ربما عاصرنا حروبا تقوم بين دول وتتحارب دولتان بسبب صراع سياسي أو احتلال إحداهما للأخرى او تكتل مثل ما حدث في الحرب العالمية الثانية أو لفرض احتلال اقتصادي وسياسي مثلما تفعل إسرائيل مع فلسطين، لكن الأكثر غرابة أن تجد حربا قامت بين دولتين بسبب الأيس كريم أو بسبب مباراة كرة قدم؛ لكن التاريخ ملئ بالغرابات والطرافات والتي من بينها الحروب، والتي اندلعت لأسباب تافهة لا تبدو منطقية ونحن إذ نرصد أغرب الحروب التي قامت في التاريخ البشري.
حرب الآيس كريم
حدثت في مقاطعة جلاسكو الأسكتلندية عام 1980 بين عائلات صناع الآيس كريم حول مناطق النفوذ وبيع السلع، وأدت لسقوط عدد كبير من القتلى عبر عمليات الحرق والعنف المتبادل.
حرب الـ38 دقيقةهي حرب قامت بين بريطانيا وزنجبار بدأت في 27 أغسطس عام 1896 ودامت 38 دقيقة فقط قبل أن تعلن زنجبار انسحابها من الحرب وبذلك صارت أقصر حرب في التاريخ.
حرب كرة القدم هي حرب قامت بين السلفادور وهندوراس عرفت بحرب المائة ساعة، اندلعت في أعقاب مباراة في تصفيات كأس العالم عام 1969، والتي فازت فيها السلفادور وتأهلت، ومع نهاية اللقاء كانت الدولتان قد نشرتا قواتهما على طول الحدود بينهما.في 3 يوليو من العام نفسه، انتهكت طائرة من هندوراس أجواء السلفادور وأطلقت على كتيبة من السلفادور النيران داخل الأراضي السلفادورية مما أدى لقيام السلفادور بهجوم واسع النطاق ودخلت القوات السلفادورية إلى مسافة 40 كم ولم تتورع هندوراس بل أرسلت طائراتها لضرب مدينة سان سلفادور وأكابوتلا بالقنابل، وبعد أسبوعين من تدخلات ووساطة من الدول توقفت الحرب بعد أن أدت إلى دمار كبير وخسائر في الأرواح بالآلاف.
انقلاب عسكري بسبب الدونتسفي عام 1828 دمرت الجماهير الغاضبة أجزاء كبيرة من مدينة مكسيكو خلال انقلاب عسكري وكان أحد ضحايا أعمال الشغب طاهي معجنات فرنسي مغترب يدعى "ريمونتيل" تعرض مقهاه الصغير للنهب وتجاهل المسؤولون المكسيكيون شكواه عندها التمس الطاهى مساعدة الحكومة الفرنسية للحصول على تعويض.لفت طلبه انتباه الملك “لويس فيليب” وكان الملك غاضبا بالفعل من المكسيك التي فشلت في سداد قروض بالملايين، فطالب ملك المكسيك بدفع 600 الف بيزو لتعويض شيف المعجنات عن خسائره، وعندما أحجمت المكسيك عن تسليم مثل هذا المبلغ قام “لويس فيليب” بإعلان الحرب على المكسيك.وفي أكتوبر 1838 وصل الأسطول الفرنسي إلى المكسيك وحاصر مدينة “فيراكروز” وبدأت السفن بقصف قلعة “سان خوان” ثم تبع ذلك معارك محدودة وبحلول شهر ديسمبر كان قد قتل 250 جندي. انتهى القتال في مارس 1839 عندما توسطت الحكومة البريطانية وأبرم اتفاق سلام وكجزء من المعاهدة أجبر المكسيكيون على دفع المبلغ.
حرب بدون بشرهي حرب قامت بين الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا بسبب نزاع حدودي في جزر سان خوان، سميت حرب الخنزير لأنها بدأت بإطلاق النار على خنزير. كانت حرب غير آدمية لأن الخنزير كان القتيل الوحيد.وقعت كل من بريطانيا وأميركا معاهدة أوريجون في 15 يونيو 1846 لحل النزاع الحدودي على ولاية أوريجون بتقسيم ولاية أوريجون «مقاطعة كولومبيا» بين الولايات المتحدة وبريطانيا، وفي 15 يونيو 1859 وبعد ثلاثة عشر عاما بالضبط على اعتماد معاهدة أوريجون، عثر مزارع أمريكي على خنزير أسود كبير الحجم يأكل النباتات في حديقة منزله وقام المزارع بإطلاق النار على الخنزير مما أدى إلى مقتله.وأتضح أن الخنزير كان ملكًا لجار إيرلندي من سكان المقاطعة المملوكة لبريطانيا مما أدى إلى حدوث التوتر بين البلدين.
