ماذا بعد استعادة الموصل؟ سؤال يطرح كثيرا هذه الأيام مع النجاحات التي يحققها الجيش العراقي والمليشيات التابعة له في الموصل، آخر معاقل تنظيم ما يسمى "داعش"، وفي وقت بدأت فيه قوات المعارضة السورية خاصة الكردية، بدعم أمريكي الانقضاض على مدينة الرقة السورية، عاصمة التنظيم.
دراسة إسرائيلية صدرت مؤخرًا عن معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي تحت عنوان "العراق بعد تحرير الموصل"، ذهبت إلى أن الاطراف الخارجية العاملة في العراق بدء من الولايات المتحدة مرورا بإيران وتركيا، تستبعد أن تكون معركة الموصل هي الأخيرة، فسوف تتجدد المعارك من وقت إلى آخر على تعزيز السيطرة على العراق.
بالإضافة إلي ذلك فإن التحديات الأمنية والاقتصادية والسياسية التي واجهها العراق خلال الأعوام الماضية لا تزال قائمة، وسوف تتزايد خلال السنوات القادمة، ما يجعل من الصعب للغاية ترسيخ الاستقرار في البلاد.
ولفتت الدراسة التي أعدها الباحثان العميد احتياط "إلداد شافيت" و"جوش شوارتز" إلى أن تأثير إيران سيتزايد في العراق مع انهيار "الدولة الإسلامية"، فسوف تستغل طهران تلك الظروف في توسيع وتعميق اختراقها لكل طبقات الحكم.
إمكانية تصاعد الانقسام الشيعي داخل العراق قائمة بقوة في ظل الخصومة بين رئيس الحكومة السابق نوري المالكي والحالي حيدر العبادي على التأثير في حزب الدعوة الحاكم، وعمار الحكيم رئيس الأعلى الإسلامي العراقي، ومقتدى الصدر وجماعته التي تنافس على قيادة الشيعة بالعراق.
وبشكل مواز، هناك انقسام في المعسكر الكردي، علاوة على أن فكرة القومية الكردية المتصاعدة والسعي لإجراء استفتاء على استقلال كردستان في 25 سبتمبر 2017 تساهم في تزايد التوترات السياسية بين الأكراد والنظام في بغداد.
المعسكر السني أيضًا، وهو بالفعل هامشي في العملية السياسية بالعراق، يشهد انقساما كبيرا وشعورا بالاضطهاد، وهو ما يمثل تربة خصبة لإعادة ترسيخ "داعش".
وتزيد الانتخابات البلدية المزمع إجراؤها أواخر 2017 حال لم تؤجل، والانتخابات البرلمانية صيف 2018 صراعات القوى في العراق، فلا تبدي الفصائل الشيعية، والسنية والكردية، الممثلة في البرلمان، استعدادا لبلورة تفاهما على خطة مصالحة وطنية. على هذه الخلفية يتزايد نفوذ الشيعة في بغداد، إلى جانب تصاعد الشعور المناهض لهم، الذي أدى لصعود "داعش".
الصراع الشديد بين نوري المالكي ومقتدى الصدر، الذي هدد بمقاطعة الانتخابات القادمة إذا لم تجر إصلاحات في طريقة الحكم، يمكن ان يشعل توترات ومواجهات بين الشيعة الموالين لإيران وبين أولئك الذين يسعون للدفع نحو إجماع عراقي جديد غير مرتبط بإيران، أكدت الدراسة الإسرائيلية.