كان وسيظل الجامع الأزهر شاهدا على العصر الإسلام الوسطى، ورافدا من روافد الحضارة المصرية في عصرها الإسلامي والعصر الحديث.
لعب "الأزهر" دورًا هاما في الحفاظ على هوية مصر العربية والإسلامية، وظل منارة العلم والعلماء، ولكن ما لا يعرفه الكثير أن الجامع ظل مغلقاً لا تقام فيه صلاة الجمعة لمدة قرن من الزمان، بعد أن اقتحمه القائد المسلم صلاح الدين الأيوبي بخيوله.
"أهل مصر" يرصد في السطور التالية كواليس دخول صلاح الدين الأيوبي الجامع الأزهر بخيوله وإغلاقه لمدة قرن من الزمان.
اقتحم صلاح الدين الأيوبي الجامع اﻷزهر عام 1171 بخيوله، وأمر بإغلاقه وذلك بعد زوال الخلافة الفاطمية في مصر، والتي استمرت قرابة 200 عام وذلك للقضاء على كل ما يخص المذهب الشيعي وأيضا بسبب التعاليم الشافعية، التي ينتمي إليها صلاح الدين وفعل الأيوبيين مثله.
كما أزال "الأيوبي" شريط من الفضة أدرجت فيه أسماء الخلفاء الفاطميين عليه من محراب المسجد، وأنشأت المدارس السنية في جميع أنحاء البلاد وتم سحب تمويل الطلاب كما اضطر اﻷساتذة الذين علموا وتعلموا المذهب الشيعي في عهد الفاطميين للبحث عن وظائف أخري.
مع ذلك ظل اﻷزهر مركزا لتعليم اللغة العربية بالرغم من أن الدراسة أوقفت بشكل رسمي إلا أنه سمح بإلقاء الدروس الخصوصية بالمسجد واهتم صلاح الدين بصيانة المسجد وقد رممت إحدي مآذنه في عهده.
إهمال المسجد
وبصفة عامة تعرض المسجد للإهمال في زمن الدولة الأيوبية مقارنة بفترة حكم سابيقهم وتعرضت مكتبته للدمار وأهمها مخطوطات تعاليم الفاطمية وتم حظر الصلاة فيه تماما بواسطة صدر الدين بن درباس، وهو قاضي عين من قبل صلاح الدين، ولكن في نهاية المطاف اعتمد اﻷزهر الإصلاحات التعليمية الجديدة التي فرضت إلي أن تحسنت أوضاعه كثيرا مع المماليك.
بيبرس يعطي قبلة الحياة للجامع ﻷزهر
تغيرت اﻷوضاع كثيرا أثناء حكم المماليك وبالتحديد مع تولية الظاهر بيبرس عام 1266 فتم بإذنه إعادة إقامة الصلاة في اﻷزهر واستعاد المسجد شهرته السابقة ، وقد أمر بيبرس بعودة رواتب للطلاب والمعلمين وأوقفت عليه الأوقاف وفتح لكل الدارسين من شتي أقطار العالم الإسلامي.
وكان السلطان بيبرس ينفق عليهم ويقدم لهم السكن والنفقات وكانت الدراسة والإقامة به بالمجان وألقت أول خطبة فيه بعد افتتاحه على منبر جديد تم الانتهاء منه قبل الخطبة بخمسة أيام.
وفي هذا السياق يقول الكاتب تقي الدين المقريزي، في كتابه "خطط المقريزي": أدت التغييرات الاجتماعية والاقتصادية التي شهدتها القاهرة في العصر الأيوبي على إعادة تشكيل النسيج العمراني للمدينة، فشهدت هذه المنطقة مولد العديد من المدارس السنية التي بدأت في العصر الأيوبي (السيوفية والكاملية والصالحية) وازدهرت في العصر المماليكي، والعديد من الأسواق النوعية حتى أصبح موضع بين القصرين سوقاً مبتذلاً بعد ما كان ملاذاً مبجلاً".
وقال "المقريزي" أيضًا في كتابه: صلاح الدين استولى على ما بالجامع الأزهر من فضة قدر ثمنها بـ5 آلاف درهم ثم استولى على كل ما وقعت عليه يداه من فضة في بقية المساجد وبقي المسجد الأزهر معطلا لا تقام فيه صلاة الجمعة مائة عام ولا تلقى فيه دروس العلم من باب أولى حتى أعادها الملك الظاهر بيبرس.