احتدمت المعركة الانتخابية بين مرشحي الرئاسة الفرنسية إيمانويل ماكرون (وسط) ومارين لوبن (اليمين المتطرف) اللذين سيخوضان الجولة الثانية والحاسمة من الانتخابات الرئاسية للفرنسية في 7 مايو المقبل.
وتعكس البرامج الانتخابية للمرشحين اختلافات جوهرية ورؤيتين متناقضتين لفرنسا وللعلاقة مع أوروبا وكذلك في عدد من القضايا مثل التوظيف والهجرة والتعليم والعلمانية والأسرة والمجتمع.
ففي ملف الدفاع:
يدعو ايمانويل ماكرون إلى رفع موازنة الدفاع تدريجيا لـ2% من إجمالي الناتج الداخلي في عام 2025، والإبقاء على القوات البرية عند 77 ألف رجل، استحداث خدمة عسكرية اجبارية للجنسين لمدة شهر، تحديث قوة الردع النووية المحمولة جوا وبحرا.
أما مارين لوبن، فتريد مغادرة حلف الناتو، رفع موازنة الدفاع إلى ٪ 3، زيادة عدد أفراد الجيش بنحو 50 ألف جندي إضافيين، استعادة تدريجيا الخدمة العسكرية الإجبارية لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر.
وفي ملف الأمن:
يعتزم ايمانويل ماكرون، خلال خمس سنوات، فتح 10 آلاف وظيفة في الشرطة والدرك، إنشاء قيادة أركان مشتركة لعمليات الأمن الداخلي والاستخبارات ومكافحة الإرهاب، فرض غرامات فورية في حالات الانحراف السلوكي مثل التحرش في الشارع وتوجيه الشتائم وتدمير الممتلكات، تحسين عمل أجهزة الاستخبارات على مختلف المستويات، وتشكيل خلية استخبارات خاصة لمكافحة داعش تضم من 50 إلى 100 موظف، إنشاء مراكز خاصة للأشخاص المتطرفين.
أما مارين لوبن، فتسعى لتعيين 15 ألف شرطي ودركي إضافيين، استعادة أجهزة الاستخبارات الميدانية، وضع خطة لنزع الأسلحة في الضواحي المعنية بالاتجار في السلاح، استهداف نحو خمسة آلاف زعماء عصابات إجرامية حددتهم وزارة الداخلية، تحديث معدات قوات الأمن.
قضية الهجرة:
يريد ماكرون جعل إتقان اللغة الفرنسية معيارًا أساسيا للحصول على الجنسية الفرنسية، البت نهائيا في طلبات اللجوء في مدة تقل عن ستة أشهر، تعزيز تعلم اللغة الفرنسية عند طالبي الجنسية.
أما لوبن، فتريد تقليل الحد الأقصى السنوي للاستقبال المهاجرين الشرعيين إلى 10 آلاف شخص، استعادة الحدود الوطنية والخروج من اتفاقية شنجن حول حرية تنقل الأشخاص في 26 دولة من بينها 22 في الاتحاد الأوروبي، وذلك حال فشلت في التوصل إلى تسوية مع القادة الأوروبيين لتعديل اتفاقات الاتحاد الأوروبي.
كما تريد تعيين 6 آلاف موظف في شرطة الحدود خلال ولايتها الرئاسية، إلغاء حق الأرض للحصول على الجنسية وإلغاء نظام الجنسية المزدوجة حال كان الشخص ينتمي لدولة غير أوروبية، إنهاء نظام الحصول التلقائي على الجنسية عن طريق الزواج، وكذلك نظام "لم شمل الأسرة"، وعدم منح من اللجوء حال لم يقدم الطلب في البلد الأصلي او في بلد مجاور.
القضايا الدولية:
يريد ماكرون المطالبة بتوسيع مجلس الأمن ألدولي، وتحديد إطار لاستخدام الفيتو في حالات القتل الجماعي.
