"كانت ملحمة تاريخية استمرت 1000 يوم".. مساعد وزير الدفاع الأسبق يكشف دور قوات الاستطلاع خلال حروب الاستنزاف وأكتوبر (حوار)

لعبت قوات الاستطلاع خلال حرب أكتوبر، دورًا كبيرًا في تحقيق النصر، وفي الذكرى الـ35 لتحرير سيناء، يكون الحديث مع رجال بصمتهم لازالت راسخة في تاريخ الوطن منهم اللواء أركان حرب علي حفطي، مساعد وزير الدفاع الأسبق الذى كان في الخط الأول بسيناء بينه وبين الجانب الإسرائيلي على الحدود مباشرة، ثم خدم في خط الجبهة، وعمل كمسئول عن قوات الاستطلاع قبل وأثناء حرب أكتوبر.

وعن بداية طبيعة مهامه خلال فترة ما قبل استرداد سيناء قال:"كنت مسئولا عن مستوى القوات المسلحة ككل عن عمليات الاستطلاع خلف القوات الإسرائيلية المنتشرة في عمق سيناء وهي مهمة علي درجة كبيرة من الأهمية فالإستطلاع وتقصي المعلومات عموما بمثابة "العينين التي من خلالها تري الصورة ودونها لا تستطيع أن تأخذ قرارات وقد نجحت فرق الإستطلاع المصرية بالفعل في معرفة تفاصيل كثيرة عن أوضاع القوات الإسرائيلية وأنشطتها المختلفة الأمر الذي أثار غضب العدو الإسرائيلي بشكل كبير حتي إن هناك تصريحا مشهورا لموشيه ديان وزير الدفاع الإسرائيلي قال فيه "كنا نعلم أن القوات المصرية ليس لديها إمكانيات فنية في الحصول علي معلومات ولكنهم نجحوا في استخدام رجالهم كرادارات بشرية استطاعت أن تحصل علي كثير من المعلومات عن قواتنا الإسرائيلية".

وأضاف:"لم يستطع العدو إيجاد أو العثور علي مجموعات الإستطلاع المصرية أو القبض عليها وتدميرها وكانت أي محاولات لهم غالبا ما تكون فاشلة حيث نجحت قوات الاستطلاع في تحقيق الأهداف المنشودة بنسبة أعلى من 95% وهي نسبة مرتفعة للغاية ومفاجئة أيضا حسب التقديرات المختلفة فالخبراء الروس كانوا يشيرون إلي أنه بالكاد يمكن تحقيق 50% من الأهداف العسكرية لفرق الإستطلاع وهو ما أثبت المصريون عكسه بفضل الله تعالي وإخلاص الرجال وذلك قبل وبعد".

واستطرد قائلا:"كان العمل يسير على قدم وساق لتحقيق أكبر استفادة من عنصر الوقت للحصول على المعلومات فكانت عمليات الاستطلاع والتقصي تسير علي مدار 24 ساعة تقريبا فنحن هنا في حالة حرب والمهام لا أوقات محددة لها بحكم الضرورة التي تتطلب متابعة كل الأنشطة التي يقوم بها العدو فكان تتم مراقبة أوضاع القوات الإسرائيلية وتدريباتها ونوعية التسليح والأنشطة التي تقوم بها وأعداد القوات الإسرائيلية والأنشطة المختلفة الأخري وإعلام قواتنا المسلحة بالتفاصيل التي تجعلها تخطط للتحرك والعمل وفق الأوضاع القائمة لدى العدو الإسرائيلي".

وعن أصعب المواقف قال:"كان المفترض تكثيف عناصر القوات المسلحة المصرية مع بداية الساعات الأولي من بداية الحرب وكانت تلك اللحظات هي الأصعب علي الإطلاق بالنسبة إلي منذ بداية التحاقي بالقوات المسلحة بحكم أنني مسئول عن فرق الإستطلاع بكل سيناء حيث كان عليَّ الإطمئنان علي أن جميع القوات المصرية متأهبة في أماكنها المحددة والمتفق عليها مسبقا بالشكل الكامل والدقيق فكانت تلك من أصعب اللحظات التي مررت خلالها بفعل الضغط النفسي والمجهود الشاق الخاص بتجهيز وترتيب الأمور كما يجب أن تكون وقد كان الرجال مفخرة للوطن ".

وأضاف:"لم نستقبل خبر النصر كنا نعيش حالة النصر بالكامل حيث كانت المعلومات تصل أولا بأول لأوضاع الإسرائيليين وقواتهم المنهارة، ولك أن تتخيل الأسبوع الأول بالأخص من بداية الحرب وحجم النجاحات التي حققها الجيش المصري والخسائر التي تكبدها الجيش الإسرائيلي.

