هناك آلية في الدستور الأميركي لمحاكمة المسؤولين الكبار تسمى"Impeachment"، إذ توجه السلطة التشريعية التهم للمسؤول استنادًا إلى تحقيق خاص تطلبه، وفي حال الاتهام تجرى المحاكمة برئاسة القاضي الأعلى في المحكمة العليا ويكون مجلس الشيوخ هيئة المحلفين.
حدث ذلك من قبل مع رؤساء أميركيين أفلت أحدهم من الإدانة بفارق صوت واحد، واستقال آخر فلم تجر المحاكمة، واعتذر ثالث للكونجرس والشعب فتفادى المحاكمة.
ومع تعيين مدير سابق لمكتب التحقيقات الفيدرالي ليقود تحقيقًا خاصًا في مسألة علاقة الرئيس دونالد ترامب بالروس وما إذا كان حاول إعاقة عمل العدالة، وطلب الكونغرس شهادة علنية من مدير المكتب المقال جيمس كومي، يتصاعد الحديث في الولايات المتحدة عن إمكانية محاكمة ترامب، ومن ثم عزله في حال الإدانة.
ويتطلب توجيه الاتهام وبدء المحاكمة موافقة مجلس النواب بالكونجرس بأغلبية الثلثين، وتتطلب الإدانة وخلع الرئيس من منصبه موافقة أغلبية الثلثين في مجلس الشيوخ.
حالات سابقة
في عام 1868 واجه الرئيس أندرو جونسون محاولتين فاشلتين لمحاكمته "لم تصوت أغلبية ثلثي النواب على بدء محاكمة"، وفي المرة الثالثة "بعد إقالته وزير الدفاع" صوت النواب بأغلبية 126 مقابل 47 صوتا لمحاكمته بتهم "الجرائم الشنيعة وسوء التصرف".
لكن في المحاكمة أفلت من الإدانة والعزل بفارق صوت واحد، إذ صوت الشيوخ بنسبة 35 مقابل 19 لعزله.
كانت تلك محاكمة لأسباب سياسية نتيجة معارضة الرئيس لمنح الحقوق السياسية للعبيد المحررين، وغيرها من الصدامات مع الكونجرس.
وفي عام 1974 استقال الرئيس ريتشارد نيكسون في ذروة فضيحة "ووترغيت" قبل أي تصويت على محاكمته في الكونجرس.
وفي عام 1998 واجه الرئيس بيل كلينتون تحقيقًا خاصًا بشأن "علاقة غير مناسبة" مع متدربة في البيت البيض، فيما سميت وقتها "فضيحة مونيكا لوينسكي"، إذ أنكر الرئيس في البداية أنه أقام علاقة جنسية مع مونيكا.
ووافق مجلس النواب بأغلبية الثلثين على توجيه تهمتين للرئيس ومحاكمته، لكن الرئيس اعترف بغلطته واعتذر علنا وطلب الصفح من الكونجرس والشعب وزوجته هيلاري كلينتون،وفي المحاكمة لم يصل التصويت إلى حد الثلثين فبقي كلينتون ليكمل مدة رئاسته.
حالة ترامب
تقنيا، بدأت عملية محاكمة الرئيس بقرار وزارة العدل إجراء تحقيق خاص في موضوع العلاقة مع روسيا، لكن التحقيق الذي يمكن أن يستمر عدة أشهر يحتاج لأن يخلص إلى "أدلة على خطأ الرئيس" حتى يمكن لمجلس النواب تحديد تهم والتصويت عليها واتخاذ قرار المحاكمة.
ثم بعد ذلك تجري المحاكمة، وتحتاج إدانة ترامب ثم عزله تصويت ثلثي مجلس الشيوخ ضده.
وحتى الآن لا يوجد ما يمكن اعتباره بمثابة "دليل دامغ" على تواطؤ ترامب مع الروس بما يبرر تهمة "الخيانة"، وحتى إعاقة تحقيق رسمي بطلبه من جيمس كومي قفل التحقيق ليست مؤكدة.
وحتى النواب من الحزب الديمقراطي المعارض لا يجدون حتى الآن أسسا قوية لمحاكمة الرئيس، لكن التحقيقات قد تحمل مفاجآت.
مع ذلك، ونتيجة الأغلبية المريحة للحزب الجمهوري في مجلسي الكونجرس، لن يكون تمرير قرار محاكمة الرئيس وإدانته سهلاً.
ومرة أخرى، ومع ما يمكن أن تسفر عنه التحقيقات، لا يمكن تخمين إذا كان لبعض النواب والشيوخ الجمهوريين أن ينقلبوا على رئيسهم.