أما لوبن فتريد وضع سياسة تنموية مشتركة مع دول أفريقيا.
القضاء:
- يريد ماكرون بناء 15 ألف مكان إضافي في السجون، تسهيل الإجراءات القضائية وتقليل مدة التقاضي في بعض النزاعات، استحداث خدمة عامة رقمية للعدالة، إلغاء نظام التخفيف التلقائي للعقوبات، وزيادة عدد مراكز التأهيل المغلقة للقاصرين الجانحين الخطرين.
أما لوبن، فتعتزم استحداث عقوبة بالسجن المؤبد غير قابلة للتخفيف، إنشاء 40 ألف مكان إضافي في السجون، معاودة العمل بنظام الطرد التلقائي للمجرمين الأجانب، زيادة أعداد القضاة، وقف المساعدات الاجتماعية التي يتلقاها أولياء أمور القاصرين الذين لديهم سوابق إجرامية.
أوروبا:
يريد ماكرون إنشاء مجلس أمن أوروبي وصندوق أوروبي للدفاع وكذلك برلمان لمنطقة اليورو وتعيين وزير للاقتصاد والمالية في منطقة اليورو والتصويت على موازنة منطقة اليورو من قبل البرلمان المزمع تشكيله. جعل الدخول للأسواق العامة قاصرا على الشركات التي تنفذ ما يقل عن نصف إنتاجها في أوروبا، اقتراح تعزيز شرطة الحدود الأوروبية، إنشاء سوق موحد للرقمية وآخر للطاقة في أوروبا، تعميم برنامج "ايراسموس" للتبادل الطلابي لتمكين 220 ألف طالب من الاستفادة منه.
ومن جهتها، تسعى مارين لوبن لإعادة التفاوض مع الشركاء الأوروبيين ثم تنظيم استفتاء بشأن بقاء فرنسا في الاتحاد الأوروبي، ترفض اتفاقات التبادل الحر لاسيما مع كندا والولايات المتحدة، وتطالب بوقف العمل بالقانون الأوروبي حول العمالة المعارة.
المؤسسات:
يريد ماكرون أن يقوم رئيس الجمهورية بعرض حصاد عمله مرة واحدة في السنة أمام البرلمان، منع المسؤولين المنتخبين من تعيين أفراد أسرتهم كمساعدين برلمانيين، أن يكون السجل الجنائي خاليا للمرشحين لوظائف منتخبة، تعميم التصويت الالكتروني بحول عام 2022، تقليص عدد أعضاء غرفتي البرلمان.
أما لوبن فتريد خفض عدد أعضاء مجلس النواب إلى 300 ومجلس الشيوخ إلى 200، إجراء استفتاء شعبي بطلب ما لا يقل عن 500 ألف ناخب، تنظيم استفتاء قبل مراجعة الدستور.
الاقتصاد:
يريد ماكرون إلغاء 120 ألف وظيفة في الجهاز الحكومي وخفض الضرائب على الشركات وخفض الإنفاق بواقع 60 مليار يورو.
أما مارين لوبن فتريد استعادة العملة الوطنية (الفرنك)، ومكافحة التزوير الاجتماعي والضريبي، وخفض الأعباء الضريبية على الشركات الصغيرة والمتوسطة وتسهيل حصولها على قروض.
الزراعة:
يسعى ماكرون لإطلاق خطة انتقالية زراعية بخمسة مليارات يورو، وتقديم دعم مالي للمزارعين لقاء الخدمات البيئية التي يقدمونها، دعم صغار المزارعين ومنحهم قرضا بدون ضمان يصل إلى 50 ألف يورو.
أما لوبن، فتريد التحول من سياسة زراعية أوروبية إلى سياسة فرنسية، ومنح الأولوية للمنتجات الزراعية الفرنسية، لا سيما من خلال الطلبيات التي تتعاقد عليها المؤسسات العامة، وإعفاء شباب المزارعين من الضرائب في السنوات الأولى.