وتابع:"وأتذكر كيف قامت القيادات الإسرائيلية بالتوسل للولايات المتحدة الأمريكية بدعوي أن الجيش الإسرائيلي والوجود الإسرائيلي بأكمله ينهار في المنطقة بأكملها وهو ما لاقي hستجابة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية التي أمدت بالفعل إسرائيل خلال الحرب ب60 ألف طن من الأسلحة والمعدات الحديثة لكي تحافظ علي أمن وسلامة الوجود الإسرائيلي إلا إن المحاولات الصهيوأمريكية فشلت وفي النهاية انتصر الجيش المصري.

وعن فترة حرب الاستنزاف أوضح مساعد وزير الدفاع الأسبق:"كانت ملحمة تاريخية استمرت 1000 يوما تم خلالها تنفيذ قتال فعلي لمدة 500 يوما بواقع أكثر من 4000 آلاف عملية علي مستوى القوات المسلحة المصرية ككل ونجح المقاتل المصري في نقل حاجز الخوف إلى الضفة الغربية لقناة السويس وكبدوا الجانب الإسرائيلي سواء على خط الجبهة أو العمق كثير من الخسائر مما جعل القيادة الإسرائيلية تستنجد بالولايات المتحدة الأمريكية التي دعت بدورها إلى "مبادرة روجرز" وهي مقدمة من وليام روجرز وزير الخارجية الأمريكي في ذلك الوقت للدعوة إلى وقف العمليات المصرية.

ومن خلال حرب الاستنزاف اعترف "عزرا وايزمان" الذي كان مدير العمليات برئاسة الأركان الإسرائيلي وقتها بأن حرب الإستنزاف هي أولي الحروب التي إنهزم فيها العدو الإسرائيلي من مصر.

وعن فترة عمله كمحافظ لشمال سيناء في التسعينات قال:"كان ذلك خلال فترة التسعينيات أثناء حكومة الدكتور كمال الجنزوري حيث أن الأوضاع الأمنية كانت مستقرة في تلك الفترة ونادرا ما تجد حادث سرقة وكان الهدف الرئيسي كيف ننجح في دفع حركة التنمية من خلال المشروع القومي للتنمية الذي أقرته الحكومة لتحقيق التنمية.

وأضاف:"بالفعل تنفذ الكثير من الأنشطة التي كانت تقع مسئوليتها علي الحكومة فتم تنفيذ مشاريع كثيرة تتضمن شبكة الطرق والبنية الأساسية والتحتية والخدمات فتجد علي سبيل المثال شبكة الطرق التي تم تنفيذها من الشمال للجنوب ومن الشرق للغرب والتي وصلت إلى 7000 كيلومتر وشبكة الكهرباء التي غطت 97% من سيناء بالكامل وعملية العمران السكاني والصرف الصحي وإقامة المستشفيات والمنشآت التعليمية التي تصل الأن إلي أكثر من 500 مدرسة وكل ذلك كان وفق خطة تتضمن أن تتاح الفرصة لرجال الأعمال لإقامة المشروعات التي تنقل المصريين لسيناء وأذكر لأول مرة علي مر التاريخ تتدفق فيها مياه نهر النيل من خلال ترعة السلام بالسهل الساحلي بشمال سيناء والسكة الحديد التي تمت إقامتها لكي تصل للعريش والحدود والكباري والأنفاق وغيرها من المشروعات الأخري.

وبالنسبة لتقييمه للفترة الحالية في سيناء قال:"نجحت مصر في تقييم الموقف السليم والأمور يعاد ضبطها مرة أخري بعد أن شهدت ترديا كبيرا علي مختلف الأصعدة، بسبب الأوضاع العامة بشكل عام والأمنية بشكل خاص فالإرهاب بسيناء يختفي بمرور الوقت، صحيح أن الأمور لم تكتمل إلى النهاية ولكن نسبة النجاح مرتفعة جدا وتصل إلي حوالي 80% أو أكثر فالأمور تسير في نصابها السليم حاليا بعدما تم إهمال سيناء خلال العشرة أعوام الأخيرة.

وأضاف أن الجيش المصري مميز ويقيّم عالميا على أنه من الجيوش المتميزة ويمكن التأكد من ذلك من خلال الرجوع إلى تقارير مراكز الدراسات الاستراتيجية التي تصدر بصورة دورية التي تحتل فيها مصر مراكز متقدمة وسط جيوش المنطقة والعالم بأكمله.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً