مصر تغرق في وحل الديون.. والسندات الدولارية أداة جديدة لجأت إليها الحكومة بشكل واضح خلال الفترة الأخيرة لسد الفجوة التمويلية أو توفير التمويل اللازم للمشروعات القومية.
عكفت الحكومة على طرح السندات الدولارية، بعدما ارتفعت أسعار الفائدة على الاقتراض الداخلي إلى 16 – 17% على السندات الحكومية، وهو ما يمثل عبئًا كبيرًا على الموازنة العامة التي تتحمل سداد فوائد هذه القروض سنويًا، بينما السندات التي طرحتها الحكومة مؤخرًا في البورصات العالمية تبلغ فائدتها 8.5 %.
وتشير تقديرات الفجوة التمويلية لمصر خلال السنوات الـ3 القادمة، إلى نحو 30 مليار دولار بمعدل 10 مليارات دولار كل سنة مالية، وهى متغيرة على حسب تطور التدفقات النقدية، أو الاحتياجات التمويلية للحكومة، ومن المقرر أن يتم سد تلك الفجوة التمويلية عن طريق 9 مليارات دولار من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، بمعدل لا يقل عن 3 مليارات دولار كل سنة مالية لمدة 3 سنوات، هذا إلى جانب التمويلات الخاصة بالبرنامج الاقتصادى للحكومة والذى يبلغ 21 مليار دولار خلال 3 سنوات، بمعدل 7 مليارات دولار فى العام.
والسندات الدولارية، هى أدوات مالية منخفضة المخاطر، بمعنى سهولة التصرف فيها دون أن يتعرض حاملها لأية خسائر رأسمالية، وعند حلول تاريخ الاستحقاق تلتزم الحكومة بدفع القيمة الاسمية المدونة على وثيقة السندات، وتكون السندات الحكومية أقل مخاطرة من سندات الشركات.
وتبيع الحكومة هذه السندات بمدة محددة قد تتراوح بين ثلاثة أعوام وتصل إلى 30 عامًا، وتحدد الجهة المُقترضة نسبة الفائدة على المبلغ الذي سوف تستدينه، وتسهم هذه الأداة من أداوت التمويل في توفير السيولة المالية المطلوبة للحكومة.
ووافق مجلس الوزراء على تخطى وزارة المالية الحد الأقصى لإصدار السندات الدولارية، التى تطرحها فى الأسواق الدولية، بما لا يتجاوز ٧ مليارات دولار.
وأرجعت الحكومة رفع الحد الأقصى للطرح إلى سعى وزارة المالية للحصول على تمويل إضافى لمواجهة ارتفاع أسعار الفائدة فى السوق المحلية، بالإضافة إلى زيادة رصيد الاحتياطى من الدولار بالبنك المركزى.
وأشارت الحكومة إلى هذا القرار جاء بعد ما طرحت وزارة المالية سندات بقيمة 4 مليار دولار وتم تغطيتها بـ3 أضعاف لتصل إلى 14 مليار دولار، وهو ما دعا في ظل حالة القابلية في الأسواق العالمية للسندات المصرية إلى زيادة الحد الأقصى للسندات، مششدة على أن هذا وفقا لرؤية الحكومة وما عرض عليها من قبل وزير المالية، وفقًا للسوق سواء العام الحالي أو المقبل
مدحت نافع الخبير الاقتصادي، يقول إن قرار رفع سقف طرح السندات الدولارية لا يعنى إلا مزيد من الاستدانة لسد عجز الموازنة، الأمر الذي يعود بالسلب على معدلات الدين الخترجية التي وصلت وفقًا لأخر احصائيات البنك المركزي لنحو 40% من الناتج المحلي.
وأضاف "نافع" أن السبب الذي ذكرته الحكومة لرفع سقف الطروحات غير منطقي تمامًا، حيث أرجعته إلى تغطية الطرح السابق بقيمة 3 أضعافه، قائلًا:" كان من الطبيعي تغطية الطرح بهذه القيمة لانه تم طرحه بفائدة مرتفعه جدًا فمن الطبيعي زيادة الاقبال على الطرح".
وبسؤاله عن إيجابيات القرار قال نافع في تصريحات لـ"أهل مصر"، إن القرار ليس له أي إيجابيات ولكنه محاولة من الحكومة لـ"انقاذ ما يمكن انقاذه"، نظرًا لأن الاقتراض من الخارج هو أسرع وسيلة لتوفير التمويل اللازم للدولة، متابعًا "مش معنى كدا أنى أضيف 2 مليارات زيادة على الطرح".
في هذا السياق، قال مختار الشريف، أستاذ الاقتصاد بجامعة المنصورة، إن الأمر الذي دفع الحكومة لرفع سقف طرح السندات الدولارية هو حاجتها للتمويل للانفاق على المشروعات الداخلية وسد عجز الموازنة.
وأضاف "الشريف" أن تحديد سقف معين للطروحات للدولارية دليل على عدم ثقة الحكومة في إمكانية نجاح هذه الطروحات من عدمها.
وعن مخاطر زيادة طرح السندات الدولية في الأسواق الخارجية، قال "الشريف" إن الفيصل الوحيد في ذلك هو "الإنتاج"، ففي حال أصبحت مصر قادرة على دفع عجلة الإنتاج فلا يوجد مخاطر بشأن سداد هذه الديون.
جدير بالذكر أن وزارة المالية نفت نيتها في طرح سندات دولارية أخرى في الأسواق الدولية خلال العام المالى الجاري بعد نجاح الطرح الأخير فى بورصة لوكسمبورج بقيمة 4 مليارات دولار وتغطية الفجوة التمويلية للعام المالى الجارى وجزء من السنة المالية المقبلة، موضحة ان هناك احتمالية العودة إلى طرح شريحة أخرى من السندات مع نهاية عام 2017 حال وجود حاجة للطرح.