"أهل مصر" في أخطر قرية بالإسكندرية.. تعيش في العصور الوسطى.. وجماعات مسلحة تسيطر عليها.. وزيارة مسؤول تعيد الأمل للأهالي (صور)

قرية فقيرة
قرية فقيرة

حياة مأساوية ومعاناة شديدة يعيشها أهالي قرية عبد الباسط عبد الصمد، التابعة لبرج العرب بالإسكندرية، والتي يكمن حلمها في أن تعيش ليوم واحد في أمن وأمان كغيرها من القري الآمنة، بعد أن أصبحت مهددة من قِبل جماعات مسلحة مجهولة تتردد عليها باستمرار، يتحدثون بلهجات عربية غير مألوفة لأهالي القرية، ويقودون سيارات ذات شكل غريب، وأصبحوا يقاسمون الأهالي عيشهم.

"قطاع طريق.. انتشار عمليات التنقيب عن الآثار.. استحواذ على الأراضي الزراعية.. عمليات سرقة.. تجارة المخدرات.. تجارة السلاح".. هذا هو حال القرية، والتي تظهر عليها معالم الحياة البدائية نظرًا لافتقارها لكافة الخدمات التي يستطيع المواطنون العيش من خلالها، وغياب المسؤولين عنها.

انتقلت "أهل مصر" إلى قرية "عبدالباسط عبدالصمد" لرصد عن قرب حقيقة ما يدور داخلها ومعاناة المواطنين بها.

-"أبيار" بديلة للصرف

عدم وجود صرف صحي بالقرية تعد من أكثر المشكلات التي تواجه المواطنين بها، مما دفعهم لحفر "أبيار" في الأرض يبلغ عمقها 25 متر بديلًا عن الصرف الصحي، وهو ما تسبب في العديد من حالات الوفاة نتيجة الغرق فيها، وأكد الأهالي أنه تم تخصيص 15 فدان أرض لإقامة مشروع للصرف الصحي منذ عام 2006 إلا أنه لم يتم تنفيذ المشروع إلى الآن دون معرفة السبب.

كما تعاني القرية من عدم توافر أي وسائل مواصلات، فضلًا عن تردي أوضاع الطرق المؤدية إليها، والتي أطلق عليها البعض "طرق الموت"، والتي كانت سببًا في وفاة العديد من أهالي القرية وأصبحت تشكل خطرًا علي حياة المواطنين، حيث لم يتم رصفها منذ قرابة 30 عامًا، كما أنه لا يوجد طرق نهائيا داخل القرية.

- تردي الأوضاع الصحية

كما تفتقر القرية لكافة أنواع الرعاية الصحية على الرغم من توافر مستشفى بها، كتب على أحد جدرانه "الصحة عنوان الحياة" ولكن الحقيقة على النقيض تمامًا، حيث أنه مغلق 24 ساعة ولا يوجد به أطباء، غير مدير المستشفي الذي يتردد عليه مرة كل أسبوع لبضعة دقائق لتوقيع الحضور، ولا يوجد سوى شخص لحراسته، بحسب قول الأهالي.

وحاول مراسل "أهل مصر" دخول المستشفي مدعيًا أنه يعاني من ألم ويريد طبيبًا لتوقيع الكشف عليه، فقال حارس المستشفى إنه لا يوجد أطباء، قبل أن يطرده خارج المستشفى قائلًا: "النهاردة الجمعة إجازة ومفيش كشف"، علمًا بأن اليوم كان يوم الأحد وليس الجمعة، مما يكشف واقعة فساد مالي وإداري لتقاضي أطباء المستشفي والعاملين به رواتبًا دون عمل، كما أنه يُعد تلاعبًا بأرواح المواطنين.

- المدارس مهجورة

أيضًا تفتقر القرية للخدمات التعليمية، حيث يوجد بالقرية مدرسة تضم مرحلتي "ابتدائي وإعدادي" وتحتوي علي ما يقرب من 12 فصل ويوجد بها ما يبلغ 10 مدرسين، كما يوجد مبنى لمعهد أزهري من المفترض أن به ما يقرب 10 مدرسين، ولكن في الحقيقة لا يتواجد بالمدرسة والمعهد سوى 3 أو 4 مدرسين فقط طوال أيام الأسبوع، وفقًا لما ذكره الأهالي، كما أنه لا يتم إجراء اختبارات للطلبة بهما، بالإضافة إلى أن الأرض التي تم تخصيصها لإنشاء مدرسة ثانوي عام عليها، لم ينفذ المشروع حتى الآن.

