وصلت الغواصة الألمانية تايب "2091400" صباح اليوم الأربعاء للمياه الإقليمية المصرية، واستقبلتها قاعدة رأس التين البحرية بالإسكندرية، وتعد الغواصة من أحدث الغواصات في هذا الطراز، وتم بناؤها بترسانة شركة "تيسين كروب" بمدينة كيبل الألمانية.
وبدأ التعاقد على الغواصة منذ عام 2011، واستغرق صنعها تحديدًا للقوات البحرية المصرية حوالي 57 شهرًا، وشهدت القوات البحرية تدريب شاق وعالى المستوي لتتمكن من استخدام الغواصة فور وصولها مصر.
وللغواصة الجديد قدرات تكنولوجية فريدة من نوعها، حيث يمكنها الإبحار لمسافة 11 ألف ميل بحرى، وتصل سرعتها إلى 21 عقدة، ويتراوح طولها من 73:60 مترًا، وبإزاحة تصل إلى 1400 طن، ولها القدرة على إطلاق الصواريخ والتوربيدات، وتم تزويدها بأحدث أنظمة الملاحة والاتصالات، ويتكون طاقم الغواصة من 32 إلى 34 شخصًا.
والغواصة الألمانية إضافة وقفزة تكنولوجية كبيرة للقوات البحرية المصرية، وذلك من شأنه أن يدعم قدرة القوات على حماية الأمن القومى المصري، وللغواصة دور كبير في حماية المياه الإقليمية لمصر، وعلى الجانب الآخر تعد سبيل قوي لمكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية وتهريب السلاح والبضائع غير خالصة الرسوم الجمركية، وذلك يرجع إلى أن كل هذه المسائل التي تمس أمن مصر بحاجة إلى أسطول قومى قوى قادر على الدفاع عن المصالح المصرية ويحمى الأمن القومى المصرى.
ولم تكن الفواصة الألمانية التي استقبلتها مصر اليوم أول غواصة، حيث تسلمت القوات المسلحة المصرية أول غواصة حديثة من طراز "209- 1400"، في أواخر ديسمبر الماضي، ورفع الفريق أسامة منير ربيع، قائد القوات البحرية، العلم المصرى عليها، إيذانًا بدخولها الخدمة المصرية، وهي نفس مواصفات الغواصة التي تسلمتها مصر اليوم.
وفي سياق متصل أوضح اللواء محفوظ طه، مدير الكلية البحرية السابق، أن الغواصة الجديدة التي استقبلتها مصر صباح اليوم الأربعاء تعتبر نقلة نوعية في مجال الغواصات، كما أنها تخرج من نطاق المهام التقليدية للغواصات، موضحًا أن سبب صفقة الغواصة هو رفع مستوي التسلح للبحرية المصرية، تزامنًا مع ارتفاع مستوي التهديد الذي يحاوط مصر.
وأشار إلى أن هناك فارقًا بين الغواصة والمدمرة، ويظهر ذلك من خلال أن الغواصة هي وحدة بحرية يمكنها الغطس لعمق تحت سطح الماء ويختلف مستوي العمق باختلاف نوع الغواصة وإمكانياتها، وأغلب عملياتها الحربية تتم تحت الماء، وهي الوحدة البحرية الوحيدة التي تقاتل في سواحل العدو دون الحاجة إلى دعم، لاعتمادها على خاصية الاختفاء تحت الماء في هدوء ودون ملاحظة أى حركة في سطح الماء، أما بالنسبة للمدمرات فهي وحدات سفن سطح متعددة المهام، قادرة على التعامل مع مختلف المهام البحرية، فيمكن من خلالها قطع أسلاك المواصلات، بالإضافة لاشتراكها في صراع جوى مع الطائرات عن طريق صراع سطح جو ومع العدو البحري بصواريخ سطح سطح، موضحًا أن القطع البحرية يمكنها أخد مهام الدفاع والهجوم في آن واحد.
وأكد اللواء طه على صعوبة الحصول على صفقات سلاح كبيرة نظرًا لوجود قيود على اقتناء الأسلحة، ولا يمكن التعامل مع هذا الصفقات تبعًا لمبدأ "اللى معاه فلوس يشتري" على حد تعبيره، موضحًا أن القيادة السياسية المصرية أحرزت نجاحا كبيرا في القدرة على تنويع الأسلحة من مختلف الدول المصنعة، مثل الصفقات التي تم عقدها مع فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا وروسيا.
