لم تنته المعركة بعد، مازال فصل آخر لم يُسطر في نهاية الرواية، وحيث تبدأ العقدة الدرامية في الانفراج إلا أنها تعود مرة أخرى إلى عمق التعقيد والتفاصيل والخيوط المتشابكة حتى تأتي ستارة النهاية، وهي اللحظة الحاسمة، في القضية، وهي الآن في يد مجلس النواب.
الدكتور علي عبد العال، رئيس المجلس، عقد اجتماعًا مغلقًا مع هيئة مكتب المجلس، "السيد الشريف، وسليمان وهدان"؛ لبحث الخطوات التالية لحكم الإدارية العليا بمصرية جزيرتي تيران وصنافير، فالأمر أصبح شديد الحساسية، حيث تبقى الكلمة العليا في تحديد مصير الجزيرتين في يد البرلمان.
الدكتور محمود كبيش الفقيه الدستوري وعميد كلية حقوق القاهرة السابق، قال إن الصراع والتخبط بين السلطات لم يظهر، قبل الآن، ولكنه ظهر حاليًا مع قضية تيران وصنافير، اعتبارًا من التخبط الموجود في الدولة، وما تلاه من محاولة كل سلطة أن تحصل على أكبر قدر من المكاسب، وبدا ذلك عند وضع الدستور، كل سلطة تبحث عن مكاسبها الشخصية، ولا يُلام عليه سلطة واحدة فحالة التخبط والانهيار جاءت مرة واحدة.
وأضاف "كبيش" في تصريحات خاصة، أنه مع تنحي الكفاءات في كل السلطات، فلم تعد هناك سلطة متماسكة سوى القوات المسلحة، ولولاها لانهار الوضع، مؤكدًا أن تيران وصنافير حسم أمرها، بأنهما مصريتين، بحكم بات، يتوجب معه امتناع البرلمان عن نظر اتفاقية "منعدمة".
وأكد الفقيه الدستوري، أنه من أجل الخروج من معترك الصراع بين السلطات، فإن الدولة بحاجة لإعادة هيكلة يقوم بها المتخصصين، فالرئيس عليه أن يبدأ بجمع المتخصصين والوطنين والأكفاء ممن لا يرغبون في المناصب، لبحث سبل حل النزاع، فغير المتخصصين أدخلوا الرئيس في معترك أن يأخذ جانب سلطة واحدة من السلطات، ولكن عليه تدارك الأمر، مؤكدًا أنه ناك بعض الأشخاص يعبثون بمصلحة الوطن ويورطون المسؤولين في السلطات، وهم غير مدركين ويتعاملون وفقًا لما يعتقدون أنه يخدم مصالحهم.
فبينما ينقسم أعضاء المجلس على أنفسهم، بين 3 فرق، منها من يرى أن إحالة القضية إلى المجلس برمته مخالف للدستور، فيما يقر بعض الأعضاء بسعودية الجزيرتين، كما يوجد عدد غير قليل من النواب يرى استحالة التنازل عن الجزيرتين المصريتين لصالح السعودية، لكن يظل البرلمان "نقطة تحول" في 3 سناريوهات متوقعة كل حسب قراره.
"صراع مع القضاء"تتجه توقعات كثيرة، إلى أن مجلس النواب سيوافق على الاتفاقية بين مصر والسعودية بإعادة ترسيم الحدود البحرية، ويحيل تبعية الجزيرتين إلى السعودية، خاصة بعد تصريحات عدد من النواب بذلك، وفي هذه الحالة يكون البرلمان قد فتح على نفسه بابا للصراع مع السلطة القضائية، خاصة بعد أن قضت المحكمة الإدارية العليا بحكم نهائي أن السيادة المصرية على جزيرتي تيران وصنافير مقطوع بها.
"صدام مع الحكومة"وبعيدًا عن التجاذب بين البرلمان والحكومة بشأن الاصلاحات الاقتصادية التي اتخذتها الحكومة مؤخرًا خاصة القرارات التي أثرت على الأداء اليومي للمواطنين، من ارتفاع الأسعار، وارتفاع أسعار الأدوية والمشاكل المتواجدة في عدد كبير من القطاعات الخدمية، إلا أن الخلاف قد يأخذ منعطفًا آخرًا، إذغ ما رفض البرلمان اتفاقية ترسيم الحدود مع السعودية.
"انسحاب البرلمان من المعركة"مفاجأة أخرى قد يفجرها البرلمان، بأن يعلن انسحابه من مناقشة الاتفاقية، وحينها تكون الحكومة في مواجهة مباشرة مع السلطة القضائية، خاصة وأن المحكمة الدستورية تنظر مدى دستورية إحالة الاتفاقية للبرلمان.
يذكر أن الفقيه الدستوري، شوقي السيد، قال إن الحكم بمصرية تيران وصنافير بات ونهائي وغير قابل للطعن عليه أمام أي جهة قضائية، مشيرًا إلى أنه يغلق الأبواب أمام البرلمان في إعادة فتح ملف الجزيرتين، وكذلك لا يجوز طرح الاتفاقية للاستفتاء بعد حكم الإدارية العليا، وأنه في حال دخول البرلمان في النقاش حول الاتفاقية هذا يعني إنه تصادم مع السلطة القضائية.
وكانت المحكمة الإدارية العليا أصدرت حكمها اليوم، بتأكيد بطلان اتفاقية ترسيم الحدود مع مصر والسعودية، وتأكيد أن جزيرتي تيران وصنافير مصريتين، بشكل قاطع ونهائي.