أثار هجوم "شيخون" في سوريا، جدلا واسعا، وألقى بظله على كافة دول العالم، فلاصوت يعلو فوق صوت الإدانة، واستنكار الهجوم "المروع" كما وصفه بعض المسؤولين في الأمم المتحدة، إلى جانب مباحثات الأمم المتحدة المستمرة، للكشف عن المتسبب في الهجوم، وتطبيق عقوبات دولية رادعة عليه.
كانت قد شهدت منطقة خان شيخون بسوريا، صباح أمس الثلاثاء، هجوما حادًا عن طريق الأسلحة الكيميائية والقصف الجوي، مما أودى بحياة أكثر من 100 قتيل ومصاب، كما كشف الهجوم عن عودة استخدام الأسلحة المحرمة دوليا، والتي لطالما تسببت في زعر وقلق العالم أجمع، لخطورتها على حياة المواطنين والأمن القومي لهم، وأعاد المشهد لبدايات الثورة السورية واستخدام قوات النظام السوري للأسحلة المحرمة دوليا لمواجة المعارضة.
الأسلحة الكيميائية، كما أشارت لها "أهل مصر" في تحقيقها المنشور أمس، هي مادة أو مجموعة من المواد السامة شديدة الفتك عظيمة الخطر، توجه باستخدام صواريخ تحمل رؤوسا محشوة بالمواد الكيميائية، ويستفاد من الريح في نشر سمومها. تقتل أو تصيب الإنسان بتأثيرها السام والمباشر على الجسم البشري بأجهزته الحيوية المختلفة، وتبقى في أماكن استخدامها لساعات أو أسابيع وبعد ذلك يخف مفعولها إلى أن تصبح عديمة التأثير.
ويعتقد أن الصواريخ التي تحمل المواد الكيميائية تنفجر على ارتفاع مئتي قدم فوق سطح الأرض (قرابة ستين مترا) لتعمل على نشر السم فوق أكبر مساحة ممكنة، وهي تؤثر فقط على الكائنات الحية عكس الأسلحة النووية ذات التدمير الشامل.
مباحثات الأمم المتحدة، أثارت تساؤلات عدة حول إمكانية تطبيق عقوبات رادعة على النظام السوري، في حالة إدانته في الحادث، فضلا عن نوعية العقوبات التي يمكن تطبيقها.
يقول الدكتور محمود كبيش، أستاذ القانون الجنائي، إن العقوبات التي تفرض على الدول التي تستخدم الأسلحة المحرمة دوليا، تتم وفقا لمعايير مختلفة، وتتنوع العقوبات من حظر استيراد الأسلحة لفترات طويلة، إلى تجميد الأموال وفرض طوق اقتصادي على الدول المدانة، ومنع المعونات الدولية لها، وعدم السماح لها بالإقتراض من صندوق النقد الدولي، مؤكدا أن العقوبات المطبقة سلفا على سوريا لم يتم تنفيذها وضرب بها عرض الحائط.
وتابع كبيش، في تصريحات خاصة لـ"أهل مصر"، أن مباحثات وتحقيقات لجان الأمم المتحدة في هذا الصدد، ستستغرق بعض الوقت، ولن يتم الإعلان عنها في الأيام المقبلة، إلا أن في حالة الإدانة للنظام السوري، ربما يتغير الأمر قليلا وتسفر عن عقوبات قاسية، وستم تنفيذها في حالة واحدة، وهي ابتعاد الدول الداعمة لنظام "بشار الأسد" عن المشهد، ومنهم روسيا وإيران.
وفي سياق متصل، يقول الدكتور طارق فهمي الخبير السياسي، إن هجوم شيخون، واحد من أبشع الجرائم المرتكبة في حق المدنيين، مشيرا إلى أن التحقيقات الجارية الآن للكشف عن ملابثات الحادث، ستستغرق الكثير من الوقت للكشف عن المتسبب في الحادث، إلا أن العقوبات التي ربما تخرج بها المباحثات، لن تنفذ بالشكل الذي يتصوره البعض، وذلك نتيجة وجود حلفاء سواء للمعارضة أو للنظام السوري في دول عدة.
كما أدان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها بلدة خان شيخون بريف إدلب في سوريا خلال اليومين الماضيين، قائلًا: "لا يمكن أن نتسامح مع الأعمال البشعة والمروعة التي يرتكبها نظام الرئيس السوري، بشار الأسد".
وأوضح خلال مؤتمر صحفي مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، الأربعاء، أن الولايات المتحدة تحرص على تطوير علاقتها بالأردن وتراها شريكًا هامًا لها، مضيفًا: "نريد دعم الأردن لنا".
وأكد أنه تناقش مع العاهل الأردني حول أهمية وجود خطة لمواجهة التظيم الإرهابي "داعش"، متابعًا: "نؤكد على أهمية الدور الذي يلعبه الأردن لاستضافة اللاجئين السوريين، وحمايتهم من الصراع في سوريا، وندعم الأردن في هذا الصدد".
يذكر أن قدمت بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة اليوم، مشروع قرار يطالب بفتح تحقيق كامل في الهجوم الذي وقع في منطقة خان شيخون الخاضعة لسيطرة المعارضة في محافظة ادلب، وفي وقت دعا الرئيس الفرنسي فرنسوا أولاند إلى فرض "عقوبات" على النظام السوري، ندد السفير الفرنسي في الأمم المتحدة فرنسوا دولاتر في مجلس الأمن بـ"جرائم حرب، وبجرائم حرب على نطاق واسع، وبجرائم حرب بأسلحة كيميائية".