"أبو الكرم": ضاعت ثروتي في بلدي وصنعتها من جديد في مصر.. حكايات أسر سورية بدأت من الصفر ووصلت للقمة

محمد الحلبى لاجى سوري

تركوا بيوتهم جراء الحرب الشعواء التي تستهدف بلادهم، لم يعد هناك مفر من وضع كل ممتلكاتهم خلف ظهورهم، والبحث في بلد جديد عن ثروات ضاعت نتيجة النار والدمار الذي حوّل مدنا وقرى إلى قطع من جهنم.

هذه المقدمة تمثل العنوان العريض للمأساة التي تواجه الأسر السورية، وعلى الرغم من بشاعتها، إلا أن الظروف السيئة لم تهزم الشخصية السورية، إذ تمكن "أبناء حلب" من وضع بصمة مميزة في كل دولة وطأت أقدامهم فيها، ما جعلهم يتحولون من ضيوف إلى أصحاب بيوت.

نرصد في هذا الملف قصص وحكايات تكشف عن عبقرية الشخصية السورية، فهنا بدأت حياتهم كفقراء لا يمتلكون إلا القليل، وهنا أيضًا رسموا صورة مضيئة لنجاحات جعلت في وسطهم أثرياء لديهم ممتلكات خاصة ومشاريع يعكفون على إدارتها.

"صنعة في اليد أمان من الفقر" أحد الأمثلة السورية الكاشفة التي فضًل تيسير النجار، رئيس الهيئة العامة السورية للاجئين في مصر، أن يبدأ بها حديثه مع "أهل مصر"، مشيرًا إلى أن النشأة تمثل عنصرا أساسيا في نجاح السوريين في مشاريعهم الخاصة.

النجار أوضح أن الطفل السوري يتعلم ثلاث مهن على الأقل، وأنه يستثمر وقت ما بعد اليوم الدراسي في النزول إلى سوق العمل واكتساب مهارات شخصية، لافتًا إلى أن الشباب السوري لا ينظر إلى شراء سيارات بقدر ما يرى أن النجاح هو ما سيجعله يشتري كل ما يتمناه، مشيرًا إلى أن كل شخص سوري يفكر في مشروعه الخاص.

أبو الكرم، حكايته تعد بمثابة تجسيد للشخصية السورية، جاء إلى مصر هاربًا من الجحيم المتصاعد في بلده، كان يمتلك هناك مصنع سيارات، ودخله الشهري ما يوازي 70 ألف جنيه مصري، يقول في حديثه إنه عندما وصل مصر لم يكن معه ما يكفيه للمعيشة، فقد ترك كل شىء خلفه، وعندما وصل إلى مصر وجد أمامه مطعم للمأكولات الشعبية براتب 800 جنيه، لم يتردد في الموافقة على العرض.

يحكي أبو الكرم في حديثه مع "أهل مصر" أنه كان يدفع 350 جنيهًا شهريًا متوسط المواصلات الداخلية، مشيرًا إلى أنه كان يذهب إلى العمل حتى في أيام الإجازة المحددة له، ما دفع صاحب المشروع إلى تغيير المبلغ المتفق عليه إلى 1200 جنيه.

وأشار إلى أنه بعد عدة أشهر، طلب منه صاحب العمل أن يصبح شريكه في مشروع آخر، لكنه لم يوافق على ذلك، حيث أنه كان قد عقد النية على فتح مشروع خاص به، بعد الحصول على ديون من بعض المقربين منه، مؤكدًا "لم أتركه إلا بعد أن عثر على بديل يقوم بنفس مهامي".

بدأ السوريون يتمركزن بمدينة السادس من أكتوبر في بداية الأمر، حيث جعلوا من مناطق مثل الأمريكية "مجتمع سوري متكامل"، ونجحوا في بعض المجالات منها المطاعم، ومحال الملابس وصالونات الحلاقة.

وبعد النجاح الذي حققوه بدأت أرجلهم تأخذهم إلى أماكن جديدة مثل المهندسين والدقي، وبدأ بعد ذلك زحفهم إلى محافظات مثل الإسكندرية والإسماعيلية.

ما يميز الشخصية السورية أنها مريحة للزبائن، حيث يعرف عنهم ابتسامتهم خلال التعامل مع ضيوفهم في المشاريع الخاصة بهم، والاستفسار من زبائنهم عن آرائهم في الطلبات المقدمة لهم، ويحترمون قاعدة "الزبون دائمًا على حق"، كما أنهم يتميزون بنظافتهم الشخصية أثناء العمل.

وفي الوقت الذي تزداد فيه نسبة البطالة بين شباب مصر، نجد أكثر من نصف مليون لاجىء سوري في مصر لا يقيمون في مخيمات، حيث كانت لهم أعمال خاصة في مجالات مختلفة، كما قام رجال أعمال سوريين بفتح العديد من المصانع داخل مصر، ويركزون على توفير فرص العمل للشباب السوري الذي لجأ إلى مصر بعد الحرب.

ولجأت بعض النساء السوريات إلى تقديم بعض المأكولات على مواقع التواصل الاجتماعي، التي يتم إعدادها في المنزل، والتأكيد على أن لديهن استعداد لتوصيلها حسب الطلب، وهو ما يكشف عن أن لديهن عزة تمنعهن عن طلب المساعدة من أحد.

يقول محمد الحلبي، صاحب محل ملابس بالسادس من أكتوبر، إن الزبائن بدأت تعرف طريقها إلى مشروعي، وأن أغلبهم من المصريين، حيث يعجبهم ذوقنا في اختيار البضاعة، مشيرًا إلى أنهم يتميزون بـ"الملابس الرقيقة".

وأشار في حديثه لـ"أهل مصر" إلى أنه يشعر بالأمان في مصر، وأنه لا يجد أية مشكلات في التعامل مع أهلها، لاسيما أنه تربطه بالعديد من المصريين علاقات ود ومحبة، وأنه لا يجد فرق بين المعاملة نهائيًا.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
مجلس النواب يوافق على مشروع قانون لجوء الأجانب نهائيًا