لا صوت يعلو فوق "انخفاض الدولار" بين المصريين، خاصة بعد تراجع قيمته في البنوك الحكومية والأجنبية العاملة في مصر بشكل ملحوظ على مدار الأسابيع السابقة، محققا نسبه أقل من الـ17 جنيها، الأمر الذي زاد من الإرتباك وكبد خسائر فاضحة لمدخري الدولار في مصر وخاصة تجار العملة.
وتراجع سعر الدولار أمام الجنية فى البنوك الحكومية والخاصة والأجنبية العاملة فى مصر، اليوم الثلاثاء، بشكل كبير، وفقا لأسعار البنك المركزى المصرى، حيث سجل سعر صرف الدولار فى آخر تحديثات البنك الأهلى 16.57جنيه للشراء و16.62جنيه للبيع.
"الأمر لا يبدو مطمئنا".. هكذا عبر عدد من خبراء الاقتصاد حول الإنخفاض المستمر لقيمة الدولار في البنوك خلال الأيام الماضية، في إشارة إلى أن الإنخفاض سيكون مؤقتا، وسيعاود الدولار الارتفاع سريعا خلال الفترة المقبلة.
وأرجع نخبة من الخبراء ومحللي الاقتصاد، أن التراجع المتكرر للدولار يعود لعدة أسباب، ومنها، أن الانخفاض حصيلة بيع ٤ مليار سندات دولارية في السوق العالمي عند أعلي سعر عائد، وهو التزام مالي دولي علي مصر، إلى جانب القيود علي الاستيراد، كما أن تزايد الصادرات دور في الانخفاض المتكرر للدولار.
كما أرجع آخرون الانخفاض، لتدخل البنك المركزي، كما حدث في الأيام التي سبقت تعويم الجنيه، لخفض قيمة الدولار في السوق دون أسباب اقتصادية حقيقية. حيث أشار هاني توفيق رئيس الجمعية المصرية للاستثمار المباشر سابقا، في تدوينة عبر حسابه بـ"فيس بوك" تحت عنوان "احنا مبنتعلمش": إلى أن "إذا كان المركزى قد قام باستخدام حصيلة السندات الدولارية لخفض قيمة الدولار، فهذا يعتبر خطأً جسيمًا وتكرارًا لأخطاء الماض".
علق المحلل الاقتصادي الدكتور، مدحت نافع، على انخفاض سعر الدولار خلال الأيام الجارية، قائلًا: "هذا الانخفاض مُرتبط بمرور الفترة الساخنة من التسابق على الحصول على دولارات، من أجل تحويل أرباح الشركات الأجنبية العاملة في مِصر، وكذلك تثبيت السعر الجمركي، بالإضافة إلى أن البنك المركزي، الذي يُعد أحد المُشترين الكبار، قد توقف عن الشراء لفترة ما.
وأضاف نافع خلال لقائه ببرنامج "السوق"، أن أهم شىء في استقرار سعر الدولار هو أنْ تستقر إيرادات الدولة من الدولارات، التي قد تأتي من خلال عودة السياحة، وزيادة الاستثمارات الأجنبية داخل الدولة.
كما حذر الدكتور محمد النظامى خبير أسواق المال العالمية، من الأزمة القادمة في سعر الدولار، لافتا إلى أن سعادة المصريين بهبوط الدولار إلي مستوى 17.28 في بعض البنوك المصري، وأن التوقعات تشير إلى حدوث زيادة كبيرة جدا في سعر الدولار خلال الأيام القادمة.
وأوضح النظامى، في تصريحات تليفزيونية، أن الفترة القادمة ستشهد طلبا متزايد على الدولار، بالتزامن مع نهاية موسم الأجازات في الصين وعودة نشاط الاستيراد، لافتا إلى أن السعودية تمثل سببا ثانيا لارتفاع الدولار، خاصة مع منتصف شهر مارس، الذي يشهد بدء توافد المصريين علي أداء العمرة بعد توقف دام أكثر من 6 أشهر..
وأضاف، أنه مع اقتراب شهر رمضان الكريم، سيرتفع معدل الطلب على الدولار بشكل كبير، لتنفيذ عمليات استيراد السلع الغذائية والياميش، والمنتظر أن تبدا خلال مارس المقبل.
وفي سياق متصل، يقول الخبير الاقتصادي، الدكتور إيهاب الدسوقي، رئيس قسم الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية، إن انخفاض قيمة الدولار أمر جيد، لكنه لن يدوم طويلا، لافتا إلى أن انخفاض الدولار يرجع لأسباب خارجية ليست من صنع القائمين على الاقتصاد المصري، إلا أن في غضون أشهر قليلة سيعاود الدولار الارتفاع مرة أخرى، محققا نسبة تتجاوز الـ20 جنيها، مطالبا الحكومة بإستغلال انخفاض الدولار واحداث اصلاحات اقتصادية جادة تتلائم مع الوضع الصعب الذي تعاصره مصر حاليا.
وتابع الدسوقي، في تصريحات خاصة لـ"أهل مصر"، أن الاستيراد الموسمي، يؤثر بشكل كبير في أسعار الدولار، حيث أن سوق الاستيراد، والذي يكون له تأثير على العرض والطلب على العملات الأجنبية، يتأثر بالمواسم المحلية والأجنبية، فمثلًا قد تؤثر عطلات الشركات في الصين، تزامنًا مع عيد رأس السنة الصينية فى يناير وفبراير، على خفض الاستيراد فى ذلك الوقت، فيما يزيد الاستيراد تزامنًا مع المواسم المحلية المصرية، كشم النسيم ورمضان، مما يدفع أسعار العملات الأجنبية إلى الارتفاع.
ويتوقع الدكتور حسين صبور، الخبير الاقتصادي، ورئيس السابق لجمعية رجال الأعمال، أن انخفاض سعر الدولار نتيجة التدفقات الاستثمارية وضعف الطلب علي العملة الأمريكية من قبل المستوردين والشركات، وكذلك ارتفاع الاحتياطى الأجنبى ليسجل 26.4 مليار دولار، لافتا إلى أن الإنخفاض ليس بالضرورة بشرة خير، متوقعا عودة الإرتفاع في نهاية مارس المقبل، مما يزيد من صعوبة الأحوال الاقتصادية في مصر.
وتعليقا على الاصلاحات الاقتصادية، قال "صبور"، أن أسعار الدولار ستعاود الارتفاع بشكل كبير، ولا يمكن الحديث عن نجاح الاصلاحات في الوقت الحالي حتى بعد انخفاض الدولار وزيادة التحويلات، ولكن الحكم عليه بذلك يكون عند استقرار الدولار على سعر عادل وطبيعي أمام الجنيه، وهذا السعر يفترض أن يتراوح بين 13 و14 جنيه.