زارت بعثة صندوق النقد الدولي مصر منذ بضعة أيام، لمراجعة الدراسات التى بنت وزارة المالية على أساسها تسعير الدولار فى مشروع موازنة العام الجديد 20182017، حيث تعمل الوزارة حاليا على الانتهاء منه قبل حلول الموعد الدستورى لتسليمه للبرلمان فى نهاية مارس المقبل.
كما حرصت البعثة على الإطلاع على آخر مستجدات مشروع الموازنة، تمهيدًا للزيارة الرسمية المتفق عليها مع وزارة المالية، والتى تهدف لمراجعة مؤشرات برنامج الإصلاح الاقتصادى فى ضوء اتفاقية القرض المتاح لمصر بقيمة 12 مليار دولار على 3 سنوات.
وتسارع الحكومة المصرية لاستكمال شروط صندوق النقد الدولي، لضمان الحصول على باقي دفعات القرض البالغ 12 مليار جنيه، الممتد على مدار ثلاث سنوات، وذلك على الرغم من أن خطواتها الحالية نحو الإصلاح تتجاهل معاناة المواطنين البسطاء التي تفاقمت عقب قراراتها الأولى بزيادة تكلفة الكهرباء والمياه ورفع الدعم عن البنزين والسولار وإقرار قانوني الخدمة المدنية وضريبة القيمة المضافة.
وقال وزير المالية، فى تصريحات صحفية، سابقة، إن زيارة بعثة صندوق النقد "عادية"، فيما توقع استقبال الزيارة الرسمية، نهاية شهر فبراير أو بداية مارس، بحسب الاتفاق مع الصندوق، مشيرا إلى أن الوزارة وضعت عدة سيناريوهات لسعر الدولار فى الموازنة الجديدة تتراوح بين 14 و15 جنيها، إلا أن بعثة الصندوق أبدت توقعها باحتمال زيادة سعره خلال العام الجديد إلى معدلات أكبر من المقترحة بالسيناريوهين.
ويعتبر سعر الدولار فى الموازنة أحد الأسس المهمة التى تبنى عليها وزارة المالية مؤشراتها حول العجز الكلى والدين العام، لما له من تأثير فى احتساب قيمة الإيرادات والنفقات الممولة بالدولار فى الموازنة، ومنها شراء السلع التموينية والمواد البترولية وإيرادات قناة السويس.
وأشارت عدة تقارير صحفية، أنه من المتوقع أن تقوم الحكومة بالإعلان عن خفض إضافي للدعم أثناء زيارة بعثة صندوق النقد الدولي الموجودة بالقاهرة حاليا، للتأكيد على التقدم في برنامج الإصلاح قبل استلام الشريحة الثانية من قرض الصندوق، وما يؤكد ذلك أن المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية علاء يوسف، تحدث عن ارتفاع دعم الكهرباء من 30 مليار جنيه إلى 65 مليار جنيه في العام المالي الجاري فقط، بعد اجتماع عقده الرئيس عبد الفتاح السيسي مع وزير الكهرباء محمد شاكر، مما يؤشر على قرار جديد قد يُعلن قريبًا.
كما أكدت التقارير، أن مشروع الموازنة الجديدة تضمن أيضًا نصًا صريحًا عن تخفيض دعم المواد البترولية، يشمل تحرير سعر بنزين 92 أوكتين نهائيًا.
وعلى الرغم من إعلان كريس جارفيس رئيس بعثة مصر في صندوق النقد الدولي، في وقت سابق، أن قيمة الجنيه المصري انخفضت بأكثر من المتوقع بعد تعويم سعر الصرف، مشيرًا إلى أن القيمىة الحالية هى السوقية التى يحددها العرض والطلب، إلا أن صندوق النقد يسعى لاستكمال شروطه لتسليم القرض لمصر.
وقال شريف الدمرداش الخبير الاقتصادي، إن زيارة بعثة صندوق النقد لمصر، تشير إلى عدة دلالات أبرزها رغبة الصندوق في التأكد وضمان تنفيذ مصر لشروطه للحصول على القرض، إلى جانب لمراجعة ما تم إنجازه خلال الفترة الماضية من البرنامج الاقتصادي للحكومة، هو أمر متفق عليه مسبقًا مع الحكومة المصرية قبل أن يتم تمرير الموافقة على الشريحة الثانية من القرض.
وتابع الدمرداش، في تصريحات خاصة، أن من ضمن المراجعات التي يقوم بها الصندوق، هو التأكد من موقف الدعم وعجز الموازنة ورصيد الاحتياطي النقدي الأجنبي وغيرها من المؤشرات التي اتفقت الحكومة مع صندوق النقد الدولي على تحسينها، فالحديث عن رفع الدعم عن الكهرباء وارد وأعلنت الحكومة عزمها على ذلك خلال خمس سنوات، فمن المتوقع رفع أسعار الكهرباء والوقود وتقليل عدد المقيدين بجداول المستحقين للدعم وتنقيتها.
ومن جانبها قالت بسنت فهمي، الخبير الاقتصادي، إن زيارة بعثة صندوق النقد لمصر، تأتى ضمن خطة يضعها الصندوق للتأكد توافر الشروط ومضي مصر في طريق تنفيذها، لافتة إلى أن إجراءات رفع الدعم، ليست وليدة اللحظة وإنما أعلنتها الحكومة في البرنامج الاقتصادي، ولاشك أن توقيت التطبيق هو الفيصل، فهل سيتم التطبيق خلال هذا العام حتى يتم تمرير الشريحة الثانية من القرض؟، مستكملة "الأمر يحتاج إلى مراجعة دقيقة للقرار قبل اتخاذه".
وتابعت فهمي، إلى أن الزيادة تأكد متابعة الصندوق للأوضاع في مصر، إلى جانب سعيه في استكمال شروطه وضمان تنفيذها، مؤكدة أن الوضع الاقتصادي المصري ليس بالسوء الذي يجعل الأمور تتغير بشكل كبير العام المقبل، والدولار كان يتداول في السوق السوداء بأكثر من السعر الرسمي له.