب وجراحة أخرى لإزالة الماء من على الرئة ولكن في ظهر الجمعة السابع من ديسمبر 2012 أعلن عن وفاة الموسيقار الكبير داخل إحدى مستشفيات القاهرة عن عمر جاوز 64 عاما بعد أزمة صحية لأزمته خلال العام الأخير كله.