وعلى الجانب الآخر أشار إلى أن عام 1996 تم وضع مواصفات للوحدات البحرية التي تحتاجها مصر لتأمين حدودها، ولم يتم الحصول عليها إلا بقدوم عام 2015، وهذا يعد تأخر كبير في التسليح المصري، ويظهر مدي التطور الذي تشهده مصر في الوقت الحالى في منظومة التسلح المصري وعلى وجه الخصوص التسلح البحري.
وأوضح اللواء أركان حرب إيهاب البنان، الخبير البحري ومستشار هيئة قناة السويس، أن الغواصة "209- 1400" كانت حلم كل من يعمل في القوات البحرية المصرية، فالغواصة تعد نقلة نوعية كبيرة جدًا في التسلح البحري لمصر.
وأشار إلى أن حجم التعاون بين مصر وألمانيا يعد ضخم مقارنة بالدول الأخرى، حتي في أوقات الأزمات التي مرت بها مصر استمرت خطوط التعاون في مجال الأسلحة العسكرية بين البلدين، موضحًا أن ما تعرضت له مصر في عام 2011 يعد أكبر دليل على ذلك، حيث تعد التعاقد على صفقة غواصات مع ألمانيا بالرغم من أن الاقتصاد المصري ذلك الوقت كان يعاني من تدهور كبير.
وأكد أن هناك علاقة تبادلية بين قوة القوات البحرية ومدي فاعلية قناة السويس، حيث أنه كلما زاد معدل تسليح القوات البحرية المصرية، زاد معه مستوي عمل قناة السويس واستقبالها للسفن، نظرًا لأن القوات البحرية تحمي سواحل مصر بالكامل، مما ينعكس على اطمئنان السفن المارة في قناة السويس، وهذا يترتب عليه زيادة إيرادات قناة السويس.
وأوضح البنان أن القوة البحرية المصرية تعتبر من ضمن أوائل القوات على مستوي العالم، وأن ما تتمتع به الغواصة الجديدة من إمكانيات جديدة وتكنولوجيا حديثة، وهذا ما ترتب عليه إخضاع طاقم القوات البحرية لتدريب شاق لتعليم كيفية استخدام الغواصة والاستفادة منها في تأمين المياه الإقليمية لمصر، مؤكدًا على وجود تعاون مشترك بين مصر وألمانيا لتدريب القوات على استخدام المعدات الجديدة في مجال البحرية.
أوضح اللواء محمد الشهاوي، مستشار كلية القادة والأركان، أن الغواصة نقلة نوعية للتسليح البحري للقوات المسلحة المصرية، وتعتبر سلاح هجومى، ويرجع ذلك إلى أن كل القطع البحرية هي سلاح دفاعى إلا أن الغواصة دفاع هجومي، قادر على الوصول لمدي 12 ألف كيلو متر تحت الماء وعمق 500 متر، وتسير بقوة 11 عقدة فوق الماء أى بما يعادل 21 كيلو متر في الساعة، وعن ما تغوص تحت الماء تكون إمكانياتها مضاعفة، أى 22 عقدة و42 كيلو متر في الساعة.
وأشار إلى أن الغواصة الجديدة مسلحة بـ 5 صواريخ مضادة للسفن وصواريخ سطح سطح، بالإضافة لتمكنها من حمل 8 توربيدات ضد الغواصات الأخرى، مؤكدًا أن هذه الغواصة إضافة تكنولوجية هائلة للقوات البحرية المصرية، نظرًا لأنها تحتل المركز السادس على مستوي العالم طبقًا، أى أن القوات البحرية المصرية أكبر 5 مرات من القوات البحرية الإسرائيلية.
وأكد أن القوات المسلحة تقوم في الوقت الحالى بتعزيز قواتها وقدرتها العسكرية، من خلال إنشاء قوات الانتشار السريع ويتم تملك أسلحة ردع مثل الغواصة التي وصلت مصر صباح اليوم، بالإضافة لحاملات الطائرات من طراز أنور السادات وجمال عبد الناصر التي تشكل قوة في منظومة تسليح القوات البحرية المصرية، وحاملات الطائرات متمركزة في البحر الأبيض المتوسط لتأمين المصالح الاقتصادية في حقول الغاز، والأخرى في البحر الأحمر لتأمين باب المندب وحماية الأمن القومى لمصر.