تعقد غدًا الأربعاء، ولمدة يومين، بالعاصمة الأوغندية كمبالا قمة رؤساء دول حوض النيل للمرة الأولى فى تاريخها، حيث يعد حدثا تاريخيا فريدًا، لكونها تعتبر القمة الأولى التي تجمع جميع دول حوض النيل، ومن ثم تفتح المجال أمام استشراف مجالات رحبة للتعاون تتجاوز ملف المياه لتشمل قطاعات تنموية عديدة.
- نقاط خلافية:
وستناقش القمة بحث النقاط الخلافية حول اتفاقية عنتيبي والموقف المصري الجديد، بشأن الاتفاقية عقب توقيع ست دول عليها من دول حوض النيل والتى تنص على أن التعاون بين دول مبادرة حوض النيل يعتمد على استخدام المنصف والمعقول للدول، ومناقشة وثيقة جديدة، تتضمن عددًا من المبادئ الحاكمة لإدارة مياه النيل، وآليات التعاون المشترك، وتحديد الخطوط الرئيسية لآليات التعاون بين دول حوض النيل بما يحفظ الأمن المائى للجميع، ويرسخ مبدأ عدم الضرر، على غرار اتفاق المبادئ الذي تم توقيعه، فيما يخص سد النهضة، بالإضافة إلى دراسة فنية للقيام بمشروعات، للاستفادة من الفواقد المائية المهدرة في الغابات، واستكمال مشروعات التعاون المشتركة، التي كانت قد أقرتها مبادرة حوض النيل، وتوقفت بعد توقيع اتفاقية عنتيبي بواسطة "إثيوبيا وأوغندا وكينيا وتنزانيا وروندا وبوروندي" في مايو 2010.
- مشاركة مصر:
ومن المتوقع أن تشارك مصر فى القمة لفتح صفحة جديدة وتقديرا لجهود الرئيس الأوغندي موسوفينى الذى ينادى بعقد قمة دول حوض النيل منذ عدة سنوات لاعتقاده أن القمة يمكن أن تجد الحلول لكثير من مشكلات دول الحوض، التى فشل الفنيون والوزراء المختصون فى ايجاد حلول صحيحة لها تضمن تحقيق الأمن المائى لكل دول الحوض والحفاظ على وحدة دول الحوض،وستسعى مصر لبحث سبل التعاون مع جميع دول الحوض دون أي شروط وأنها تأمل في أن يدرك الأشقاء في حوض النيل أن جميع تجارب التعاون في أحواض الأنهار المشتركة في أفريقيا وغيرها من المناطق على مستوى العالم تأسست على مبادئ تحقيق المكاسب المشتركة وعدم الإضرار بمصالح أي دولة من الدول المشاطئة للنهر ومن ثم فإن دول حوض نهر النيل آن الآوان لأن تقدم نموذجا إضافيا لمثل تلك التجارب الناجحة.
وتوجه وزير الخارجية سامح شكرى للعاصمة الأوغندية أمس لحضور الاجتماعات التحضيرية للقمة وحضور اجتماع وزراء الخارجية لدول حوض النيل حاملا توجيهات الرئيس السيسى ببذل كل جهد لتوفير عوامل النجاح للقمة والعمل على تقريب وجهات النظر والمواقف حول ملف مياه النيل من خلال التركيز على آفاق التعاون وتحقيق المكاسب المشتركة وتوسيع دائرة التعاون لتشمل جميع القطاعات التنموية، بل والتعاون الثقافي والأمني والتنسيق السياسي أيضًا وبما يحقق طموحات وتطلعات شعوب دول حوض النيل في التنمية والاستقرار والتحديث والتطوير.
- تجميد مصر لعضويتها:
وكانت مصر جمدت عضويتها فى مبادرة حوض النيل فى أكتوبر 2010 م، كرد فعل بعد توقيع دول منابع النيل على اتفاقية "عنتيبي"، دون حسم الخلاف على الثلاثة بنود الخلافية التى لا تزال قيد البحث والتفاوض وهى الإطار المسبق بأى مشاريع تقام على النيل أو خطط مستقبلية تتعلق بنهر النيل، وتصويت الأغلبية على الاتفاقية الجديدة وهذا يمنح الدول الموقعة القدرة على حسم عملية التصويت لصالحها وتمرير كل المشاريع حتى لو اضرت بمصلحة دول المصب،وإدراج حقوق مصر والسودان التاريخية والقانونية فى الاتفاقية الجديدة من محاور الخلاف الأساسية بين مصر والسودان وبين الدول الست التى رفضت إدراج الاتفاقيات السابقة ضمن الاتفاقية الاطارية الجديدة.