- مركز شباب مغلق بالأقفال

أما مركز شباب القرية فهو عبارة عن مبنى قديم يكاد يكون مهجورًا نظرًا لعدم تواجد العاملين به بشكل مستمر ولا يوجد به سوي غرف مغلقة بالأقفال، وطاولة "بينج بونج" متهالكة وأسلاك الكهرباء متساقطة قريبة من الأرض مما تشكل خطرًا علي حياة المواطنين، ولا يوجد بالقرية أي أنشطة سوي ملعب لكرة القدم يتم استئجاره للشباب بـ"الساعة".

- تهريب السلع التموينية

كما يطالب الأهالي بنقل تبعية الجمعية الاستهلاكية بالقرية إلي مديرية التموين بالإسكندرية حيث أنها تتبع مديرية التموين بمطروح، وهي مغلقة بشكل دائم وما يأتي لها من سلع تموينية تقوم ببيعها لأصحاب المحلات التجارية بالقرية بسعر الجملة، ليتم بيعها للمواطنين بأسعار مرتفعة مستغلين عدم وجود محلات تجارية أخري بالقرب من القرية، وهو مالا يتحمله الأهالي نظرًا لصعوبة حالتهم المعيشية.

-جماعات الليلة

يطالب الأهالي في القرية بتوفير نقطة شرطة بالقرية لحفظ الأمن، حيث يعيش الأهالي في حالة من عدم الأمن نتيجة لتردد جماعات مسلحة مجهولة على القرية بشكل مستمر، ويتحدثون بلهجات عربية غير مألوفة لأهالي القرية الأصليين، ويقودون سيارات ذات شكل غريب، مما يثير الذعر بين الأهالي، كما أنهم متخوفون من أن تكون هذه الجماعات ذات صلة بالجماعات الإرهابية، خاصة وأن القرية بها العديد من الأشخاص المنتمين لجماعة الإخوان الإرهابية، كما اتخذ العديد من هؤلاء الأشخاص القرية مسكنًا لهم.

أيضًا يعاني الأهالي من انتشار حالات السرقة والاستحواذ على الأراضي الزراعية عنوة، كما يعانون أشد المعاناة من قطاع الطريق بدءًا مع حلول الليل، كما تتحول القرية ليلًا إلى ظلامٍ دامس نظرًا لعدم وجود أعمدة إنارة بها، ويدخل الأهالي إلى منازلهم لا يخرج منها أحد خشية السرقة وخوفًا من الجماعات المسلحة التي تتردد على القرية مع حلول الليل، كما يسمع الأهالي بشكل يومي وبصفة مستمرة أصوات طلقات لأعيرة نارية غير معلوم مصدرها.

كما تنتشر أيضًا بالقرية العديد من عمليات التنقيب عن الآثار، والسرقة، وتجارة المخدرات، وتجارة السلاح والذي ينتشر بالقرية بنسبة كبيرة، وسط غياب للأجهزة الأمنية.

من جانبها، زارت بهية عبد الفتاح، رئيس مركز ومدينة برج العرب بالإسكندرية، قرية عبدالباسط عبدالصمد، لبحث المشكلات التي تواجه القرية، وتفقدت خلالها مستشفى القرية، والتي يشتكي الأهالي من عدم وجود أطباء بشكل دائم، وكذا مركز الشباب والطرق القرية الغير ممهدة، والأرض التي تم تخصيصها لإنشاء مدرسة ثانوي عام عليها ولم ينفذ المشروع.

ووعدت عبدالفتاح، في تصريح خاص لـ"أهل مصر"، برصف الطريق الرئيسي المؤدي إلى القرية عن طريق إسناده إلي المنطقة الشمالية العسكرية لتنفيذه، وكذلك إنارة الطريق بشكل عاجل إلي أن يتم رصفه، نظرًا لما يمثله من خطورة علي أرواح المواطنين بالقرية، مشيرة إلي أنها حصلت علي موافقة ببناء سور حول مركز شباب القرية.

وأضافت أنها ستعمل على حل مشكلة مستشفى القرية والاهتمام بصحة الأهالي بها، والعمل على تنفيذ مشروع بناء المدرسة الثانوي، معربة عن اندهاشها الشديد من وضع القرية المؤسف والتي تفتقر للعديد من الخدمات، متسائلة أين كان رؤساء مجلس مدينة برج العرب السابقين من المشكلات التي يعاني منها أهالي القرية، مضيفة أنها ستتواصل مع جميع الجهات المعنية بالمحافظة ولن تترك أهالي القرية حتى يتم تلبية كل مطالبهم وحل جميع المشكلات التي يواجهونها فهذا حقهم.

وأعرب أهالي القرية عن سعادتهم الشديدة بزيارة رئيس مركز ومدينة برج العرب، مضيفين أنهم أخيرًا أصبح لهم وجود على الخريطة وأصبح هناك من المسؤولين من يستمع إلي شكواهم ويعمل علي حل مشكلاتهم، مطالبين بنظر المسؤولين اليهم بعين الرحمة ورفع المعاناة عنهم وحل مشكلاتهم.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً