بدأ الإيرانيون اليوم التصويت في الانتخابات الرئاسية التي يتنافس فيها الرئيس الإصلاحي المنتهية ولايته حسن روحاني، ورجل الدين المحافظ إبراهيم رئيسي.
وفتحت مكاتب الاقتراع أمام 56.4 مليون ناخب مدعوّين للاختيار من خلال هذين المرشحين بين مواصلة سياسة الانفتاح التي ينتهجها روحاني والنهج المتشدد الذي يدعو إليه رئيسي.
إقبال كثيف
في طهران ومدن أخرى، بدا الإقبال قوياً منذ فتح صناديق الاقتراع مع طوابير طويلة، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية.
وبث التلفزيون الرسمي مشاهد تُصور طوابير طويلة خارج مراكز الاقتراع في عدة مدن، وقال إن هناك 56 مليوناً يحق لهم التصويت من بين السكان الذين يزيد عددهم على 80 مليون نسمة.
وكان المرشد الأعلى للجمهورية، علي خامنئي، من بين الأوائل الذين أدلوا بأصواتهم ودعا مواطنيه إلى التصويت "بكثافة وفي أبكر وقت ممكن".
وقال خامنئي أمام الصحفيين قبل أن يدلي بصوته في منزله بطهران: "عندما نقوم بعمل جيد علينا الإبكار بذلك قدر الإمكان".
وتتخذ هذه الانتخابات شكل استفتاء بين روحاني (68 عاماً) ورئيسي (56 عاماً) القريب من خامنئي والذي يريد تعزيز الاقتصاد الوطني.
وتغلق مراكز الاقتراع أبوابها الساعة السادسة مساء وإن كانت السلطات تمدد عادة ساعات التصويت.
انعدام الثقة بين طهران وواشنطن
ولا يزال انعدام الثقة بين طهران وواشنطن اللتين قطعتا علاقاتهما الدبلوماسية بُعيد قيام "الثورة الإسلامية" في عام 1979- سائداً. فالسير بالاتفاق النووي ترافق مع عقوبات أميركية جديدة مرتبطة ببرنامج إيران للصواريخ الباليستية.
ويشارك ترامب خلال عطلة نهاية الأسبوع في قمة مع قادة العالم الإسلامي في السعودية، المنافس الإقليمي الرئيسي لطهران.
ورغم عداء واشنطن المعلن تجاه بلاده، يطمح روحاني إلى مواصلة الانفتاح على العالم؛ بهدف جذب مزيد من الاستثمارات، في حين يريد رئيسي الدفاع عن الطبقات الأكثر حرماناً من خلال إعطاء الأولوية لـ"اقتصاد المقاومة" الذي يركّز على الإنتاج والاستثمارات المحلية.
وإضافة إلى الاتفاق النووي، يأتي في صالح روحاني أيضاً الانخفاض الملحوظ في معدل التضخم الذي كان 40% عام 2013 وبات نحو 9.5% حالياً.
ولا يُشكّك رئيسي في الاتفاق النووي الذي وافق عليه المرشد الأعلى، لكنّه ينتقد نتائج هذه التسوية التي لم يستفد منها الإيرانيون الأكثر فقراً والتي اجتذبت استثمارات ضئيلة مقارنةً بما كان متوقعاً.
وخلال التجمع الأخير الذي نظمه الأربعاء في مشهد (شرق)، قال رئيسي: "بدلاً من استخدام قدرات شبابنا، إنهم (روحاني وحكومته) يضعون اقتصادنا في أيدي الأجانب".
وسلّط رئيسي الضوء على الأرقام السيئة للبطالة التي تطول 12.5% من السكان و27% من الشباب، متهماً حكومة روحاني بأنها لم تعمل سوى لصالح "الأوليغارشيّة الأكثر ثراء" في البلاد والتي لا تمثل سوى 4 في المائة من السكان، على حد قوله.
وسيكون من الصعب التكهن بنسبة المشاركة في الانتخابات، في وقت دعا العديد من القادة إلى مشاركة كثيفة.
وقال المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، الأربعاء: "إن المسؤولين الأميركيين والأوروبيين والصهاينة يراقبون انتخاباتنا؛ ليروا مستوى المشاركة"، معتبراً أنه متى كانت هذه المشاركة "كبيرة فإنّ حكمهم سيكون مختلفاً".
وفي أحياء طهران الشعبية الأكثر تضرراً من البطالة والفقر، تسود اللامبالاة حيال من سيفوز؛ بسبب انعدام الثقة بالتغييرات التي يمكن أن يحققها الرئيس المقبل كائناً من يكون.
وتجري الانتخابات الرئاسية بالتزامن مع انتخابات بلدية. وسيتمثل التحدي الأهم في المدن الكبرى، مثل طهران ومشهد (شرق) وأصفهان (وسط)؛ لمعرفة ما إذا كان المعتدلون سيتمكنون من انتزاعها من المحافظين.
توترات سياسية متصاعدة
وفي تحذير نادر سلط الضوء على التوترات السياسية المتصاعدة حث الرئيس حسن روحاني الحرس الثوري وميليشيا الباسيج التابعة له، والمتوقع أن يؤيد أفرادها رئيسي، على عدم التدخل في الانتخابات.
وكانت الشكوك في أن أفراد الحرس الثوري وميليشيا الباسيج زوروا نتائج الانتخابات لصالح الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد في 2009 قد تسببت في احتجاجات دامت ثمانية أشهر في جميع أنحاء البلاد. وتقول منظمات حقوقية إن عشرات قتلوا واعتقل المئات في أكبر اضطرابات في تاريخ الجمهورية الإسلامية.
وتُجرى هذه الانتخابات بعد يومين من قرار واشنطن تمديد تخفيف العقوبات على إيران بموجب الاتفاق النووي الموقع عام 2015 بين طهران والقوى العالمية الست، وبينها الولايات المتحدة.
ويُعتبر ذلك خبراً سارّاً للرئيس روحاني الذي انتُخب عام 2013 وقضى معظم فترة ولايته التي امتدت 4 سنوات في التفاوض على الاتفاق النووي الذي سمح بانفتاح بلاده سياسياً واقتصادياً.