وشكل اتفاق عنتيبى ضربة قوية لمبادرة دول حوض النيل التى تأسست عام 1999،فهناك اختلاف جوهرى فى الرؤية المصرية السودانية لقضية مياة النيل ورؤية أغلبية أعضاء حوض النيل فمصر والسودان تؤكدان أن لهما حقوقا تاريخية وقانونية واحتياجات حيوية فى مياه النيل أما الجانب الأفريقى فينظر إلى القضية على أنها حقوق عادلة تتساوى فيها كل الأطراف وأن الاتفاقيات القديمة نشأت فى عهود استعمارية يجب ألا تسود الآن بعد التغيرات التى شهدتها القارة السوداء.
- حقائق عن القمة:
ويرى المراقبون أن هناك عدة حقائق هامة ينبغى أن تكون أمام جميع دول حوض النيل وأولى هذه الحقائق أن الخلاف بين دول الأنهار خاصة دول المصب، ودول المنبع خلافات قائمة فى معظم أحواض الأنهار وتحتاج إلى صبر حيث تعتقد دول المنبع أن من حقها أن تفرض سيادتها الوطنية على الأنهار التى تنبع أو تجرى فى أراضيها، وأن دول المصب تجنى فوائد ضخمة على حسابها،وفى معظم الاحوال يطول التفاوض سنوات طويلة إلى أن تسود علاقات الثقة بين دول الحوض بأكمله وتفطن كل الأطراف إلى أهمية تعاون الجميع من أجل حسن استخدام مياه النهر وتعظيم موارده المائية.
وثانى هذه الحقائق هو أن تدفق مياه النيل إلى مصر لا يضمنه فقط حقوقها التاريخية التى تنظمها اتفاقات دولية بضرورة استمرار سريانها إلى أن يتم التوافق على تغييرها ولكن ما يضمن تدفق مياه النيل إلى مصر أيضا ترتيبات كونية جغرافية يستحيل تغييرها جعلت روافد النيل فى الهضبة الأثيوبية تمر فى خوانق جبيلة ضيقة وعميقة ذات انحدارات ضخمة تجعل التحكم فى مياه هذه الأنهار امرا مستحيلا خاصة أن المياه تكون محملة بملايين الأطنان من الرواسب التى يصعب وقفها.
وثالث هذه الحقائق أن نهر النيل يستطيع بموارده المائية الضخمة أن يكفى احتياجات جميع دول الحوض العشر اذا ركزت دول الحوض اهتمامها على المستقبل أكثر من اهتمامها بالماضى ونشطت فى تعاونها المشترك من أجل تنمية موارد النهار وليس إعادة توزيع حصصه أو الأنتقاص من حقوق دول المصب.
- بداية الأزمة:
وترجع بداية الأزمة لمحاولات دول المنبع فى تغير الاتفاقيات القديمة وإبرام اتفاق جديد ففى عام 2007 تم عقد مؤتمر لوزراء المياه فى دول الحوض فى "عنتيبى" حيث تم الاتفاق على رفع بند الامن المائى إلى رؤساء الدول والحكومات بحوض النيل لحل الخلافات حول الصياغة وإحالة بند الإخطار المسبق عن المشروعات إلى الهيئة الفنية لدول حوض النيل وفى عام 2009 فى اجتماع وزراء دول حوض النيل فى "كينشاسا"، نسقت دول المنبع السبع فيما بينها للضغط على دولتى المصب وخاصة مصر وفى يوليو من نفس العام اجتمع المجلس الوزارى السابع عشر لدول حوض النيل حيث سعت دول المنبع إلى فرض إقامة مفوضية لحوض النيل بغض النظر عن مشاركة دولتى المصب " مصر والسودان" عوضا عن الاتفاقيات القديمة لتوزيع حصص المياه من جديد.