حرب أذن جنكينزحرب بدأت عام 1739 واستمرت حتى عام 1748 بين بريطانيا العظمى والإمبراطورية الإسبانية، بسبب أن القوات الإسبانية قطعت أذن قبطان إنجليزي يدعى جينكينز أثناء قيادته لسفينة قرب سواحل إسبانيا.ي عام 1731 صعد ضابط البحرية الإسبانية إلى السفينة البريطانية (ريبيكا) التي كان يقودها الكابتن الإنجليزي روبرت جينكنز ثم قام أحدهم ويدعى خوليو ليون فاندينو بربط الكابتن جينكنز في إحدى صواري السفينة ثم جز أذنه وقال له: خذها إلى ملكك وقل له سأفعل الشيء ذاته إذا لمحته عيناي هنا.وضع الكابتن جينكنز أذنه في محلول ملحي بقارورة بعد أن تعرض للسب والإهانة والتعذيب الجسدي علاوة على استيلاء حراس الشواطئ الإسبان على الأشياء النفيسة من السفينة ريبيكا، وبعد احتجازه يومًا كاملًا، أمر هؤلاء، الكابتن جينكنز بالرحيل فورًا وإلا فإنهم سوف يحرقون السفينة، وأسرع جينكنز بالانطلاق ولدى وصوله إلى إنجلترا يوم 11 يونيو من العام 1731 توجه إلى الملك جورج الثاني ليعرض عليه شكواه وأدلى بشهادته التي تمت الموافقة عليها أمام دوق نيوكاسل بصفته سكرتيرًا أمينًا عامًا عن المستعمرات الجنوبية، وبعد ذلك أحيل التقرير إلى القائد العام البريطاني في جزر الهند الغربية الذي قدم بدوره شكوى رسمية إلى محافظ هافانا شاكيًا له المعاملة السيئة التي تعرض إليها روبرت جينكنز.والغريب أن هذه الحادثة على أهميتها لم تلق في البداية الاهتمام الكبير من قبل الملك لكنها وصلت بطريقة ما إلى إحدى المجلات التي كانت تصدر في تلك الآونة والمعروفة بمجلة الرجل المحترم حيث أفرد لها مدير تحريرها صفحة كاملة، وظل جينكنز يعرض قصته ويرويها بتفاصيل مثيرة أمام مجلس العموم البريطاني وفي المقاهي، حاملًا معه أذنه في قارورته تلك أينما ذهب، إلى أن لقيت قصته آذانًا صاغية نظرًا لغرابتها.تعالت صيحات الحرب والتعبئة وذكّر البرلمان البريطاني بالانتصارات التي حققتها البحرية الملكية في عام 1718 ضد الأسطول الإسباني في كاب باسارو خلال حرب التحالف الرباعي (1718-1720)، وأمام هذا الجو المشحون، لم يستطع رئيس الوزراء السير روبرت والبول الذي كان معروفًا بحبه للسلام، إيقاف نزعة الغضب والرغبة في الانتقام من الإسبان. وفي 23 أكتوبر 1739 تم إعلان الحرب رسميًا ضد إسبانيا واندلعت ما يسمى آنذاك بحرب أذن جينكنز.وبعد عام واحد تورطت أوروبا برمتها في حرب أخرى واستمرت طويلًا إلى أن لجأ الجميع إلى السلم عام 1748 بتوقيع اتفاقية إيكس لاشيل التي لم تدم بدورها سوى فترة قصيرة.
حرب الجردل إيطالية إيطاليةوللغرابة أن تقوم حرب بين مدينتين من نفس الدولة هي حرب عرفت تاريخيا باسم حرب الدول بدأت هذه الحرب في عام 1325 في إيطاليا بين مدينتين هما مودينا وبولونيا؛ حيث قامت فرقة صغيرة من جنود مدينة مودينا بسرقة دلو خشبي كبير من مدينة بولونيا، ولكن سكان الأخيرة لم يتغاضوا عن الحدث واعتبروه إهانة لهم وأصروا على استرجاع الدلو الخشبي فبدأت الحرب بين المدينتين واستمرت لمدة اثني عشر عامًا لم يفلح خلالها سكان بولونيا في إعادة دلوهم المسروق الذي لايزال محفوظًا في برج بمدينة مودين.
