تمثل المزرعة المصرية في زامبيا قصة نجاح حقيقية للعقول والخبرات المصرية فى إفريقيا، وتؤكد أن مصر تمتلك الكثير من الخبرات التي تساهم في نشر صورة إيجابية عنها في الخارج حال توافر الظروف والأدوات التي تساعد على تحقيق هذا النجاح، ومن بين الخبراء المصريين الذين يعكسون هذه الصورة الدكتور هانى درويش مدير المزرعة المصرية المشتركة مع دولة زامبيا وخبير المحاصيل والدكتور نور السعدونى نائب مدير المزرعة وخبير البساتين.
تقع المزرعة المصرية فى زامبيا على مساحة 250 هكتارًا (600 ) فدان، في مدينة مومبيشي التي تبعد عن العاصمة لوساكا 45 كيلو مترا، وتم توقيع مشروع اتفاقية المزرعة بين مصر ممثلة في وزارة الزراعة وزامبيا ممثلة في وزارة الداخلية، وتبلغ مدة الاتفاقية خمس سنوات يتم تجديدها باجتماع الطرفين لمناقشة خطة الزراعة خلال عام سابق، والأرباح التي تحققت، والأنشطة المنفذة ومناقشة الخطة المستقبلية للمزرعة العام القادم.
ويبذل الخبيران جهودا كبيرا في تنمية المزرعة واستغلال كل جزء فيها للحصول على أفضل محصول، كما يقومان بتدريب الزيمبابويين على أحداث أساليب التكنولوجيا فى الزراعة وتقييم الأصناف المصرية تحت الظروف الزامبية.
و تهدف المزرعة المصرية فى زامبيا إلى زيادة التواجد السياسي المصري في الدول والتجمعات الإفريقية المختلفة، وزيادة التعاون الاقتصادي مع الدول الإفريقية وخاصة دول الحوض لتأمين موارد مصر المائية وكذلك نقل الخبرة والتكنولوجيا الزراعية المصرية في المجالات الزراعية المختلفة إلى الدول الإفريقية.
كما تعد المزرعة منصة لإيفاد خبراء مصريين للعمل في مزارع مشتركة في تلك الدول وفتح أسواق إفريقية جديدة أمام المنتجات الزراعية المصرية وتصدير أصناف المحاصيل والفاكهة المصرية إلى تلك الدول وفى الوقت ذاته كانت المزرعة المصرية فى زامبيا قبلة لزيارات هامة من قيادات الدولة فى زامبيا ووفود بلدان أفريقية وغربية أخرى للتعرف على تلك التجربة ( الأفريقية -الأفريقية) الرائدة حيث زارت المزرعة وفود من دول، ناميبيا، وبتسوانا، وزيمبابوي، وأوغندا، وطالبت بإنشاء مزارع مصرية على أراضيها مماثلة للمزرعة المصرية في زامبيا.
وحققت المزرعة المصرية فى زيمبابوي طفرة كبيرة في إنتاج شتلات الطماطم بأعلى جودة في زامبيا، ويتم بيع المحصول للمزارعين هناك.
وتعكف إدارة المزرعة حاليًا من خلال الإدارة التنفيذية في القاهرة على استجلاب أصناف الطماطم والفلفل والكرنب من معهد بحوث البساتين للتقييم تحت الظروف الزامبية وإدخال تلك الأصناف في التوزيع المحلي، وفي حال نجاح هذه التجربة ستحقق المزرعة بفضل الإدارة المصرية طفرة كبيرة كما تحقق في زراعة أصناف المانجو المصرية.
وتم تقييم أصناف القمح من معهد بحوث المحاصيل وأثبتت 4 أنواع منها تفوقها تحت الظروف الزامبية، وتمكن الخبراء المصريون من رفع متوسط انتاج الهكتار في زامبيا من خمسة إلى 7 أطنان، باتباع التوصيات الفنية واستخدام السماد العضوي والزراعة بالكثافة النباتية المناسبة والقدرة على السيطرة على الحشائش.
كما يشكل مجال التدريب الذي يقوم به الخبراء المصريون لضباط ومساجين وزارة الداخلية الزامبية فرصة كبيرة لهؤلاء الضباط والمساجين فرصة كبيرة للاستفادة من الخبرات المصرية.
ويتم من خلال دورات وورش عمل تدريب المساجين وإكسابهم خبرة في مجال الزراعة، ورفع كفاءتهم، ما يسهل عليهم إيجاد فرص عمل بعد انتهاء محكومياتهم، كما يتم تدريبهم واطلاعهم على جميع أنظمة الري والمعدات الزراعية.
مرت المزرعة المصرية فى زامبيا بعدة مراحل من التطور وفق الخطة الموضوعة لها، المرحلة الأولى من الاتفاقية (2006 ــ 2011) كان يتم خلالها الاعتماد على تحسين إنتاجية (الذرة الشامية) التي تعتبر محصول الغذاء الأساسي للشعب الزامبي، وأرسلت مصر 3 مديريين متتاليين للمزرعة، هم د.محمد حافظ، ود. محمد سليمان، ود. شابون عبدالعزيز.
