منذ أربع سنوات بدأت مجموعة من الشباب، انطلاقهم حاملين راية سوداء مكتوب عليها "لا إله إلا الله" وبالأسفل سيف باللون الأبيض، قرروا أن يحرروا الأقصي ولكن بفكر مختلف هذه المرة، حيث كانت خططتهم تعتمد علي العدو القريب كما كانوا يطلقون عليه وهم رأس الحكم في الدول العربية، أيام قليلة وأطلقوا علي أنفسهم لقب "أنصار بيت المقدس"، نشطوا بقوة في تفجيرات داخل محافظة شمال سيناء.
ولكن لم يستمر الوقت طويلًا، ومع بزوغ تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام بقيادة أبو بكر البغدادي، وبالتحديد في نوفمبر 2015م، أعلن في بيان منسوب للتنظيم علي مواقع التواصل الاجتماعي مبايعته لتنظيم داعش الأم، ملقبين أنفسهم بـ"ولاية سيناء"، استمر التنظيم خلال السنوات الماضية في هذه المنطقة لتلقي تدريبات والتمويلات، حتي بدأ الجيش المصري إعلان الحرب علي التنظيم بسلسلة من الضربات الموجعة والتي أسقطت العديد من القيادات داخل التنظيم.
وللوقوف على حقيقة هذه التداعيات، رصد "أهل مصر"، جهود القوات المسلحة في مواجهة الإرهاب في سيناء منذ يناير ٢٠١٦، وحتى الآن، لمعرفة حصيلة الخسائر البشرية والمادية التي لحقت بالعناصر "التكفيرية" في سيناء.
وبحسب الصفحة الرسمية للمتحدث العسكري على "فيسبوك"، خلال أكثر من ١٥ شهرًا، فقد تمكنت قوات الجيش المصري بمعاونة قوات الداخلية من قتل، ٨٠٠ ممن وصفهم المتحدث العسكري بالعناصر "الإرهابية"، بينهم أبو دعاء الأنصاري وأبو أنس الأنصاري "زعيم جماعة أنصار بيت المقدس"، ذلك بالإضافة إلى تدمير ١٣٠ سيارة، و٢٠٠ دراجة بخارية، و٦٧٩ منزلًا ومقرًا لهم، وإلقاء القبض على ١٩٥ مشتبهًا بهم.
كما قتل كل من أشرف الغرابلى، وأيمن أنور، وصبرى خليل، وأحمد السجينى، وعماد الدين عبدالحميد، ضابط قوات مسلحة سابق، ومحمد أحمد نصر، وآخر يدعى محمود المسئول الإعلامي للتنظيم، بالإضافة إلى عشرات القتلى من الصف الثانى والثالث فى التنظيم.
وخلال هذه الحرب بدأ التنظيم في الاستعانة باستراتيجيات جديدة لمواجهتها، من بينها ذبح عدد من مشايخ سيناء وتهجير المسيحيين، وبث إصدارات جديدة لزعم أنهم الأقوياء في الحرب وكان آخرها الإصدار الذي حمل اسم "صاعقات القلوب"، واعتمد فيه على قنص مجموعة من أبطال الجيش.
مع مطلع العام الحالي، وبالتحديد في 11 فبراير، بدأ في استراتيجية جديدة في نقل أعماله الإرهابية إلي وسط وجنوب سيناء، حيث نشر وقتها صورًا لإعدام 5 رجال قال إنهم "جواسيس" من الجيش في شبه جزيرة سيناء –علي حد مزاعمه-، وأظهرت سلسلة الصور جهاديًا في زي عسكري مرقط يطلق النار على خمسة رجال ممددين أرضا.
وبالأمس نقل المعركة إلي جانب أخري من سيناء وهو الجنوب والذي فشل كثيرًا في إحكام السيطرة عليه وقت حكم الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، حيث شارك مجموعة من عناصره هجوما استهدف نقطة أمنية في طريق مؤد إلى دير سانت كاترين بمحافظة جنوب، مما أسفر عن قتل شرطي وإصابة أربعة آخرين.
وفي البداية يقول ماهر فرغلي، الخبير والباحث في الحركات الإسلامية، إن أسباب احتضان شمال سيناء لهذا التنظيم الإرهابي، يرجع إلي أن غالبية قيادات التنظيم من أبناء شمال سيناء والعناصر المشاركة في القتال بالتنظيم من أبناء المحافظة والقبائل هناك إضافة بالطبع للعناصر الأجنبية التي تشارك فيه.
أما عن انتقال الحرب إلي أماكن أخري كجنوب سيناء والقاهرة وطنطا، يقول فرغلي في تصريح خاص لـ"أهل مصر"، إن التنظيم تلقي خلال الشهور الماضية خسائر كبري أدت به في النهاية إلي الانهيار في عقر داره، ولهذا قرر أن يحول أعماله إلى أماكن أخرى لإرسال رسائل لعناصره أنه قادر علي اختراق الحاجز الأمني.
وأرجع فرغلي سبب الامتناع عن ضرب هذه المناطق من قبل أنه جاء خوفًا علي قيادات التنظيم المتواجدة بأماكن أخرى في سيناء، حماية لهؤلاء من ضربات الأمن ولمنع لفت الأنظار لأماكنهم.
من جهته قال الخبير الأمني، خالد عكاشة، إن أسباب تواجد التنظيم في شمال سيناء دون غيرها هو لطبيعة الديموغرافية لشمال سيناء، فهي مليئة بالسهول والوديان والدروب التي يسهل الاختفاء بها، وأبناء سيناء المنضمون للتنظيم أكثر الناس إلماما بها وبتفاصيلها وبطبيعتها.
وتابع عكاشة في تصريح خاص لـ"أهل مصر"، أن الأيام القادمة ستشهد تغييرات كبيرة في الملف الاستراتيجي لتنظيم داعش في مصر، من خلال الاعتماد علي الضربات السريعة والتي تسمي بـ"الذئاب المنفردة"، وذلك خوفًا من القبضة الأمنية الحالية والتي يصعب عليهم مواجهتها خاصة بعد فرض حالة الطوارئ وتوسيع دوائر الاشتباه.