حرب صباحا وسهر ليلاولم يشهد التاريخ في غرابة هذه الحرب، التي اندلعت عام 1992 في أعقاب انهيار الاتحاد السوفييتي، وذلك حين سعى إقليم ترانسنيستريا للانفصال عن دولة مولدوفا التي انفصلت بدورها عن الاتحاد السوفيتي عام 1991؛ حيث أراد سكان الإقليم الانفصال عن الدولة الحديثة والانضمام إلى روسيا بدعم من القوات والحكومة الانفصالية الموالية لروسيا في الإقليم، بينما كانت ترى الحكومة في مولدوفا ضرورة القيام بالمزيد من التواصل والتقارب مع رومانيا.واتسمت هذه الحرب بالغرابة الشديدة، فبينما تندلع المعارك صباحًا بقوة شديدة من كلا الطرفين كانت تجتمع قوات الطرفين مساء في الملاهي الليلية وفي الساحات يحتسون الشراب ويمرحون معًا، بل إن الجنود من كلا الطرفين يعقدون صفقات واتفاقيات متبادلة بحيث لا يقتلون بعضهم البعض إذا ما تواجهوا في المعارك، وهو ما أثار دهشة العالم بأسره نتيجة هذا السلوك الجماعي الغريب.وامتدت الحرب لأربعة أشهر (من 2 مارس وحتى 21 يوليو 1992)، ولم تسفر عن شيء تقريبًا سوى مقتل 1300 شخصٍ تقريبًا من الجانبين، وتمكن إقليم ترانسنيستريا من إعلان استقلاله والحفاظ على قواته وحدوده، ولكنه لم يحظَ باعتراف دولي إلا من دولتين تشبهانه وهما، أبخازيا (تعترف بها 4 دول فقط وهي روسيا وفنزويلا ونيكاراجوا وناورو)، وأوسيتيا الجنوبية (تعترف بها نفس الدول الأربع)، كما لم ينجح إقليم ترانسنيستريا في الانضمام إلى روسيا حتى الآن.
حرب عدم الاحترام هي حرب قامت بين أسبانيا وفرنسا عام 1883 بدون سقوط أي ضحايا من الطرفين أو إطلاق للأعيرة النارية، وقامت الحرب بعدما قام الملك الإسباني ألفونسو الثاني عشر بزيارة إلى العاصمة الفرنسية باريس ولكن هذه الزيارة لم تحظَ بالاحترام من قبل الفرنسيين فتعمد سكان العاصمة إهانة الملك حتى إنهم قاموا بالاعتداء عليه مما دفع عمدة "لايجار" وهي قرية صغيرة في جنوب إسبانيا وسكانها البالغ عددهم 300 شخص آنذاك – إلى إعلان الحرب على فرنسا.وبعد 93 عامًا من استمرار حالة الحرب قام الملك الإسباني خوان كارلوس بزيارة إلى باريس ولكن هذه المرة تمت معاملته بلباقة واحترام شديدين من قِبَل الفرنسيين مما دفع مجلس "لايجار" إلى إنهاء الحرب بعد مرور 93 عامًا على بدايتها والتي لم تسقط فيها ضحية واحدة.
حرب الإمو بدون بشرالطريف في حرب الإمو أنه الحرب الرسمية الوحيدة التي لم يكن أحد أطرافها من البشر، ففي عام 1932 عانت أستراليا بشدة من الارتفاع الملحوظ في أعداد طيور الإمو (الطائر الأصلي الأكبر في قارة أستراليا)، حيث فاقت أعدادها حينئذ 20 ألف طائر وكانت تتسبب في خسائر هائلة لأصحاب المزارع التي كانت تغزوها وتأكل محاصيلها بعد أن قل طعامها في الصحراء التي كانت تعيش فيه، وهو ما أدخل استراليا في أزمة اقتصادية، ما استدعى منها أن تعلن الحرب رسميًا على هذه الطيور التي تشبه النعام كثيرًا.أرسلت أستراليا قوة محدودة من جيشها مزودة بمدافع رشاشة لقتل طيور الإمو أينما عثروا عليها وذلك في نوفمبر 1932، ولكن هذه الحملة العسكرية واجهت صعوبات عدة لم تكن في الحسبان، أهمها أن الطيور كانت تتحمل الطلقات وتواصل الركض وهو ما أتعب القوات بشدة نظرًا لقوتها وسرعتها، وبعد أسبوع واحد من بداية الحملة أعلنت الحكومة الأسترالية إيقافها في اعتراف ضمني بتفوق الطيور بشكل ملحوظ، معلنة أن المكافحة ستكون بطرق أخرى.استمرت حرب الإمو أسبوع كامل (من 11 إلى 18 نوفمبر 1932)، وتمكن القوات الأسترالية في تلك الفترة من قتل ألفي طائر فقط تقريبًا وهو ما اُعتبر فشل ذريع في حينه.