امتدت المرحلة الثانية من تطوير المزرعة فيما بين عامى (2011 - 2016 ) واشتملت على خمسة أنشطة وهى كما يلي:
النشاط الأول: يعتمد على إدخال زراعات الفاكهة مثل (المانجو، والموالح والفواكه المتساقطة "الخوخ، المشمش"، والتين، والرومان) بحوالي 10 آلاف شتلة منهم 9 آلاف مانجو وموالح.
النشاط الثاني: اعتمد على إنتاج تقاوي فول الصويا بالتعاون مع المركز الدولي للزراعة في المناطق الاستوائية.
النشاط الثالث: اعتمد على تحسين إنتاجية الذرة الشامية، والفول الصويا تحت ظروف الأمطار، ووصل إنتاج الذرة الشامية إلى 6.5 طن للهكتار والفول الصويا 2.5 طن للهكتار.
النشاط الرابع: اعتمد على إدخال زراعة القمح كمحصول تجاري واقتصادي بالمزرعة وتعزيزه بالأصناف المصرية والتي أثبتت تفوقها على الأصناف المحلية.
النشاط الخامس: اعتمد على إنشاء الصوب الزراعية لإنتاج شتلات الطماطم،وتعتبر الطماطم والكرنب من أهم المحاصيل التي يتم تداولها في زامبيا.
كما تم خلال هذا النشاط، زراعة محصول الطماطم والكرنب تحت نظام الري بالتنقيط والتسويق داخل الأسواق الزامبية، وكانت المرحلة الثانية تحت إدارة الدكتور ماهر عبدالمنعم المغربي، والدكتور هاني عبد العاطي درويش.
وتمتد "المرحلة الثالثة" من خطة تطوير المزرعة المصرية فى زامبيا فيما بين عامى (2016 - 2021 ) تشمل سبع أنشطة رئيسية وهى انتاج تقاوي الذرة الشامية، وتم إنتاج " الهجن" المتميزة ذات المحصول العالي وبيعها للمزارعين لزراعتها في الموسم التالي، ويلى ذلك إنتاج تقاوي القمح تمهيدا لزراعتها على مساحات كبيرة وكذلك تشمل هذه المرحلة من خطة المزرعة إنتاج "الكمبوست" وهو السماد العضوي الذي يصنع من مخلفات المحاصيل المختلفة في المزرعة، ويستخدم لزيادة المادة العضوية للتربة عن طريق الإضافة، أو بيعه للمزارعين المجاورين أو الشركات.
ويجرى التخطيط للتوسع في زراعات الخضر (الطماطم، الكرنب) وإدخال أصناف وهجن خضر مصرية لتقييمها تحت الظروف الزامبية وكذلك التوسع فى عدد الصوب الزراعية لمجابهة الطلبات المتزايدة على شراء الشتلات المصرية فضلا عن تنفيذ برنامج لإدخال زراعات فاكهة جديدة مثل العنب من مصر.
ويتضمن برنامج تطوير المزرعة المصرية فى زامبيا حتى العام 2021 إنتاج شتلات الفاكهة للأصناف المصرية المتواجدة في المزرعة، وتم إنتاج الطعوم لأصناف المانجو المختلفة والموالح المصرية وبيعها للشركات الاستثمارية والمزارعين الزامبيين باسم الأصناف المصرية مثل أصناف (تومي، ونعومي، وعويس).. كما تم إنتاج أصناف البرتقال الصيفي وأبوسرة، واليوسفي وتتم هذه المرحلة حاليًا تحت إشراف الدكتور هاني عبدالعاطي درويش مدير المزرعة، والدكتور نور السعدوني، نائب مدير المزرعة، وخبير المحاصيل البستانية.
وفي ظل هذا التقدم الزراعي المصري طلب الجانب الزامبي إضافة مساحات زراعية للمزرعة المصرية الزامبية المشتركة في مناطق أخرى في الدولة يتم من خلالها إدخال زراعة أصناف القمح المصرية التي تثبت تفوقها على مساحات كبيرة، في ظل اهتمام الرئيس الزامبي إدجار لونجو بزراعة أصناف القمح المصرية والتوسع في إنشاء الصوب الزراعية لإنتاج شتلات الطماطم والكرنب نظرا للخبرة المصرية الكبيرة في هذا النشاط.
كذلك طلب الجانب الزامبى من مصر إنتاج "هجن" الذرة الشامية المتفوقة وتحقيق الاكتفاء الذاتي لكل مزارع مصلحة السجون الزامبية من هذه الهجن المنتجة من خلال الخبراء المصريين وكذلك إدخال زراعة أصناف القطن المصرية طويلة التيلة والتوسع في زراعات الفاكهة المصرية مثل المانجو والتين وكما أبدى الجانب الزامبى رغبة فى زيادة عدد المتدربين الزامبيين في مصر في مجالات الزراعة المختلفة.
ويعكس التواجد المصري من خلال مشروع المزارع المشتركة تنمية القطاع الزراعي الإفريقي، والمساهمة في تحقيق التنمية المستدامة لتلك الدول الإفريقية وإكساب الأشقاء الأفارقة العاملين في تلك المزارع المهارات الفنية اللازمة من خلال الاحتكاك بالخبراء المصريين في تلك المزارع.