وقع اليوم الأربعاء، هجومُ إرهابي، أمام مقر البرلمان البريطاني وسط لندن، ما أدى إلى وفاة أربعة أشخاص، من بينهم مهاجم وضابط شرطة، ودهس رجل عددًا من الأشخاص، على جسر ويستمنستر، وبعد ذلك ترجل من سيارته وطعن شرطيًا، بينما كان هناك ضباط من بين جرحى عملية الدهس، وتنفذ شرطة لندن عملية أمنية كبيرة حاليًا،عقب الحادث.
ووقع الهجوم في وقت كان مجلس العموم يعقد جلسة المساءلة الأسبوعية لرئيسة الوزراء تيريزا ماي.
وفي هذا التقرير ننشر لكم معلومات حول البرلمان البريطاني.
تعود جذور البرلمان البريطاني إلى فترة ما بين القرنين الثامن والحادي عشر الميلاديين، وإلى أسلوبين استخدمهما ملوك الأنغلو سكسون للحكم في تلك الحقبة هما "ذي ويتان" و"موتس"، وتعنيان باللغة الإنجليزية القديمة مجلسا للأعيان، أو اجتماعا لممثلي المناطق يضم مستشاري الملك البارزين والنبلاء ورجال الدين، يدعو إليه الملك لمناقشة مسائل تهم البلاد.
استخدمت كلمة "برلمان" رسميًا لتسمية المجلس الكبير، الذي يضم المستشارين والنبلاء وبارونات ورجال الدين، لأول مرة في عام 1236، لوصف الاجتماع الاستشاري للملك، وهو لفظ مشتق من الكلمة الفرنسية "برلير" وتعني المجلس.
وشكل عام 1258 نقلة في مفهوم البرلمان بعدما اصطدم حينها الملك هنري الثالث مع النبلاء، وأقر البرلمان المنعقد في حينها في أكسفورد اتفاقية تتضمن مقترحات بانعقاد البرلمان لاجتماعات منتظمة ثلاث مرات في العام وإدخال 12 ممثلا للمقاطعات من غير النبلاء.
وطور الملك إدوارد الأول، الذي تولى الحكم في عام 1272، البرلمان إلى مؤسسة، وأصبح انعقاده بشكل منتظم في العشرين عاما الأولى من عهده، بمعدل مرتين في السنة.
وفي عام 1295، دعا الملك إدوارد البرلمان إلى الانعقاد بحضور ممثلَيْن عن كل مقاطعة وبلدة لأول مرة، ولذلك وصف حينها البرلمان بأنه مثالي.
ومنذ 1329 وحتى عام 1341، كان ممثلو الشعب والنبلاء والملك يجلسون سوية في قاعة واحدة بما يسمى مجلس العموم، لكن ممثلي الشعب في مجلس العموم انفصلوا بعد ذلك عن النبلاء الذين أصبح لهم مجلس آخر بالبرلمان يسمى مجلس اللوردات.
شكل عام 1649، منعطفا في تاريخ بريطانيا الحديث، فبعد سنوات من اندلاع الحرب الأهلية عام 1642، قام عضو مجلس العموم أوليفر كرومويل بمساندة الجيش والبرلمان في الثورة على الملك تشارلز الأول وإعدامه بعد رفضه التنازل على العرش.
وأعلن بعدها مجلس العموم إلغاء الملكية في البلاد، وحل مجلس اللوردات، وأعلن بريطانيا جمهورية برئاسة كرومويل، لكن الحال لم تستمر كذلك، إذ توفي كرومويل في سبتمبر عام 1658 ليخلفه نجله ريتشارد الذي خلع من الحكم عام 1659 وسط فوضى بالبلاد.
وانتهت هذه الفترة بعدما طلب الشعب من العائلة المالكة العودة إلى الحكم مرة أخرى، حيث أعيد تنصيب تشارلز الثاني ملكا في مايو 1660 لتعود بذلك الملكية إلى بريطانيا، لكن بأسلوب جديد سمي بالملكية الدستورية التي سحبت سلطات الحكم من الملك ومنحتها للبرلمان المنتخب.
وحتى عام 1832، كان لمجلسي العموم المنتخب واللوردات المعين وبعضه بالوراثة سلطات متساوية تقريبا، لكن قانون الإصلاح في ذلك العام قلص كثيرا من سلطات مجلس اللوردات.
كما قلصت قوانين برلمانية في عامي 1911 و1949 فعالية مجلس اللوردات. وبدأ البرلمان بالفعل عام 1999 تقليص عدد أعضاء مجلس اللوردات من فئة النبلاء بالوراثة.
البرلمان البريطاني هو أعلى كيان حكومي في المملكة المتحدة والمقاطعات البريطانية عبر البحار، وهو وحده لديه الحكم البرلماني، والذي يجعله أعلى قوة فوق كل الأجسام السياسية الأخرى، على رأسه الحاكم أو الحاكمة، وفي الحاضر هي الملكة إليزابيث الثانية.
ويتشكل برلمان المملكة المتحدة حاليا من مجلسي العموم واللوردات، ويضم مجلس العموم 650 عضوا منتخبا، وتحظى إنجلترا بالنصيب الأكبر من مقاعد البرلمان برصيد 529 مقعدا ومن ثم اسكتلندا 59 مقعدا وويلز 40 مقعدا وأيرلندا الشمالية 18 مقعدا.
أما مجلس اللوردات فيضم 704 أعضاء معينين وبعضهم بالوراثة، وينتظر أن يُقلص عددهم إلى النصف.
وينقسم أعضاء مجلس اللوردات إلى صنفين الأول لوردات روحيون وهم الأساقفة ومسؤولو الأديرة، والثاني يضم من يحمل لقب نبيل ودوق وبارون.
ويعد مجلس العموم السلطة التشريعية في بريطانيا، حيث يشكل الحزب الذي يحصد أغلبية مقاعد المجلس في الانتخابات الحكومة بطلب من الملك أو الملكة.
وحسب تقاليد الدستور البريطاني فإن كل وزراء الحكومة، ومن بينهم رئيس الوزراء هم أعضاء في مجلس العموم وأعضاء في مجلس اللوردات أحيانا.
والمجلس الأعلى، ممثل بمجلس اللوردات، ومجلس سفلي، ممثل بمجلس العموم، والملكة هي المكون الثالث للبرلمان. مجلس اللوردات يحتوي على نوعين من الأعضاء: اللوردات الروحيون، الممثلين بأعلى أساقفة كنيسة إنكلترا، واللوردات الدنويون، الممثلين بالنبلاء؛ وأعضاءه لا يتم انتخابهم من قبل عامة الشعب ولكن يتم تعينهم من قبل حكومة قديمة وحديثة، أما مجلس العموم، فهو منتخب ديموقراطيًا مع انتخابات تقام كل خمس سنوات على الأقل.
حسب تقاليد الدستور، كل وزراء الحكومة، من ضمنهم رئيس الوزراء، هم أعضاء في مجلس العموم، أو أحيانًا في مجلس اللوردات، وبذلك فهم مسؤولون عن فروع الحكومة المعطاة إليهم.
المجلسين يجتمعون في غرف مفصولة في قصر وستمنستر، في مدينة وستمنستر في لندن.