أقباط العريش جاءوا إلي محافظة الشرقية، يلتقطون أنفاسهم اللاهثة من الخوف والرعب والتعب في آن واحد، وضعوا ملابسهم ومتعلقاتهم الشخصية التي جمعوها سريعًا في حقائب، تاركين منازلهم وأعمالهم في العريش، آملين في حياة أكثر أمنًا في المحافظات التي تم تهجيرهم قسرًا إليها، ومن بينها الشرقية.
" كل يوم كنا نحٌط إيدينا علي قلبنا ونقول الدور علي مين " بهذه الكلمات تحدث المهندس ميلاد صدقي، 63 عامًا لـ "أهل مصر" قائلا "منهم لله الإرهابيين عيشونا في خوف ورعب، وجعلونا نخشى النوم حتي لا يأتون إلى منازلنا ويقتلونا ونحن نائمين".
الدور على مين
وتابع ميلاد، أنا أعمل كبير الأخصائيين الزراعيين بالعريش، وزوجتي ربة منزل، ولدينا بنتان " ميرفت، أخصائية صحافة بمدرسة أبندائية"، و"مريم"، تعمل بالعلاقات العامة بديوان عام محافظة العريش، ومنذ معاهدة السلام ونحن نسكن بالمدينة، ولم نشعر بأي شئ سوى بالسعادة والأمن، ولكن السنوات الماضية ومنذ انتشار الإرهاب في سيناء، ونحن نعيش في رعب مما سيحدث لنا، وزاد هذا الرعب فور تصيد الإرهابيين للأقباط، فقررنا ترك المحافظة خوفًا علي بناتي وزوجتي أن يقعو في ايدي الارهابيين، أو انهم يهجمون علينا في منزلنا ويقتلونا كما فعلوا في غيرنا.
وأستطرد قائلًا، منهم لله دمروا حياتي وحياة بناتي، فنجلتي مريم كان من المقرر الاحتفال بزفافها خلال الشهرين القادمين، ولكن بعد أن هاجرنا وتركنا العريش فلن نستطيع ان نٌقيم العرس، وكيف نفرح ونحن مكلومون وضائعين في محافظة أخي لا نعلم فيها أحد، فالاضافة الي بٌعدنا عن اصدقائنا وحبايبنا.
حرق الاقباط أحياء
فيما أضاف أحد المهاجرين الاقباط لمحافظة الشرقية، "عاطف عبدالسيد شحاته، 55 عامًا "، كنا نعيش في سلام وأمان بالعريش، وكنت سعيد جدا انا وزوجتي بالمعيشة هناك حيث ان منزلنا كان مجاور للبحر، ومن حُبنا للمدينة لم نٌفكر في تركها والعودة الي محافظتنا الأم " الشرقية ".
وتابع عاطف إنه عقب قيام الإرهابيين بقتل أحد الأقباط هو وابنه وإشعال النيران بهم داخل منزلهم فقط لأنهم أقباط، لم نستطع أن نتحمل حالة الرعب الذي تملكنا، فصارعت أنا وزوجتي ثاني يوم من الواقعة، بتحضير حقائبنا والهروب من المنطقة التي نسكن بها "المساعيد"، وأتينا إلى محافظة الشرقية.
وأستطرد قائلا، انني وزوجتي من محافظة الشرقية، ولكننا نعيش في العريش منذ 15 عامًا، حيث تم نقلي من مدرسة الشهيد طيار بشارع فاروق في مدينة الزقازيق، الي مدرسة حي المساعيد، وعقب وصولنا الي هناك تم تعيين زوجتي " عايدة " في نفس المدرسة، مٌطالبا محافظ الشرقية ان يتم نقله مره اخري لذات المدرسة التي كان يعمل بها قبل انتقاله الي العريش.
فيما طالبت مريم وديع موسي إحدي النازحات من العرش الي محافظة الشرقية، المحافظ بتوفير شقة لتسكن بها، مع تعيينها بذات عملها كفني صيانة أجهزة طبية بمديرية الشئون الصحية بشمال سيناء.
يٌذكر ان محافظة الشرقية استقبلت حتي الآن 8 أسر من الأقباط النازحين من العريش الي المحافظة بواقع 33 فرد، حيث التقي بهم محافظ الشرقية لمساعدتهم علي توفير احتياجاتهم.