التعليم:
يريد ماكرون تعيين 12 ألف مدرس إضافي في الصف الأول والثاني الابتدائي في المناطق ذات الأولوية من بينهم من 4 إلى 5 آلاف خلال ولايته الرئاسية الأولى، منع الهواتف المحمولة في الصف الابتدائي والإعدادي، تقليص عدد التلاميذ إلى 12 فقط في الصفين الأول والثاني الابتدائي وذلك في المناطق ذات الأولوية.
أما لوبن، فتريد في المرحلة الابتدائية تخصيص نصف الوقت الدراسي لتدريس الفرنسية، فرض العلمانية والأمن في المدارس، وكذلك الزِّي المدرسي، وإعادة النظر في عدد أيام الدراسة في الأسبوع.
العلمانية:
يريد ماكرون التطبيق الصارم للعلمانية، تطوير معرفة الأديان بالمدرسة، عدم اتساع حظر الحجاب إلى الجامعات وإغلاق دور العبادة التي تمجد الإرهاب.
أما لوبن، فتريد توسيع تطبيق العلمانية في كل المناطق العامة وإدراجها في قانون العمل، إدراج بند في الدستور ينص على أن الجمهورية لا تعترف بأي طائفة، فرض تطبيق صارم للعلمانية في كل المراكز الرياضية.
حقوق المرأة:
يريد ماكرون المساواة بين الرجال والنساء في المناصب العليا بالدولة، إطلاق حملة ضد التحرش والعنف ضد المرأة، نشر أسماء الشركات التي لا تلتزم بالمساواة بين الرجال والنساء، الدفاع عن حق الإجهاض.
أما لوبن، فتسعى لوضع خطة للمساواة في الرواتب بين الجنسين.
سن التقاعد:
يريد ماكرون رفع المساعدة المالية الممنوحة للمسنين أصحاب الدخل المنخفض بواقع مئة يورو شهريا والإبقاء على سن التقاعد الحالي (62 عاما) وقيمة المعاشات، واستحداث نظام معاشات عام يخضع لقواعد مشتركة، وإلغاء نظام معاشات البرلمانيين.
أما لوبن، فتسعى لإعادة سن التقاعد إلى 60 عاما، وتشترط منح المساعدة المالية للمسنين لحاملي الجنسية الفرنسية أو المقيمين بفرنسا لمدة لا تقل عن 20 عاما.
البيئة:
يريد ماكرون تخصيص 15 مليار يورو من أجل التحول في الطاقة والبيئة، وإغلاق كل محطات الكهرباء التي تعمل بالفحم، وعدم منح تصاريح للتنقيب عن المحروقات، وحظر عمليات التنقيب عن الغاز الصخري، ورفع ضريبة الكربون إلى 100 يورو مقابل كل طن لثاني أوكسيد الكربون في عام 2030، ومضاعفة قدرات فرنسا في توليد الكهرباء من طاقة الرياح والطاقة الشمسية بحلول عام 2022.
أما لوبن، فتريد الإبقاء وتحديث وتأمين المنشآت النووية، وتعارض إغلاق أقدم محطة نووية في فيسنهايم بشمال شرقي البلاد، وتعتزم حظر التنقيب عن الغاز الصخري طالما الظروف غير مهيأة، وحظر الكائنات المعدلة وراثيا، والذبح دون تدويخ الحيوان، وجعل حماية الحيوانات أولوية وطنية.
وبحسب استطلاعات الرأي العام الفرنسي، فإن زعيم حركة "إلى الأمام" إيمانويل ماكرون سيفوز بالدور الثاني بنحو60% من الأصوات، إلا أن هناك إمكانية فوز مارين لوبن التي تكثف من جولاتها الميدانية، خاصة أنها عقدت - في خطوة غير مسبوقة - تحالفا مع حزب آخر "انهضي فرنسا" اليميني الذي يتزعمه نيكولا دوبون-إنيان المرشح الخاسر في الدور الأول.