قد يبدو الحذاء اليوم في شكله المعتاد بديهيًا، لكنه في الحقيقة كان في يوم من الأيام اختراعًا مذهلًا، ورصدت صحيفة الديلي ميل البريطانية مراحل تطور الحذاء، منذ بداية استخدامه في العصر الحجري المتوسط، وحتى يومنا هذا؛ فتوجد أشكال متعددة ومتنوعة ومختلفة للحذاء، من صنادل وأحذية رياضية، وأحذية للسهرة، وأخرى للنهار، وصيفية وشتوية ملائمة للشواطئ، وأخرى تتحمل الخوض في الطين، وثالثة تناسب المشي وسط الثلوج.
1-القدماء المصريينبدأ استخدام الأحذية، وفق ما أكدته دراسة لكيري بيكون، بغرض الحفاظ على القدم من الأرض، وما عليها من أحجار وحشرات قد تؤذيها، فكانت عبارة عن قطعة من القماش مبطّنة بالقش، أو من جلد الحيوانات، تحمي من خشونة الأرض بنعومة الفراء.كان أول من عرف الحذاء جزءًا من الملابس، قدماء المصريين؛ فارتدوا أحذية مصنوعة من الألياف النباتية، وأوراق البردي، في حين ارتدى اليونانيون الصنادل، وكانت عبارة عن قطع مصنوعة من الجلد ومربوطة بالقدم بأشرطة، وتميزت صنادل النساء بأنها ذات أشرطة أقل، وكاشفة لأجزاء كبيرة من القدم.إلا أن ذلك تغير مع دخول المسيحية، حسبما ورد في البحث المنشور بعنوان "تاريخ أحذية النساء"، التي كان من بين تعاليمها حرمة جسد المرأة، والزهد في الزينة؛ فلم يعد مسموحًا للنساء بارتداء الصنادل، وتعود الأداة لتؤدي وظيفتها فقط.2-الاقباطثبت من خلال الآثار القبطية في مصر اهتمام المصريين بارتداء أحذية، منقوش عليها رسومات قديسين، وزخرفة يدوية؛ ما يتسق مع اهتمام الحضارة المصرية في مختلف مراحلها بالجمال.مع الاحتكاك التجاري والغزو الصليبي لمناطق الشرق الأوسط، بدأت تنتقل حالة الاهتمام بجماليات الأحذية إلى أوروبا، لكنها لم تكن واضحة، سوى في أحذية الرجال؛ نظرًا لأن أزياء النساء كانت طويلة، وتغطي القدم، فلم تكن محل اهتمام.ومع حركة التجارة بين الشرق والغرب، وصل أوروبا الحرير والنسيج والتطريز، وبدأ ذلك يظهر في الأحذية، التي كانت تُصنع من الحرير وتُزخرف بالخيوط، فضلًا عن شكل الحذاء ذي المقدمة الطويلة، الذي ظهر في الشرق، وانتقل إلى أوروبا.3- الحذاء علامة النبلاءكانت الأحذية جزءًا من الملابس التي تحدد الطبقة التي ينتمي إليها الشخص، وحاول النبلاء والكنيسة منع البهرجة الزائدة في المظهر، التي بدأت تنتشر بين الطبقات المتوسطة؛ في محاولة للحفاظ على الفروقات المظهرية بين الطبقات.في إنكلترا عام 1363، أعلن إدوارد الثالث قانونًا لتحديد طول الحذاء، بناء على الدخل والمكانة الاجتماعية؛ فمن يَجنون أقل من 40 جنيهًا سنويًا لا يُسمح لهم بارتداء أحذية ذات مقدمة طويلة، ولا يستطيع النبلاء ارتداء طول أكثر من 24 بوصة، فيما يرتدي الأمراء أحذية بالطول الذي يرغبون فيه.واستمر ارتداؤها في أوروبا حتى نهاية القرن الخامس عشر، ثم توقف ارتداء الحذاء ذي المقدمة الطويلة، وأصبحت الأحذية الجلدية أو الحريرية هي السائدة.
4-الكعب العالي بدأ رجاليًاكان أول من استخدمه اليونانيون القدماء في مسرحياتهم، يرتدي من يقوم منهم بدور شخص مهم صنادل مرتفعة عن الأرض، وبعدها انتشر في الطبقة الأرستقراطية في القرن الخامس عشر، وكانت مصنوعة من الخشب؛ لتُظهر مستواهم الاجتماعي العالي، وأطلق عليه Chopines، وهو حذاء بكعب يتوسط النعل، واستمر موضةً فترةً من الزمن، حتى إن شيكسبير ذكره في مسرحيته الشهيرة "هاملت".في القرن الثامن عشر، بدأ الاهتمام بأحذية النساء مع ارتدائهن ملابس تكشف عن الكاحل، فبدأن في ارتداء الكعب العالي؛ لتظهر أقدامهن أكثر رقَّةً ورفعًا، فيما قل ارتفاع كعوب أحذية الرجال.
5-السياسة والحذاءبعد اندلاع الثورة الفرنسية، تخلى الشعب، الذي رفع شعار المساواة، عن الأحذية الحريرية والمزخرفة، وعالية الكعوب، التي تميز الطبقات بعضها عن بعض؛ وظهرت الأحذية الجلدية للجميع، فيما يعدّ ملمحًا من ملامح المساواة. أما فيما يخص النساء، فقد بدأت أحذيتهن تأخذ شكلًا أنثويًا، يكشف عن جمال الأقدام ويزينها.مع بداية القرن العشرين، كانت الأحذية بالألوان الأبيض والأسود والبني السائدة، وبقيت الأحذية الملونة تُستخدم في المناسبات، أو داخل البيت.ومع بداية الثلاثينات، وانطلاق الثورة الصناعية، تحولت الأحذية إلى صناعة تُنتج بكميات كبيرة، لتغطي حاجة السوق؛ وبدأ ظهور مصممي الأحذية، ومنهم سلافاتور فيراجامو، الذي قدم طور الشوبين في حذاء نعله من الفلين، غير أنه لم يلقَ الرواج الكافي، إلا مع اندلاع الحرب العالمية الثانية، وقلة الموارد من الجلد.
6-كعب ستيليتوكانت الأحذية ذات الكعوب في القرن العشرين مربعة وطويلة، واحتفظت بشكلها حتى منتصف القرن، إلى أن ظهر الكعب الإيطالي ستيليتو Stiletto، وهو كعب رفيع جدًا وطويل ومعدني القلب.ورغم استمراره حتى يومنا هذا، فإن خروج المرأة إلى العمل جعل الكعوب العريضة تظهر بقوة في السبعينات من القرن العشرين. لكن لم يلغِ تنوع التصاميم، واختلاف الأذواق، واتساع رقعة المستخدمين من الشرق والغرب ما قبلها؛ بل تشاركها المساحة، ويقل الاهتمام أو يزيد بها، وفق ما يحدده مصممو الأحذية من موضات، تختلف ما بين الكعب القصير الرفيع، أو الكعب الطويل العريض، أو الأحذية المسطحة على الأرض من دون كعب.