اعلان

أصلها إيطالي وبدأت في القرن العشرين.. ما لا تعرفه عن "الروبابيكيا"

الروبابيكيا

لم يترك حيا غنيا أو فقيرا، نسمعه منذ عشرات السنوات، ينطق بصوت جمهوري "بيكيا" أو "روبابيكيا" جارا عربة خشبية صغيرة أو مستقلا أخرى ذات موتور، يجوب الأحياء جميعها يجمع قطع الأثاث غير المستعملة والملابس القديمة وقطع الخشب والنحاس والألومنيوم، عشرات الأعوام ولا نعرف أصل هذه المهنة ولا معناها.

مع ارتفاع موجة الأسعار وزيادة الفقر، نجد أغلب الناس تتجه إلى شراء البيكيا أو المستعمل لما فيه من متانة شبه جيدة وأسعار زهيدة جدا، ضربة الحظ ستكون في انتقاء هذه القطع من وسط المئات.

مهنة الوربابيكا مهنة من لا مهنة له كما تعتبرها الأغلبية من المجتمع المصري، ويشتغل فيها الكبير والصغير، وأصبحت في الفترة الأخيرة تستوعب حاملي الشهادات العليا من الذين لا يفضلون انتظار وظيفة قد تأتي وقد لا تأتي، لذلك يختارون هذه التجارة التي لا تستدعي مهارات أو اختصاصات، فقط البعض من الصبر والحظ اللذين قد يجعلان تاجر "الروبابيكيا" من أغنياء التجار.

"بيكيا" أو "روبابيكيا" هي كلمة معربة من أصل إيطالي وتعني الملابس القديمة، فـ”روبا” معناها ملابس و”بيكيا” تعني القديم. معنى كلمة روبابيكيا هى تجارة الأشياء المستعملة والمستغنى عنها بصفة عامة أو ما نسميه فى مصر (كراكيب)، والتسمية (روبابيكيا) محرفة قليلًا عن التسمية الإيطالية لهذه التجارة، وتعنى (أشياء أو ملابس قديمة).

وعن تجارة الأشياء المستغنى عنها، كانت هناك تجارة (البوتيليا) وهى تقوم على استبدال الزجاجات الفارغة مقابل الطبلة الشعبية (الدرابوكا)، أو تماثيل من الجبس الملون، أشهرها تمثال للفنان الشعبى (محمود شكوكو)..

وكان هؤلاء الباعة ينادون على تجارتهم (بوتيليا.. شكوكو بقزازة)، وقد انتشرت هذه التجارة فى مصر منذ عقد الأربعينيات.. وأثناء وعقب الحرب العالمية الثانية، وذلك لتردى صناعة الزجاج فى مصر فى تلك الفترة.. وكلمة (بوتيليا) إيطالية ومعناها (زجاج)..

تجارة الأشياء المستعملة أو المستغنى عنها قد نشأت فى مصر على أيدى أبناء الجالية الإيطالية. ويضاف إلى ما سبق ذكره (سوق الكانتو)، وهو سوق كانت تقام فى الحارات الخلفية لبيع الملابس المستعملة، وكلمة (كانتو) إيطالية هى الأخرى! ومعناها: (ركن - زقاق).. والتعبيرات الشعبية: (ساكسونيا، كامبيو، روبابيكيا، بوتيليا، كانتو) وردت بالتفصيل وفى الترتيب الألفبائى لها فى كتاب (معجم فرج للعامية المصرية والتعبيرات الشعبية)، فى النصف الثانى من القرن العشرين.

ظلت المهنة تقليدية، كما بدأت قبل العشرات من السنين، فلم يختفِ صوت البائع أو يغيب عن المرور اليومي على الكثير من المنازل دون الارتباط بمنطقة راقية أو أخرى شعبية، كان دوره مقتصرا على شراء الأشياء القديمة من أناس وبيعها لأناس آخرين متهمين بها وبعد سنوات بدأوا فتح قنوات اتصال مباشرة لتوريد ما قاموا بشرائه إلى المصانع التي تعيد تدوير هذه المنتجات مرة أخرى، حتى أصبحوا من القواعد الأساسية التي تقوم عليها مصانع كثيرة، تعمل في إنتاج الأوراق والحديد والصلب والبلاستيك، وكلما كانت “الروبابيكيا” عالية الجودة، كان المقابل المادي مرتفعا.

مهنة الروبابيكا لا تحتاج إلى سنوات خبرة ولا إلى توظيف من قبل مختص كل ما يحتاجه العامل بها هو القدرة على إقناع الناس لشراء ما لديهم من مستلزمات (أجهزة كهربائية مختلفة وملابس) قديمة يمكنه بيعها إلى المصانع مباشرة دون أن يمر على حلقة "المورد إلى المصانع".

مع زيادة معدلات البطالة في المجتمع المصري، لم يعد اللجوء إلى مهن مثل بائع ومشتري “الروبابيكيا” أمرا معيبا بالنسبة إلى الكثير من الشباب لمواجهة متطلبات الحياة اليومية من خلال اقتصاد غير رسمي، حتى وإن كانوا من حملة شهادات جامعية.

لا تنحصر الأشياء التي يشتريها أصحاب هذه المهنة من المنازل في مستلزمات محددة، وكثيرا ما يرى الناس البائع يسير بعربة متواضعة وهو يحمل عليها مقتنيات لا تمت لبعضها بصلة، من ملابس قديمة وأواني طهي نحاسية أو ألومنيوم وأدوات كهربائية متنوعة وقطع سيراميك ورخام محطمة، كل منها سوف يذهب إلى المورد الخاص به.

ويتم توريد المعادن مثلا إلى مصانع الحديد والصلب، والأدوات الكهربائية تباع إلى المصانع الخاصة بها، وكذلك السيراميك أو البلاستيك والأخشاب.

القاهرة بها عدد من المناطق المشهورة ببيع وشراء الروبابيكا مثل "عزبة أبو حشيش" في غمرة، وشارع العشرين بمساكن عين شمس، وعزبة "أبوقرن" بمصر القديمة، التي تضم الآلاف من التجار العاملين في سوق الروبابيكيا وهناك يجتمع المئات من العمال والباعة لفرز البضائع التي تم شراؤها تمهيدا لبيعها مرة أخرى إلى كبار التجار.

قد لا تتفاجأ عندما تجد بين كل هؤلاء مواطنين جاؤوا لشراء أثاث خشبي يحتاج فقط إلى صيانة بسيطة، باعه أصحابه لحاجتهم إلى تجديد أثاث المنزل فقط، وهناك من يقبل على اقتناء أجهزة كمبيوتر قديمة، وآخرون يشترون ثلاجات وغسالات وتلفزيونات، أو مكاتب مستعملة، من المخازن المنتشرة، إلى جانب إمكانية شراء انتيكات وغيرها من المنتجات، كالجلود الطبيعية والملابس القديمة.

ورغم ما يبدو على العامل بهذه المهنة من أثار الفقر في بعض المناطق إلا أن بعض التجار يعطون "سريحة" الروبابيكا، أجرة يوميا ما بين 500 وألف جنيه ليشتري بها الأشياء القديمة من المنازل، ويملي عليه الأسعار التي يشتري بها، وهي غالبا ليست ثابتة، وتتفاوت طبقا لنوع السلعة، وكل بائع يحتكر منطقة سكنية بعينها، ومن الصعب تغييرها بعدما عرفه سكانُها وحفظ شوارعها.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
القسام: فدائي في صفوفنا تنكر بزي جندي عبري وفجر نفسه بقوة إسرائيلية