انطلقت اليوم الأربعاء في العاصمة الأردنية "عمان"، أعمال القمة العربية الـ28، وتشهد مرة أخرى غياب سوريا، إلا أن علمها كان حاضرا، و بدا مشهد مقعد سوريا في القاعة التي تحتضن أعمال القمة العربية الـ 28، كما لو أن المكان ينتظر أصحابه، أو أن الوفد السوري غادره لفترة وجيزة.
مؤتمر القمة العربية يعقد سنوياً في إحدى العواصم العربية، في عام 1946، وبدعوة من الملك فاروق ملك مصر سابقاً، عقد قادة دول جامعة الدول العربية أول مؤتمر قمة في قصر "أنشاص" بمصر، وشاركت به الدول السبع المؤسسة لجامعة الدول العربية، وهي: الأردن، ومصر، والسعودية، واليمن، والعراق، ولبنان، وسوريا.
وخلال أعمال القمة، التي ركزت على القضية الفلسطينية، أعلنت الدول المشاركة عن عزمها على "التشاور والتعاون والعمل قلباً واحداً ويداً واحدة"، إلى جانب ضرورة العمل بكل الوسائل الممكنة لمساعدة الشعوب العربية التي ما تزال تحت الحكم الأجنبي لكي تنال حريتها وتبلُغَ أمانيها القومية بحيث تصبح أعضاء فاعلين في أسرة جامعة الدول العربية ومنظمة الأمم المتحدة.
ومنذ تأسيس الجامعة العربية في عام 1945، عقدَ القادة العرب 39 اجتماعَ قمة حتى عام 2016، توزعت بين 27 قمة عادية وقمم طارئة "غير عادية" و3 قمم اقتصادية.
القمة العربية الحالية، شهدت جانب آخر من اللقاءات، على هامش المباحثات المتواصلة بين زعماء العرب، لحل أزمات المنطقة، إلا أن لقاء الرئيس السيسي مع كلا من العاهل السعودي الملك سلمان، خادم الحرمين الشريفين، والرئيس السوداني عمر البشير، كان الأبرز خلال اليوم، في إطار المصالحة بين الطرفين.
العلاقات المصرية السعودية، مرت ببعض الأزمات في الفترة الماضية، في إطار الملفات الإقليمية المشتعلة، وعلى رأسها رفض مصر المشاركة في عاصفة الحزم، وموقفها من الحرب في سوريا، إلى جانب توقف شركات البترول السعودية عن التصدير لمصر، والتي أعلنت منذ أيام استئناف تويد البترول لمصر مرة أخرى، فضلا عن أزمة جزيرتي تيران وصنافير، زادت الأمور تعقيدا نوعا ما.
على الجانب الآخر، شهدت العلاقات المصرية السوادنية، أزمات متعددة خلال الأيام الماضية، عقب سلسلة تصريحات، شنها الرئيس السوداني، عمرو البشير ضد مصر، ومنها تهديده باللجوء إلى مجلس الأمن للفصل في قضية حلايب وشلاتين، إلى جانب مهاجمة مصر في عدة قضايا، ومنها سد النهضة، مؤكدا مساندته لأثيوبيا في أزمتها مع مصر، بالإضافة إلى محدودية مشاركة الجيش المصري في حرب اليمن.
ونشر المتحدث الرسمي لرئاسة الجمهورية، السفير علاء يوسف، عبر صفحته الرسمية على "فيس بوك"، تفاصيل لقاء السيسي بالملك سلمان، خادم الحرمين الشريفين، قائلاً، إن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، وجه دعوة للرئيس للقيام بزيارة رسمية إلى المملكة العربية السعودية، فيما رحب الرئيس بالدعوة.
وأضاف المتحدث، أن الاجتماع تناول مختلف جوانب العلاقات الاستراتيجية بين البلدين وسبل تعزيزها، حيث أكد الزعيمان حرصهما على دعم التنسيق المشترك في ظل وحدة المصير والتحديات التى تواجه البلدين، كما أكد الزعيمان أهمية دفع وتطوير العلاقات الثنائية فى كافة المجالات، بما يعكس متانة وقوة العلاقات الراسخة والقوية بين البلدين والتي تضرب بجذورها في أعماق التاريخ.
وأشار إلى أن اللقاء شهد كذلك التباحث بشأن الموضوعات المطروحة على القمة العربية، حيث أعرب الزعيمان عن تطلعهما لخروج القمة بقرارات عملية ومؤثرة ترقى لمستوى التحديات التي تواجه الأمة العربية، وأشارا في هذا الصدد إلى حرصهما على التنسيق المشترك ومع كافة الدول العربية لمتابعة وتنفيذ ما سيتم التوافق عليه من قرارات وآليات للتعامل مع التحديات والأزمات التي تمر بها الدول العربية والمنطقة.
وأوضح أن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان يعد بزيارة مصر في القريب العاجل بناء على الدعوة التي وجهها له السيد الرئيس عبد الفتاح السيسيكما التقى الرئيس عبد الفتاح السيسي اليوم مع الرئيس عمر البشير رئيس جمهورية السودان، وذلك على هامش أعمال القمة العربية.
وصرح السفير علاء يوسف المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية، بأنه تم خلال اللقاء، التشاور بين الرئيسين حول مختلف جوانب العلاقات الثنائية، حيث أكد الرئيسان حرصهما على استمرار التعاون والتنسيق المشترك بما يعكس العلاقات التاريخية التى تجمع بين الدولتين والشعبين الشقيقين. واتفق الرئيسان على ضرورة المضى قدماً نحو تنفيذ برامج التعاون المشترك التى تم إقرارها فى الاجتماع الأخير للجنة العليا المشتركة.
كما أعرب الرئيسان عن التزامهما بتدعيم العلاقات الثنائية فى مختلف المجالات، وتطوير التعاون بينهما بما يرتقى إلى آمال وطموحات الشعبين ويسهم فى تعزيز الاستقرار ودفع مسيرة التنمية فى البلدين.
وأضاف السفير علاء يوسف أن الزعيمين أكدا خلال اللقاء ضرورة التكاتف بين مختلف الدول العربية بما يسهم فى دفع مسيرة العمل العربى المشترك للوقوف أمام التحديات التى تواجه المنطقة وإرساء دعائم السلام والاستقرار فيها.
ومن جانبه يقول الدكتور محمد السعيد إدريس، خبير في الشؤون العربية، إن لقاءات الرئيس السيسي، مع خادم الحرمين الشريفين، والرئيس السوداني عمر البشير، يحرك المياه الراكدة بينها، ويدفع عملية التصالح الفعلي بين الطرفين، مشيرا إلى أن الأزمات بينهم قد بلغت زروتها خلال الفترة الماضية، وكانت في حاجة إلى لقاءات ثنائية للتشاور في تلك القضايا، إلى جانب تعزيز التعاون المشترك ونزع الخلافات.
وتابع السعيد، في تصريحات خاصة، أن القضايا التي تسببت في تأزم العلاقات بين مصر والسعودية، والسودان، لم تكن تحل إلا بتدخل الزعماء، وفتح مجال للحلول الحقيقية، والابتعاد عن المزايدات وحرب التصريحات والشائعات التي لطالما، تشنها وسائل الإعلام خلال الفترة الماضية، متوقعا أن تشهد الفترة المقبلة حلولا حقيقية لأزمة حلايب وشلاتين، بعد لقاء الرئيس السيسي بنظيره السوداني، فضلا عن أزمات السعودية مع مصر، والتي بدأت تتلاشى مؤخرا.